توقيت القاهرة المحلي 08:32:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا يفعل بوتين في طهران؟

  مصر اليوم -

ماذا يفعل بوتين في طهران

بقلم - إميل أمين

مرة جديدة يثبت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا أضحت ثعلبا سريع الخطى، قادرا على القفز على الحدود وتجاوز السدود، جغرافية كانت أم أيديولوجية، وأن بلاده لم تعد الدب الثقيل الحركة، كما كان الحال في زمن الاتحاد السوفيتي.

بسرعة فائقة وقبل أن يتوقف الجدل الدائر حول زيارة الرئيس الأميركي جوزيف بايدن إلى الشرق الأوسط، كان القيصر يتوجه إلى طهران، لا ليلتقي المرشد والرئيس فحسب، بل رئيس تركيا كذلك، ما دعا البعض لطرح علامة استفهام عن الهدف الذي يجمع ثلاثة أطراف متباينة سياسيا وعرقيا ودوجمائيا دفعة واحدة، بين سني عثمانلي تركي، وشيعي فارسي، وسلافي أرثوذكسي، والجواب أنها السياسة، وعالم المصالح، هنا حيث لا أنساق أخلاقية، ولا مبادئ وقيم أدبية أو إنسانوية، بل خطوات تكتيكية، تمضي قدما لتحقيق أهداف استراتيجية.

بداية يمكن القول إن توجهات الدول الثلاث تكاد تكون في تضاد لأسباب مختلفة، لكن ما يجمع المصابينا، وكما يقول الشاعر العربي، هو المصائب عينها، وفي سياق اللعب على المتناقضات، وسباق ملء مربعات نفوذ عالم ما بعد أميركا، توضع الكثير من الخلافات البينية جانبا، ويتطلع الجميع إلى وحدة الهدف.

تبدو أوراق طهران واضحة للجميع، من غير مواراة أو مداراة، فهي تسعى لحيازة سلاح نووي، يجعلها المكافئ الموضوعي لقوى إقليمية أخرى في الشرق الأوسط، عطفا على توجهاتها لبسط سيطرتها في المنطقة بأدواتها التقليدية، وفي مقدمها ميليشياتها التي تمثل خناجر مغروسة في خاصرة الخليج العربي وبعض من الشرق الأوسط.

أما موسكو، فيمكن النظر إليها بعين مغايرة، إذ لا تزال قوة دولية قادرة على المساهمة ولو بعنف، في رسم صورة العالم، ويعتقد القيصر جازما، أنه قادر على إعادة صياغة حركة التاريخ في الوقت الراهن، تلك الحركة التي تبدأ من أوكرانيا، وربما تمتد إلى المزيد من البقاع والأصقاع حول العالم.

العجب العجاب في واقع الحال نجده في الطرف الثالث في قمة طهران، أي في تركيا، والتي تعاني من أزمة عميقة مرتبطة بالهوية، لا سيما أنه لا توجد جذور عرقية تركية، على خلاف الفرس والسلافيين الروس، ومن هنا يمكن للمرء سيكولوجيا فهم التغيرات والتبدلات التي تجري في عقل أردوغان، والذي ينتقل في مواقفه، بحسب موازين القوة والضعف، يشاغب روسيا تارة، ويهدد الناتو تارة أخرى، والجميع يعرف أنه لا يصلح كحليف، بل في أفضل الأحوال لا يتجاوز موقع وموضع الوسيط.

في طهران تبدو هناك ثلاثية تبادل مصالح واضحة للغاية، خاصة في ظل الأزمات التي تعيشها روسيا وإيران في الداخل، وتركيا مع إطارها الخارجي.

لم تنطلِ على أحد ذريعة اجتماع الأقطاب الثلاثة بحجة بحث سبل السلام في سوريا، ذلك أن ثلاثتهم لا يحملون الخير للسوريين، وإنما هي المطامع والمطامح الشخصية، ومحاولة إيجاد موطئ قدم بالقرب من المياه الدافئة في المتوسط، وبخاصة الجانب الروسي، حيث كان هذا هو الحلم من زمن بطرس الأكبر وكاترينا العظيمة إلى الجالس سعيدا في الكرملين فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين.

أبطلت قمة جدة التهاويم التي راجت حول نشوء وارتقاء حلف عسكري، أطلق عليه ذات مرة ومن غير أدنى واقعية، الناتو العربي، نقول إن المجتمعين في جدة من حكماء العرب المحدثين، قد نزعوا فتيل التذرع بمثل تلك حجة، فلا أحلاف عسكرية، ولا توجهات عدائية، وإنما العرب تبغي الحياة والنماء، لا الموت والفناء، وبهدف خدمة الأجيال القادمة، عسى أن يكون نصيبها أكثر وفرة ممن سبقها.

يذهب القيصر إلى طهران، وبعيدا عن كل ما يقال من مصطلحات أقرب إلى اللغة الخشبية، بشأن التعاون المشترك، والسلام الدائم، بحثا عن تعاون عسكري أول الأمر، وهو الذي يعاني من التضييق عليه، لا سيما بعد سلسلة العقوبات العسكرية والاقتصادية التي فرضتها أميركا ودول أوربا، في أعقاب غزو أوكرانيا.

هنا يبدو من المثير القول إن الروس يسعون للحصول على نحو خمس مائة مسيرة إيرانية من طهران، وهم الذين عرفوا قدر هذه الآلة الجهنمية في الحروب الحديثة، وما تفعله في ميادين الحروب.

لكن لماذا مسيرات من إيران تحديدا؟

هنا تبدو الحبكة الدرامية، والتي ينبغي التنبه لها عربيا، ذلك أن طهران باتت لديها نحو 15 خط إنتاج للدرونز، وبحسب معلومات الاستخبارات الروسية، فقد تحصلت إيران على طائرات مسيرة أميركية وإسرائيلية، تم إسقاطها ضمن الصولات والجولات الجارية منذ سنوات في المنطقة، ومع تفكيكها تمكن الخبراء من مضاهاتها وإنتاج مثيل لها.

يتساءل البعض هل يمكن لإيران أن تقدم موانئ لروسيا لتعزيز حضورها العسكري في الخليج العربي وبالقرب من الشرق الأوسط، وضمن مباراة الشطرنج العسكرية الدولية العائدة إلى السماوات الأممية مرة ثانية؟

قبل نحو عامين كان هناك حديث عن اتفاق صيني إيراني يسمح بتأجير جزر إيرانية للصينيين، وقد ثار من حوله جدل واسع، وغير واضحة مآلاته حتى الساعة.

في الحالة الروسية ورغم أن الدستور الإيراني يمنع قيام قواعد عسكرية أجنبية على أراضي البلاد، إلا أن ذلك وبثمن نووي محسوب غالبا، يمكن لطهران تقديم تسهيلات للقوات البحرية الروسية في مرفأي بندر عباس وشاهبار، أو تأجير أراض بالقرب من تلك المرافئ.

ما الذي لدى القيصر لإيران؟

المواد الغذائية، لا سيما الحبوب، وفي توقيت تعاني فيه إيران من أزمات الجوع داخليا، عطفا على التنسيق المشترك في دائرة بيع النفط، فطهران وموسكو تعانيان من حظر تصدير، ما يجعل البحث عن مشترين دوليين لا يخضعون للضغوطات الأميركية ولا الأوروبية أمرا حيويا وعاجلا.

ماذا عن أردوغان؟

يظل يقايض بأوراق الوساطة، والتهديد، ومن غير قدرة على بناء فعل خلاق، والأمر له حديث آخر، فإلى اللقاء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا يفعل بوتين في طهران ماذا يفعل بوتين في طهران



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon