توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مدن الإسلام: جميع القلوب

  مصر اليوم -

مدن الإسلام جميع القلوب

بقلم - سمير عطا الله

قال اليعقوبي: «المدينة العظمى، التي ليس لها نظير في مشارق الأرض ومغاربها سعة وكبراً وعمارة وكثرة مياه وصحة وهواء... آثرها جميع أهل الآفاق على أوطانهم فليس من أهل البلد إلا ولهم فيها محلة أو متجر ومتصرف، فاجتمع بها ما ليس في مدينة بالدنيا».
بناها الخليفة المنصور على دجلة عام 762. وحملت في البداية اسمه، «مدينة المنصور»، لكن أهلها فضلوا عليه اسم «مدينة السلام» أو «دار السلام». وأصبحت في «قلب الإسلام»، كما قال المقدسي: «جميع القلوب تنتمي إليها، وجميع الحروب ضدها، وكل يد ترفع للدفاع عنها».
لكن مدينة السلام كانت أيضاً مدينة الحروب والشقاء بعد أمجاد طويلة. ومدينة الحجاج الذي رأى الرؤوس يانعة وحان قطافها. وبسبب جمالها وعظمتها ولدت حولها الأساطير. وروى الرواة من الحقائق والمخيلات كما في عصر الخليفة هارون الرشيد الذي أرفق بحكايات السندباد، وألف ليلة وليلة، سوف يتضح من السلسلة أنني أغفلت، إلا مضطراً، حديث النزاعات والكوارث والمجازر. وهي كثيرة. لكن الأكثر عدداً منها حقب الخير والكرم والعفو والخصائل الطيبة. وهذا خيار وليس خطأ أو تحويراً في التاريخ.
وفي غضون سنتين على وفاة هارون الرشيد في عام 809، وقعت بغداد في حربٍ شديدةٍ وطاحنة بين نجليه ووريثيه، الأمين والمأمون. وكان هذا النزاع الذي دمّر معظم المدينة ووضع نهاية لازدهار قلب بغداد السياسيّ والاجتماعيّ من انفجارٍ عنيفٍ واسع النطاق، وسلسلة من المعارك الدامية التي حملت طابعاً جنونياً أحياناً، راحت تتكرر في تاريخ مدينة السلام.
وفي أثناء الحرب الأهليّة في الأعوام من 811 إلى 813، وقعت المدينة أولاً تحت حصار المأمون الذي أمطرها بالحجارة والقنابل والصواريخ، وفتح نار مدافعه المنصوبة في أرجاء المدينة، ما دفع بالأمين إلى الانسحاب للمدينة الدائرية ليقف وقفته الأخيرة فيها، لكن الهجوم كان شرساً لغاية أنه اضطرّ إلى ترك قصر الخلد الخاص بالمنصور، ولم يشأ أن يذهب قبل أن يحرق ذاك المبنى الذي كان يحبّه البغداديون.
وبحسب الشاعر الخُريمي، أصبحت بغداد التي كانت «جنة على الأرض» و«منبعاً للسعادة» بقصورها المبهرة وحدائقها الرائعة وعازفي موسيقاها، «فارغة كأمعاء حيوانٍ برّي»، قاحلة، أشبه بجحيم محترق تولول في شوارعه أرامل الحرب وتنقضّ الكلاب على جثثه الهامدة. حتى إن النهر الذي يُشبّه بمرآةٍ لامعة، أو سلسلة من اللآلئ المعروضة على الصدر، فَقَد جماله، ولم يعد سوى مكان تُرمى فيه جثث الرجال والنساء والأولاد. وتلقَّت أجزاءٌ كبيرة من بغداد أضراراً جسيمة. وبعد أن طوقته قوات أخيه، حاول الأمين الهرب عبر النهر، لكنّ أعداءه ألقوا القبض عليه ولقيَ حتفه بطريقة أصبحت من بعدها مألوفة مكررة في تاريخ بغداد المضطرب والطويل: انهال الجنود عليه وقطعوا رأسه وجسده.
إلى اللقاء...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن الإسلام جميع القلوب مدن الإسلام جميع القلوب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon