توقيت القاهرة المحلي 22:21:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أزمة غوتيريش أم الأمم المتحدة؟

  مصر اليوم -

أزمة غوتيريش أم الأمم المتحدة

بقلم - إميل أمين

 

هل الأمين العام للأمم المتحدة في أزمة من جرَّاء تصريحاته بشأن ما يجري في غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؟ أم أن الأزمة في حقيقتها تتجاوزه إلى البنية الهيكلية للأمم المتحدة التي تبدو علائم الشيخوخة على محياها؟

منذ أن صرَّح أنطونيو غوتيريش بأن ما جرى هو ردة فعل طبيعية، تتعلق بمظالم فلسطينية لطيلة 56 عاماً من الاحتلال، وأبواب الغضب الإسرائيلي مفتوحة على الرجل، ومن ورائه المؤسسة الدولية، وقد نسى الجميع في تل أبيب أنها من «ساعدت على ولادة إسرائيل»، ففي عام 1947، أقرت الجمعية العامة -بما يخالف إرادة الدول العربية- خطة لتقسيم الأراضي الفلسطينية، مما مهد الطريق لتأسيس دولة إسرائيل بعد 6 أشهر فقط.

حكومة نتنياهو، وغالب الظن من يدعمها في الدوائر الغربية، وفي مقدمها الأميركية، لن تغفر للرجل «لحظة صدق»، تجاوز فيها «أكاذيب الدبلوماسية»، ووضع العالم أمام حقيقة باتت مخضبة بدماء الأطفال صباح مساء كل يوم في غزة.

لم تفلح محاولة غوتيريش ليلة الأحد على قناة «CNN» في تهدئة الغضب الإسرائيلي الجامح الذي عبَّر عنه نتنياهو معتبراً أن غوتيريش أوجد مبرراً لـ«حماس»، وهو ما حاول سيد «المبنى الزجاجي» نفيه، لا سيما بعد أن أكد أن هجمات «حماس» كانت مروعة ومهددة للآمنين في إسرائيل؛ لكنها لا تبرر في كل الأحوال -حسب اعتقاده- العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني على النحو الذي يشهده العالم.

مثير جداً شأن الدولة العبرية بعامة، وحكومة نتنياهو التي قلبت ترس المجن لغوتيريش الذي لم يُعد يوماً ما في خانة منتقدي -ولا نقول أعداء- إسرائيل؛ بل على العكس تماماً؛ لا سيما أنه قبل 3 أعوام -أي في 2020- منحه «المؤتمر اليهودي العالمي»، جائزة «تيودور هيرتزل»، ويومها قال رئيس المؤتمر، السيد رونالد لاودر، في حفل التكريم: «على مدى سنوات عديدة، أثبتَّ أنك صديق حقيقي ومخلص للشعب اليهودي ودولة إسرائيل».

هل ولَّى زمن العلاقات الدافئة بين غوتيريش والدولة العبرية؟ أم أن الجليد بات يكسو علاقات إسرائيل بالكامل مع هيئة الأمم المتحدة، رغم ما مثلته طوال عقود ومنذ وقت التأسيس وحتى اليوم، كدرع واقية لها من «ألسنة الخلق وأقلام الحق» عبر الغطاء الأميركي؟

يلزمنا الرجوع إلى علم الإحصاء لتبيان حقيقة مواقف الأمم المتحدة من إسرائيل.

حسب بيانات منظمة «رقابة الأمم المتحدة» غير الحكومية، ومقرها جنيف، نجد أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أصدرت بين عامي 2015 و2022، نحو 140 قراراً تنتقد إسرائيل في قضايا تتعلق ببناء المستوطنات، وضم مرتفعات الجولان، والمثير إلى حد الدهشة والعجب، أنه في الفترة عينها لم يصدر عن الجمعية العامة سوى 68 قراراً آخر بشأن كل مناطق العالم الأخرى، من بينها 5 تناولت إيران.

من هنا، يمكن للمرء أن يتفهم حزازات الصدور الإسرائيلية، والتي نبت عليها ما هو أكثر من «دمن الكلا» على حد تعبير شاعر الجاهلية الأشهر الأخطل الكبير.

لكن التساؤل الأشد عمقاً هو: ما فائدة قرارات الجمعية العمومية للأمم المتحدة؟ وما نفع تصويت الأعضاء المتحررين من ربقة العبودية الأخلاقية، ما دام «السيف البتار» المتمثل في حق النقض (الفيتو) موجوداً لدى الولايات المتحدة الأميركية، الحارس الشرعي لدولة إسرائيل منذ أن وجدت؟

جرت العادة على أن تستخدم واشنطن حق النقض (الفيتو) لوقف القرارات المنتقدة لإسرائيل، ما أفرغ المؤسسة الأممية من أي حيادية أو نزاهة في عيون العرب وكثير من دول العالم؛ بل لا نغالي إن قلنا إن مثل هذا التصويت قد أفقد الأمم المتحدة كثيراً من موثوقيتها، وأدى إلى اعتبارها «عرائس ودمى» في يد الدول الخمس الكبار بعامة، وواشنطن بخاصة، في ملف النزاع العربي– الإسرائيلي.

في مواجهة الـ140 قراراً التي تنتقد إسرائيل التي أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ عام 2015، لا نجد إلا قراراً واحداً لمجلس الأمن في عام 2016، يطالب -ولا يدين- بوقف بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، وحتى في تلك المرة، لم تصوِّت الولايات المتحدة صراحة لصالح القرار؛ بل امتنعت عن التصويت.

تبدو الأمم المتحدة كياناً مشلولاً؛ لكن من أين يمكن أن نؤرخ لهذا الداء الذي أقعدها وأعجزها؟

تعمقت أزمة الثقة في «البيت الزجاجي» منذ الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا؛ حيث بات عاجزاً عن الفعل الخلاق المغير للأوضاع والمبدل للطباع، ومن قبل وقف العالم ملوماً محسوراً في 2001، و2003، غداة غزو أفغانستان والعراق. بل أبعد من ذلك؛ لا سيما أن قرارات مجلس الأمن التي تقترب اليوم من 6 عقود بشأن النزاع العربي– الإسرائيلي، وفي مقدمها القرار 242، و338، لا تزال حبراً جافاً على ورق متآكل.

السيد غوتيريش، في نهاية حديثه مع شبكة الأخبار الأميركية الشهيرة عشية الأحد المنصرم، خلص إلى أن المخرج من دائرة الموت والعنف السائرة والحائرة شرق أوسطياً، هو حق الفلسطينيين في دولة مستقلة ضمن حل الدولتين، الذي وصفه بـ«المخرج الوحيد».

حسناً فعل السيد غوتيريش، غير أنه -غالب الظن- لم يطالع ما قاله الفيلسوف السفسطائي الشهير ثيراسيماخوس في محاوراته مع أفلاطون: «القوة هي الحق».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة غوتيريش أم الأمم المتحدة أزمة غوتيريش أم الأمم المتحدة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 18:02 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
  مصر اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم الدشاش

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 06:04 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 14:18 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!

GMT 21:19 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تربح 7.4 مليارات جنيه ومؤشرها الرئيس يقفز 1.26%

GMT 21:48 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon