توقيت القاهرة المحلي 20:37:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«نيو ستارت»... شريك مناسب وخيوط حمراء

  مصر اليوم -

«نيو ستارت» شريك مناسب وخيوط حمراء

بقلم:إميل أمين

ماذا تم تأجيل لقاءات ستارت، الخاصة بضبط الأسلحة النووية، بين الولايات المتحدة وروسيا، والتي أعلن من قبل عن عقدها في مصر بدءاً من 29 نوفمبر (تشرين الثاني) المنصرم وحتى السادس من ديسمبر (كانون الأول) الحالي؟

الجواب لا يحتاج إلى ملكات تحليلية إبداعية؛ لأنه ببساطة لا توجد أدنى أرضية من الثقة المشتركة لدى الكرملين تجاه البيت الأبيض، بل «علاقات عند أعلى مستوى من السمية والعداء من واشنطن»، والتصريح لماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية.
لدى الروس قناعة مطلقة بأنه في إطار الحرب الشاملة التي تشنها واشنطن على صُعد عدة، فإن كل خطوة أميركية تقريباً تجاه روسيا، تنبع من رغبة في إلحاق الضرر بروسيا حيثما أمكن ذلك.
تم تعليق معاهدة «نيو ستارت» للحد من انتشار الأسلحة النووية في مارس (آذار) 2020؛ وذلك بسبب جائحة «كوفيد»، وهي المعاهدة الوحيدة المتبقية لمراقبة الأسلحة النووية بين البلدين، بعد انسحابهما عام 2019 من معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى الموقعة بينهما عام 1987.
بموجب المعاهدة، تلتزم كل من موسكو وواشنطن بنشر ما لا يزيد على 1550 رأساً نووياً استراتيجياً، و700 صاروخ بعيد المدى وقاذفات قنابل.
والمعروف أنه يمكن لكل جانب إجراء نحو 18 عملية تفتيش كل عام لمواقع الأسلحة النووية الاستراتيجية؛ للتأكد من التزام الطرف الآخر بحدود المعاهدة.
يصبح من قبيل التفاؤل المفرط الاعتقاد بأن موسكو التي ترى تربص «الناتو» برأس حربتها الأميركية على أبوابها، ستقبل بالمضي قدماً في إجراءات توطين وتوطيد الثقة من جديد، وهي التي تستشعر الغدر في كل لحظة.
أما واشنطن، فتتهيأ ومعها تخومها الأوروبية، لأبعد الاحتمالات، والتي قد يجد القيصر نفسه عند لحظة بعينها محاصراً، بل وخالي الوفاض إلا من أسلحة القارعة، وليكن بعدها ما يكون من أمر المعبد الشمشوني الكوني.
لا تبدو العلاقات الروسية - الأميركية، مسمومة فحسب، على حد تعبير زاخاروفا، بل تعاني من «انفصال عميق»، والتعليق لنائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، الذي أشار إلى أن قرار تأجيل اجتماع لجنة معاهدة «ستارت» تم اتخاذه على المستوى السياسي.
صباح الأربعاء الماضي، كشفت روسيا عن مكنونات صدرها، من خلال ما قاله ريابكوف نفسه، الذي اعتبر أنه لا مانع لديهم من حيث المبدأ بشأن اللقاء... لكن ذلك لا يتم إلا حال توافر شرطين:
الأول: وجود شريك مناسب على الجانب الآخر.
الآخر: عدم تجاوز الخطوط الحمراء الروسية الموصولة بالأمن القومي.
من غير تفكير عميق، أو تدقيق متأنٍ، يمكن للمرء القطع بأن الشرطين لا يتحققان في الحالة الأميركية بشكل عام، وفي هذه الآونة تحديداً، تبدو واشنطن أبعد ما يكون شكلاً وموضوعاً عن ساحة «الاستقرار الاستراتيجي»، كأرضية للحوار.
لسان حال الجانب الروسي في الأيام الأخيرة يلهج نهاراً وليلاً بالوعيد والتهديد تجاه ما لمّح إليه الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، من استعداد حلف «الناتو» لتسليم كييف أنظمة باتريوت، والأمر موصول برغبة أظهرها وزير الدفاع البولندي في وقت سابق من نوفمبر الماضي، حين طلب من ألمانيا تسليم أوكرانيا شحنة صواريخ باتريوت أرض - جو مخصصة في الأصل لوارسو.
والثابت، أنه حين تنتشر في الأفق الأوكراني صواريخ الباتريوت الأميركية، فإن ذلك يعني تغييراً مؤكداً في «ميزان الانتباه العسكري» مع موسكو؛ ما يجعل منها هدفاً مشروعاً للقوات المسلحة الروسية، والعهدة على الراوي، ديمتري ميدفيديف، رئيس مجلس الأمن القومي الروسي.
على أنه ورغم تصريح المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، باتريك رايدر، بأن واشنطن تخطط في الوقت الحالي لتزويد كييف بأنظمة الدفاع الجوي، فإن الروس موقنون بأنها قد تكون الخطوة القادمة، لا سيما بعد إعلان البنتاغون عن مساعدات إضافية لأوكرانيا بقيمة 400 مليون دولار، وتشمل الحزمة الجديدة تمويل صواريخ «هوك»، إضافة إلى نظام جوي تكتيكي من طراز «فونيكس» من غير طيار.
لا يوجد إذن الحد الأدنى من الثقة، ولا يتوافر بالضرورة الشريك الموثوق، عطفاً على التخطي الواضح والفاضح لمحددات ومعايير الأمن القومي الاستراتيجي الروسي، ومن هنا ترى روسيا أن الولايات المتحدة تركز فقط على استئناف عمليات تفتيش تحت مظلة «ستارت»، في حين تظل هناك قضايا أخرى تمثل أولوية بالنسبة لروسيا.
لا يغلق الروس فرصة استئناف الحوار الاستراتيجي مع الويات المتحدة، بشرط إدراك الأميركيين أنه من غير الممكن فرض واشنطن تفضيلاتها وأولوياتها.
سيد الكرملين يرى أن الموقف الأميركي انتهازي بالدرجة الأولى، لا سيما بعد أن أدرك جيداً أن ترسانة روسيا النووية، هي درع بلاده وسيفها الأخير في مواجهة المطامع الغربية، التي لم تعد في حاجة إلى أقنعة، فقد سقطت جميعها من خلال دعم الرئيس الأوكراني زيلينسكي.
هل الجانب الأميركي أمام لحظة اختبار مهمة وتتماس مع استراتيجية الأمن القومي الأولى في ولاية الرئيس بايدن؟
مؤكد أن ذلك كذلك، فالأميركيون يضعون الروس على رأس قائمة الأعداء، وإن كانت الصين في تقديرهم هي الأخطر على المدى البعيد.
وعند جماعة السيلوفيكي المحيطة ببوتين، والتي تدعمه، أن الحوار مع الأميركيين ممكن فقط حين يسود مبدأ توازن المصالح، والبحث عن القوائم المشتركة، لا انطلاقاً من الحالة البراغماتية التقليدية الأميركية.
على استحياء يشير، ستولتنبرغ، الأسبوع الماضي، إلى أنه «على المدى الطويل، سيساعد (الناتو) أوكرانيا على الانتقال من معدات الحقبة السوفياتية إلى مستويات وعقيدة وتدريب قوات الناتو الحديثة».
والذين قدّر لهم الاستماع إلى تصريحات ستولتنبرغ الأخيرة في بوخارست، ربما يلتبس عليهم الأمر ويتساءلون، هل الرجل يمثل الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، أم المتحدث باسم البيت الأبيض، وذلك بعد تصريحه بأنه «لا يمكننا السماح لبوتين بالفوز... لأن ذلك سيظهر للذين وصفهم بالقادة الاستبداديين في جميع أنحاء العالم، أنه يمكنهم الفوز عبر قوتهم العسكرية».
هل ستلفظ «ستارت» أنفاسها على لهيب الأزمة الروسية - الأوكرانية؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«نيو ستارت» شريك مناسب وخيوط حمراء «نيو ستارت» شريك مناسب وخيوط حمراء



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 19:23 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
  مصر اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 10:53 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مدبولي يترأس اجتماع المجموعة الوزارية الاقتصادية

GMT 00:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الأمير ويليام يكشف عن أسوأ هدية اشتراها لكيت ميدلتون

GMT 13:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

شام الذهبي تعبر عن فخرها بوالدتها ومواقفها الوطنية

GMT 01:05 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النيابة العامة تُغلق ملف وفاة أحمد رفعت وتوضح أسباب الحادث

GMT 15:39 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

"المركزي المصري" يتيح التحويل اللحظي للمصريين بالخارج

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الزمالك يتأهل لربع نهائي دوري مرتبط السلة علي حساب الزهور

GMT 10:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز اتجاهات الديكور التي ستكون رائجة في عام 2025

GMT 22:30 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

5 قواعد لإتيكيت الخطوبة

GMT 14:43 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

أحمد مالك وطه دسوقي يجتمعان في "ولاد الشمس" رمضان 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon