توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

2022... السعودية ودبلوماسية وازنة إقليمية ودولية

  مصر اليوم -

2022 السعودية ودبلوماسية وازنة إقليمية ودولية

بقلم:إميل أمين

وضعت معاهدة ويستفاليا عام 1648 نهاية لمسارات الرؤى الميكيافيللية، في علاقات الدول بعضها ببعض، فقد حلّت المصالح المتبادلة، في أطر من احترام السيادة والهوية، محل مفاهيم القوى الهمجية، والتبريرات البراغماتية غير المستنيرة.
في هذا المساق، تتباين الأهداف والمصالح، وقد تختلف التوجهات، وهو أمر طبيعي، ضمن سنن الله في الكون، غير أن ذلك لا ينفي التعارف والتعايش، من غير تشارع وتنازع، أو وصولاً للدرك الأسفل عبر القتال والحروب.
منذ أن تأسست المملكة العربية السعودية، وروح التوازنات الدبلوماسية قائمة في أركانها. الأمر الذي تمثل في مقدرة الملك عبد العزيز على عدم الانسياق وراء استقطابات الأحلاف في أربعينات القرن الماضي، وزمن الحرب العالمية الثانية، ليعبر ببلده وشعبه إلى بر الأمان، بعلاقات متميزة حقاً مع معسكر المنتصرين.
يبدو حصاد العام 2022 لدبلوماسية المملكة وفيراً وناجحاً، عبر كثير من الأصعدة الدولية والإقليمية دفعة واحدة، ومن غير اختلال أو اعتلال في التقديرات، ومن دون قصور في الرؤى على المديات الزمانية والمكانية المختلفة.
يضيق المسطح المتاح للكتابة عن سرد وعرض لحظات القوة والثقة بالذات السعودية، خلال أشهر العام، الذي تتسرب أيامه من بين أيدينا.
خذ إليك على سبيل المثال، العلاقات الأميركية - السعودية، وخاصة في ضوء زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن في يوليو (تموز) الماضي.
ليس سراً أن هناك من حاول رسم صورة للمملكة في الداخل الأميركي، مغايرة لواقعها، وقد تكون المحاولات جارية، غير أن القابضين على جمر مجتمع المعرفة الأميركية العميقة يدركون مكانة السعودية كقوة استقرار على الصعيد الأدبي والروحي من جهة، وما لها من أبعاد استراتيجية في عالم أمن الخليج والشرق الأوسط، سواء العسكري، أو الطاقي، وهو ما أثبتت جائحة «كوفيد 19»، ثم حرب أوكرانيا، صحته.
تتغير في بعض الأحيان رؤى إدارات أميركية وتتبدل، وبعضها يخضع لمتغيرات وضغوطات داخلية أو خارجية، لكن الدولة الأميركية العميقة، وعندما يجدّ الجد، تدرك أن هناك حلفاء أثبتت النوازل صدق وعودهم، ووفاء عهودهم، رغم طبيعة السياسات المتقلبة والمتغيرة، وفي مقدمة هؤلاء الرياض بالنسبة لواشنطن.
نجحت الدبلوماسية السعودية في التعاطي مع الشأن الأميركي، من خلال قرارات سيادية تصدّ وتردّ، بمهارة تنم عن دراية بكيفية ملء مربعات نفوذها، وقيادتها للرأي العام العالمي، ورسم خطوط الطول، ونسج خيوط العرض، خاصة في أوقات الأزمات، من غير أن تترك خريطة الصدام الجيو استراتيجية نهباً متاحاً ومباحاً، لمن لا يحملون لها الخير، أو للمتطلعين لرسم صورتها بحسب أهوائهم وشهوات قلوبهم.
من أقصى الغرب اليانكي، إلى الشرق الروسي بمسحته الروحانية، وحضارته السلافية، كانت الرياض تحقق انتصاراً مؤازراً؛ حيث شاركت في سبتمبر (أيلول) الماضي، في الجهود التي أدت للإفراج عن 10 أسرى أجانب اعتقلتهم القوات الروسية بتهمة القتال دعماً لأوكرانيا. الأمر الذي يؤكد حضور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان كرجل دولة قادر على لعب أدوار وازنة إقليمياً ودولياً.
سلطت الوساطة الدبلوماسية السعودية في الأزمة الأوكرانية - ولا سيما تصريحات الأمير محمد بن سلمان في حواره الهاتفي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بشأن استعداد السعودية لبذل المساعي الرامية للوصول إلى حلّ سياسي للأزمة مع أوكرانيا - الضوء على أهمية العلاقات الوثيقة للسعودية مع روسيا الاتحادية، بالنسبة لشركاء الرياض في بقية بقاع وأصقاع العالم، ولا سيما الغرب.
وبحلول ديسمبر (كانون الأول) الحالي، كانت السعودية تكتب تاريخاً جديداً بين الشرقين، الأوسط والأدنى، وتفتح الطريق واسعاً، أمام طرق حضارية، عرفتها البشرية، قبل أن يخرج علينا البعض برؤى الصدام الحضاري، من عينة طريق الحرير القديم - الجديد.
وقّعت السعودية مع الصين شراكة استراتيجية شاملة، هي الأولى من نوعها بين الدولتين، فضلاً على عشرات الاتفاقيات الاقتصادية، وجميعها تساهم في رفع مستوى التبادل التجاري، بين بكين والرياض، وتدفع مستويات التجارة البينية إلى آفاق أرحب.
من الرياض إلى بكين، صارت «خطة المواءمة» واقعاً حياً ومعاصراً، يهدف للمواكبة مع الخطتين الرئيسيتين للتنمية في البلدين: «رؤية السعودية 2030»، ومبادرة «الحزام والطريق» الصينية.
وبحلول منتصف ديسمبر (كانون الأول) قبل بضعة أيام، خلال زيارة وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان، للعاصمة البريطانية لندن، تم توقيع اتفاقية لتقوية الشراكة الدفاعية التاريخية بين المملكتين، تلك الممتدة عبر أكثر من نصف قرن.
ما هو جوهر الاتفاقية؟
دفع التعاون العسكري والأمني بين الرياض ولندن إلى الأمام، خاصة في ظل ما تتمتع به العلاقات الدفاعية والأمنية بين البلدين من مميزات خاصة على صعيد التسليح والتعليم والتدريب والتشاور المنتظم، وكذا بناء القدرات، ما يمنح الرياض خبرات دفاعية واسعة، ويعطي لندن فرصة متجددة للاهتمام بمصالحها الاستراتيجية في البحر الأحمر وبقية الشرق الأوسط.
دبلوماسية السعودية الوازنة، إقليمياً وعربياً، تبغي في الحال والاستقبال، الحفاظ على صالح ومصالح شعبها، واستقرار ترابها الإقليمي، من خلال بناء شراكات فعّالة على الأصعدة الحياتية كافة، التي تكفل استتباب الأمن والأمان، والعيش في سلام، مع شعوب المنطقة وبقية العالم، وهذه هي الخلاصة الحقيقية للدبلوماسية الناجحة، ومفتاح الفوز في الرهانات الأممية كافة، في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

2022 السعودية ودبلوماسية وازنة إقليمية ودولية 2022 السعودية ودبلوماسية وازنة إقليمية ودولية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon