توقيت القاهرة المحلي 11:39:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بوتين والحرب النووية الاستباقية

  مصر اليوم -

بوتين والحرب النووية الاستباقية

بقلم:إميل أمين

وسط غبار ومأساة الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، توارت الأيام القليلة الماضية أحداث الصراع الروسي – الأوكراني، وإن كان العارفون ببواطن الأمور يرون أنها مقبلة على تطورات مخيفة، بالقرب من الربيع القادم، حين تذوب الثلوج وتظهر المروج.

عرف العالم تعبير الحروب الاستباقية أو الوقائية، بعد نهاية الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفياتي، وتم تكريسه بنوع خاص خلال إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش الابن، وقت الحرب على الإرهاب، حسب المفهوم الأميركي في ذلك الوقت.
لم يكن يدور بخلد أحد أن هذا المصطلح سوف ينسحب، خلال عقدين من الزمن، على الأسلحة النووية، الأمر الذي أثاره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً... ما القصة؟ وما مجرياتها؟ ولماذا سارت بها الأقدار على هذا النحو؟
ذهب بوتين مؤخراً إلى أن بلاده إن لم تستخدم أسلحتها النووية في ضربة استباقية، فلن تستخدمها للرد، لأن إمكانيات تفعيلها بعد توجيه ضربة نووية، ضد روسيا، ستكون مقيدة جداً.
يعنّ لنا أن نتساءل: هل بوتين يردّ طريقة التفكير الأميركية العسكرية إلى نحر واشنطن؟
تاريخياً تبقى واشنطن هي من بلورت مفهوم الضربة الوقائية، ثم إنها هي كذلك مَن طوَّرت أنظمة ضربات تهدف لنزع أسلحة العدو.
يكاد بوتين يضحى الرجل الذي يتبنى الاستراتيجيات العسكرية الأميركية التي صُممت لضمان أمنهم، ليشكّل الأمر تهديداً مضاداً في الحال والاستقبال.
يتساءل المراقبون، لا سيما من الخبراء العسكريين: لماذا فتح بوتين الأبواب واسعة لتغيير عقيدة بلاده العسكرية، بعدما أعلنت مراراً وتكراراً أنها لن تستخدم السلاح النووي إلا دفاعاً عن وجودها، وبالتحديد رداً على تعرض روسيا لهجوم نووي؟
تبدو النيات الأميركية تجاه روسيا واضحة، لا تداريها ولا تواريها، وقد كان آخر ملامحها حديث بايدن في خطاب حالة الاتحاد والموجّه إلى السفيرة أوكسانا ماركاروفا، سفيرة أوكرانيا في واشنطن، والتي كانت حاضرة في الكونغرس: «سنقف إلى جانبكم مهما استغرق الأمر... أمتنا تعمل من أجل المزيد من الحريات والكرامة والسلام، ليس فقط في أوروبا بل في كل مكان».
هذه الكلمات لم ترسَل عشوائياً، إذ يجري على قدم وساق ترجمتها إلى عمليات لوجيستية، عبر تجهيز أوكرانيا بأسلحة غربية متطورة، دبابات من نوعية «شالنجر 2» البريطانية المتوحشة، و«أبرامز» الأميركية القاتلة في ميادين الوغى، عطفاً على «ليوبارد» الألمانية، والتي عدّ بوتين وجودها على أرض المعركة بمثابة مواجهة النازية من جديد بعد نحو ثمانية عقود على الحرب العالمية الثانية.
يبدو بوتين كمن يبعث برسالة واضحة إلى الأميركيين، قبل معركة الربيع القادم، فيما يتساءل المراقبون، في حيرة: هل هو جاد بالفعل أم أن التصريح جاء على سبيل الردع؟
قبل ثلاثة عقود، ووقت الانتصار الأميركي والأوروبي على الاتحاد السوفياتي، وتفكيك وحدة جمهورياته السابقة، تحدث الملياردير الأميركي الجنسية، المجري الأصل، جورج سورس، عن أوكرانيا بوصفها الحاضنة البشرية الاستراتيجية، والتي سيعمد الناتو إلى استغلالها والتعاطي معها كخنجر في خاصرة روسيا الاتحادية، بغرض مشابه لما جرت به المقادير من قبل، أي إثارة روح الحرب الأهلية بين الروس، وتقسيمها تقسيماً مناطقياً، وعلى أُسس مختلفة من العرق والعقيدة والآيديولوجيا.
الناظر إلى المشهد العسكري على الأرض الأوكرانية يدرك سعي الناتو لإيجاد تشكيلات عسكرية على الأرض تمتلك أسلحة أميركية وأوروبية بنسبة تتراوح ما بين 70 و80 في المائة.
يقطع الخبير العسكري الروسي فلاديسلاف شوريغين، بأن معركة الربيع القادم، والتي تبدو على الأبواب، قد تكون مهمة للأميركيين أكثر من أهميتها للأوكرانيين، ذلك أن واشنطن تتطلع لمعرفة التكتيكات التي يمكن للروس أن يستخدموها في المستقبل، والعمل على بلورة خطط مضادة لها.
يظن الأميركيون أن معركة الربيع قد تكون الأخيرة للأوكرانيين، بعد أن عجزوا عن استعادة أكثر من ربع الأراضي التي احتلتها روسيا، وتم تدمير 80 في المائة من جميع معداتهم العسكرية.
وعلى الرغم من الحشد العسكري، ومليارات الدولارات التي تدفقت ولا تزال من واشنطن على كييف، فإن واشنطن على بيّنة من أن هزيمة موسكو أمر شبه مستحيل، فما من قوة نووية تُهزم في مواجهة عسكرية، ولهذا رفض الأميركيون على سبيل المثال فكرة تزويد الأوكرانيين بطائرات قتالية متقدمة من عينة «إف 16»، و«إف 22»، وبنفس القدر أجابوا الأوكرانيين بـ«لا»، حين طلبوا صواريخ باليستية.
تبقى الحقائق العسكرية على الأرض واضحة، ومنها أن محور الناتو يتفوق على روسيا على صعيد الأسلحة التقليدية، الأمر الذي لا يترك الكثير من الخيارات للقيصر بوتين، سوى استخدام الأسلحة النووية.
مَن عنده المقدرة على إفشاء سر شيفرة تصريحات بوتين الخاصة بالضربة النووية الاستباقية؟
الجواب عند أحد أهم المحللين السياسيين الروس المعاصرين، ألكسندر نازاروف، وهو أن بوتين لا يثق بالأنغلوساكسون، لا سيما أنهم مستعدون على الدوام لاستخدام الأسلحة النووية ضد الروس في أي موقف على الإطلاق، وبخاصة أن كلمة الإنسانية بالنسبة إليهم هي عبارة فارغة عندما يتعلق الأمر برفاهيتهم وفقاً لهم.
حديث نازاروف منطقه قائم وقادم في الاستراتيجية الأميركية للأمن القومي، ذلك أن واشنطن لا تستنكف أن تعلن عن استعدادها لاستخدام الأسلحة النووية أولاً، ليس فقط للرد على تهديد وجودي، ولكن أيضاً من أجل التأثير على عمليات صنع القرار في الدول غير الصديقة.
الروس على بيّنة من امتلاك الأميركيين أسلحةً فرط صوتية خلال عامين على أقصى تقدير، وحال نصب تلك الرؤوس في كييف، ستكون على بُعد 2 - 3 دقائق من قلب الحواضن والحواضر الموسكوفية، ولهذا فإنها إذا انطلقت سيكون بالفعل أي رد نووي روسي غير مجدٍ ومن دون فاعلية.
هل عزمت موسكو – بوتين على الدخول في مواجهة نهائية؟
خلال اجتماع بوتين، نهار الخميس الماضي، مع ممثلي صناعة الطيران، أعلن أن روسيا لم تبدأ أي أعمال عسكرية لكنها تحاول إنهاءها.
تكاد تصريحات بوتين الحديثة بعد تصريحاته المتقدمة عن الضربات النووية الاستباقية تشي بأن الرجل يفتح الطاقة الأخيرة لمسار مختلف، في الربع الأخير من الساعة الحادية عشرة.
هل سينجح القيصر في محاولته، في ظل تصريحات رئيسة البرلمان الأوروبي بتزويد كييف بصواريخ بعيدة المدى ومقاتلات؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بوتين والحرب النووية الاستباقية بوتين والحرب النووية الاستباقية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 11:39 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

أحمد الفيشاوي يتعرّض لهجوم جديد بسبب تصريحاته عن الوشوم
  مصر اليوم - أحمد الفيشاوي يتعرّض لهجوم جديد بسبب تصريحاته عن الوشوم

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon