توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دافوس... عالم مجزأ في حلقة مفرغة

  مصر اليوم -

دافوس عالم مجزأ في حلقة مفرغة

بقلم:إميل أمين

اختتمت بالأمس أعمال منتدى دافوس العالمي، والذي انعقد من جديد في توقيته الشتوي، بعد توقف من جراء جائحة كوفيد- 19.
على ارتفاع 1560 متراً فوق سطح البحر، التأم شمل «الطبقة الخارقة»، والتي تدير شؤون العالم، ومن غير أن تلتفت لشجونه بكل تأكيد وتحديد.
الدورة الثالثة والخمسون من دافوس، حملت عنواناً براقاً «التعاون في عالم مجزأ»، لكن الحقيقة بعيدة جداً عن الشعار، ما يختصم من مصداقية الحدث، الذي يتداعى إليه المئات من رؤساء الدول والحكومات، كبار السياسيين والمصرفيين، رجال الأعمال وأصحاب النفوذ.
جاء المنتدى في توقيت يعاني فيه العالم من اعتلال واختلال غير مسبوقين، على أصعدة جوهرية، وربما في مقدمها مناخ الكرة الأرضية الذي بات يمثل قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في وجه البشرية برمتها، وليس أدلّ على ذلك من تراجع نسبة الثلوج التي تغطي قمم الجبال حيث ينعقد المؤتمر، حيث أشارت صور الأقمار الصناعية إلى أن الغطاء الثلجي انخفض بنسبة 10 % في المتوسط مقارنة بعام 1971، عندما انعقد الاجتماع السنوي الأول للمنتدى الاقتصادي العالمي.
يعن لنا أن نتساءل: ما السبب في أن عالمنا بات مجزأ، بحسب العنوان العريض للقاء العمالقة؟
الجواب يدور في فلك غياب العدالة الاجتماعية، الأمر الذي أكدته وحققته منظمة «أوكسفام» التي تركز على فكرة تخفيف الفقر والمعاناة عند ملايين البشر.
في ذات يوم افتتاح المنتدى صدر تقرير «أوكسفام» بعنوان «البقاء للأغنى»، ما يعكس حالة الداروينية الاجتماعية السائدة في عالمنا المعاصر، ومدى الضرر الذي تلحقه بأقنان الأرض.
الأرقام الواردة ليست مثيرة فحسب، بل خطيرة بدرجة غير مسبوقة، ذلك أنه رغم العطب الكبير الذي أصاب قارات الأرض الست مؤخراً، فإن مليارديرات العالم ضاعفوا ثرواتهم في العقد الأخير، حيث تجاوز دخل الأثرياء الذين يشكلون 1 % من سكان العالم 74 % ضِعف دخل الـ50 % الأفقر.
ومنذ عام 2020 ارتفعت ثروات المليارديرات بمقدار 2.7 مليار دولار يومياً، حتى مع تجاوز التضخم لأجور 1.7 مليار عامل على الأقل في شتى أنحاء العالم.
يقر رئيس المنتدى، يورغه بريندي، أن منتدى هذا العام «يأتي في ظل وضع جيوسياسي وجيواقتصادي هو الأكثر تعقيداً منذ عقود».
لكنه لا يقدم جواباً شافياً وافياً عمن يقف وراء هذا التعقيد، لا سيما على صعيد المشهد الروسي - الأوكراني، حيث «الناتو» برأس حربته، الولايات المتحدة الأميركية، وبالتبعية القارة الأوروبية العجوز، لا ينفكّان ينفخان في نيران المواجهة العسكرية بحجة حتمية هزيمة القيصر بوتين، ومن غير أدنى دالة على البحث في مخارج لإنهاء الحرب.
يكاد العالم يفقد سلامه، وقرع الخطوب، يقود من غير مواراة ولا مداراة إلى فكرة المواجهة العالمية، لا سيما النووية، وبخاصة بعد أن أخفقت الأمم المتحدة في العام المنصرم في تقليص مساحة الانتشار النووي، وعلى الأبواب اليوم عدة دول مرشحة للدخول إلى النادي النووي من جديد.
أكبر المستفيدين من دافوس هذا العام، ليسوا فقراء العالم، بل الأوكرانيين، الذين استغلوا غياب روسيا بالمرة، والتمثيل الضئيل للصين، التي باتت مهمومة بأزماتها الداخلية.
توجه الأوكرانيون إلى مئات الشخصيات السياسية الكبرى، بدءاً من المستشار الألماني أولاف شولتز، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وصولاً إلى ينس ستولتنبرغ، أمين عام حلف الأطلسي، وعلى اللسان دعوات لا تتوقف طلباً للمزيد من السلاح والمال، لتمديد أجل الحرب المشتعلة.
يتساءل أي محلل له مصداقية عن النتائج التي خرج بها المنتدى لتحسين اقتصاد العالم، سيما أن تقرير المخاطر العالمية السنوي الصادر عن المنتدى عينه، وقبل انعقاده ببضعة أيام، أظهر مخاطر جدية ستخيم فوق سماوات الكرة الأرضية في العام الحالي، من ركود وأزمة تكلفة المعيشة وضائقة الديون المتصاعدة.
أما البنك الدولي فقد خفض قبل أسبوعين توقعاته للنمو لمعظم البلدان، محذراً من أن الركود أصبح قريباً من العالم بشكل خطير.
المحصلة النهائية هي المزيد من التصريحات، والرطانة اللغوية، والمزيد من الإنشاء عن اللزوميات والينبغيات، ومن غير إجراءات حقيقية فاعلة على الأرض، لتحسين الأوضاع وتغيير الطباع.
ما يحدث في دافوس، هو عينه المتعلق بمؤتمرات المناخ العالمي، حيث الوعود الوهمية بمليارات الدولارات من الدول الصناعية الكبرى، التي تسببت في حالة الاحتباس الحراري، لنظيرتها الفقيرة التي تدفع أكلافاً باهظة من حياتها اليومية.
أحد أهم وأخطر التحديات التي تواجه العالم بعد المناخ، والحرب الكونية المرتقبة بدرجة عالية، تأتي قضية الغذاء والجوع في العالم، والمرتبطة جذرياً بالطاقة، وسلاسل الإمداد والتوريد.
لم تعد الحلول الجزئية، أو قصيرة الأمد تصلح لانتشال العالم من وهدته، كما أن البراغماتية الاقتصادية للسبع الكبار، لا تأخذ في اعتبارها احتمالات ارتفاع معدلات التضخم، تباطؤ النمو الاقتصادي.
بدت كذلك قضايا الاضطرابات المجتمعية، وثورات الجياع والمعوزين، بعيدة عمن يتطلع لإيجاد حلول لها، حتى توصيات «أوكسفام» لم تجد آذاناً صاغية من الكبار المنشغلين بمراكمة الثروات.
لم يصدر قرار واحد قاطع من عظماء دافوس يقضي بضرورة تمويل انتقال الدول النامية في مجال الطاقة، وتسديد التعويضات عن الكوارث الطبيعية المواكبة لتغير المناخ، ولم يقر البيان الختامي للمنتدى دول الجنوب، أو بقية دول العالم الفقيرة.
أفضل وأصدق تعبير عن أسباب العالم المجزأ، والذي يعيش حرباً عالمية ثالثة مجزأة، والتعبير للبابا فرنسيس، هو ذاك الذي صدر عن البروفيسور كلاوس شواب، مؤسس المنتدى، وفيه «أن نقص التعاون الدولي يؤدي إلى سياسات قصيرة الأمد وأنانية، الأمر الذي يعني الدوران في حلقة مفرغة، ومن غير مقدرة على الخروج من الأزمات».
حقيقة دافوس التي لا غش فيها، تناولها بصدق الصحافي الأميركي بيتر غودمان، صاحب كتاب «رجل دافوس.. كيف التهم أصحاب المليارات العالم»، وفيه يقول إنه «خلال أربعة أيام في جناح خاص في أحد فنادق منتجع دافوس، يمكن عقد صفقات أكثر مما يفعلون في أشهر من الرحلات حول العالم».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دافوس عالم مجزأ في حلقة مفرغة دافوس عالم مجزأ في حلقة مفرغة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon