توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سيناريوهات أميركية للأزمة الشرق أوسطية

  مصر اليوم -

سيناريوهات أميركية للأزمة الشرق أوسطية

بقلم - إميل أمين

 

أظهرت النقاشات الحادة التي دارت في الداخل الأميركي، الأسبوع الماضي، أن هناك حالة عميقة من القلق تلف الداخل الأميركي، تجاه أزمة الصراع القائم في غزة، ومصير القطاع بعد نهاية المواجهات العسكرية.

منطلق التساؤلات: «ما مستقبل غزة سياسياً، بعد تدمير (حماس) وبنيتها العسكرية»، وهو أمر مرهون، ولا شك، بنجاحات الغزو البري الإسرائيلي المحتمل، والقضاء على «حماس» بالكامل هذه المرة، بشراً وحجراً، خلافاً للمرات السابقة.

هل الفرضية في حد ذاتها متجاوزة الواقع الممكن، لا سيما أن «حماس» فكرة تمزج بين تيارات مقاومة الاحتلال آيديولوجياً، وبين النظرة لأرض فلسطين نظرة دوغمائية، ما يكسب الصراع قدسية تفوق ما هو نسبي؟

من المؤكد أن هناك من يخشى حالة الفراغ في قطاع غزة في حال الانسحاب الإسرائيلي السريع بعد تحقيق الغرض العسكري، الأمر الذي يجعل منها مرتعاً لجماعات مشابهة، وهناك تجارب سابقة، منها الفراغ في أفغانستان الذي أوجد قوى أكثر تطرفاً من «طالبان» مثل تنظيم «القاعدة»، وفي أفريقيا حيث استغل «داعش» ضعف هياكل عدد من الدول الأفريقية أو غيابها في منطقة الساحل لينمو ويتمدد.

الخوف الأميركي الأكبر هو أن تستفيد إيران من فراغ السلطة، وتستسلم لإغراء استخدام أساليب جديدة، أو نشوء وارتقاء حلفاء جدد لها، ليكملوا مهمة شن هجمات على إسرائيل.

هذا المنطلق دفع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للتعبير صراحة الأسبوع الماضي، وخلال جلسة استماع للجنة المخصصة بمجلس الشيوخ للحديث عن أن واشنطن تسعى جدياً لبلورة خيارات لبدائل محتملة لمستقبل القطاع، وإن استخدم جملة شرطية: «إذا تم عزل حماس».

حديث بلينكن أسفر عن فهم مبدئي لرفض إسرائيل إدارة قطاع غزة مرة أخرى، بعد نهاية العمليات العسكرية، والميل الواضح إلى وجود سلطة فلسطينية فعالة ومتحدة تتولى حكم غزة، وإن كان السؤال الذي لا تملك دوائر واشنطن المعنية جواباً عنه هو ما إذا كان ذلك ممكناً من عدمه.

لم يكشف بلينكن عن البدائل التي تقاربها واشنطن في هذه الآونة، بينما قامت وكالة «بلومبرغ» بهذا الدور... ماذا عن تلك الخيارات؟

الخيار الأول: يتمثل في توفير السيطرة المؤقتة على غزة من قبل دول الشرق الأوسط، بدعم من قوات الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، وفي الوقت نفسه يذهب هذا التوجه لجهة وجود قوات عربية.

غير أن هذا الخيار لا تبدو حظوظه ناجحة لا سيما في ضوء تصريحات المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي، بأنه لا توجد خطط أو نيات لنشر قوات عسكرية أميركية على الأرض في غزة سواء الآن أو في المستقبل.

عطفاً على ذلك، فإن غالبية العواصم العربية تميل إلى حد التفضيل إلى عدم الانخراط بأي شكل عسكري في هذه الأزمة بصورة أو بأخرى.

الخيار الثاني: يتمثل في نشر قوات حفظ السلام والمراقبين الدوليين على الأرض في غزة، وهو خيار تراه إسرائيل قابلاً للدراسة ولو بصورة أولية.

غير أن أميركا التي تفكر بإقدام على هذا الصعيد، هي التي تصرح محجمة عن الفعل عينه، وهو ما تبدى في تصريحات أدريان واتسون المتحدث الأميركي باسم مجلس الأمن القومي الأميركي لوكالة «بلومبرغ» عينها وفيها: «إن إرسال قوات أميركية إلى غزة بوصفه جزءاً من قوة حفظ السلام ليس أمراً قيد النقاش».

الخيار الثالث: يدور حول إدارة مؤقتة لقطاع غزة تحت رعاية الأمم المتحدة، لكن إسرائيل، لا سيما بعد تصريحات الأمين العام أنطونيو غوتيريش عن الأوضاع الإنسانية في غزة، ترى الهيئة الأممية، قليلة الفائدة، وعديمة الجدوى.

أين تقف وزارة الخارجية الأميركية رسمياً من هذه الخيارات المتباينة؟

من الواضح أن حالة الشقاق والفراق في أروقة الخارجية الأميركية، باتت مسموعة ومقروءة في الخارج بصورة واضحة، ذلك أنه في ظل الصمت الرسمي للتعليق على بدائل غزة بعد المعارك، كان هناك من يؤكد أنه بالفعل تجري محادثات أولية جداً بخصوص الشكل الذي قد يكون عليه مستقبل غزة، وفق «ماثيو ميلر»، المتحدث باسم الخارجية الأميركية.

هل هناك ركن أصيل غائب في هذه الخيارات، يباعد بينها وبين الواقعية السياسية وإمكانية التنفيذ الحقيقي على الأرض؟

حكماً نعم، حيث لا أحد يحفل بسكان غزة أنفسهم، ما يطرح التساؤل بأي حق يفكر الأميركيون أو الأوروبيون في تقرير مصير مواطنين على أراضيهم، وهل هذا أمر يتسق مع القوانين الدولية، لا سيما أن الغزاويين سينظرون للأمر على أنه نوع من استباحة حقوقهم في السيادة على أرضهم؟

على أنه مهما يكن من أمر هذه البدائل جميعها، فإنه من المبكر بمكان القطع بنجاعة أي خيار، ما دامت هناك معركة دائرة على الأرض، ولهذا تبقى سيناريوهات المواجهة العسكرية، هي التي ستحدد المشهد السياسي المقبل في غزة.

خيارات المعارك على الأرض لن تخرج عن أحد الأمور الأربعة:

أولاً: أن تقدم إسرائيل على سيناريو الغزو البري الشامل، وتدمير ما تبقى من غزة ومحاولة تهجير سكانها قسراً، وساعتها سيقع مئات الآلاف من المدنيين ضحايا، وستحصد تل أبيب آلاف القتلى.

ثانياً: تحويل غزة إلى أثر من خلال تفجير أقبية «حماس» وأنفاقها بأسلحة متطورة، لا يستبعد منها الأنواع التكتيكية غير التقليدية، وإن كان هذا لا يعني القضاء على الحمساوية إلى الأبد.

ثالثاً: عملية برية غير مكتملة، يتبعها دخول قوات أممية وعربية تتسلم الوضع في الداخل، بما يحفظ ماء وجه «حماس»، لكن اليمين الإسرائيلي سيعد الأمر خيانة وعدم تنفيذ نتنياهو ما وعد به.

رابعاً: تسليم «حماس» أسلحتها لطرف دولي موثوق به، وإنهاء الحرب، وهو احتمال شبه منعدم.

ماذا تعني السيناريوهات الأربعة السالفة؟

تعني أن الضبابية سيدة الموقف، وأن الأحداث المتدافعة على الأرض هي ما ستحدد الخطوة المقبلة، وهي أسوأ ما يمكن النزول عنده في أزمنة الحروب العشوائية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيناريوهات أميركية للأزمة الشرق أوسطية سيناريوهات أميركية للأزمة الشرق أوسطية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon