توقيت القاهرة المحلي 11:36:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فُز بالشبكة... تنتصر في المعركة

  مصر اليوم -

فُز بالشبكة تنتصر في المعركة

بقلم:إميل أمين

ما الذي يجعل الداخل الأميركي خاصة، والعالم بوجه عام، ينشغل إلى حد الاشتباك في صراع؟ من حوّل وسائل التواصل الاجتماعي وشبكات المعلومات، لا سيما بعد ما تابعناه من عمليات تلاعب بالرأي العام الأميركي في العامين الماضيين، وغداة الإغلاق المتعمد من «تويتر» و«فيسبوك» لحسابات الرئيس الأميركي السابق ترمب، ما دفع الرجل الحالم بالعودة إلى البيت الأبيض من جديد، إلى إنشاء شركته الخاصة، «تروث سوشيال»، قبل أن يسمح له الفتى العبقري إيلون ماسك، بالعودة من جديد؟
تساؤل واسع، كبير ومثير، وسوف تزداد إثارته مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2024؛ أي بعد نحو عشرين شهراً.
أفضل من تناول عالم الشبكات المعلوماتية التي تتلاعب بالعقول أخيراً، كل من المحلل الاستراتيجي الأميركي بي دبليو سينجر، والكاتب الأميركي إيمرسون تي بروكينغ، في مؤلفهما الشهير: «شبه حرب... تسليح وسائل التواصل الاجتماعي»؛ إذ يعتبران ما يجري حرباً عالمية من نوع خاص، وليس مجرد معركة، حرب النصر فيها ليس لمن لديه أكبر عدد من الطلقات، بل من يتحكم في المعلومات، ما نراه، وما نسمعه، والطريقة التي تقدم بها تلك المعلومات، والكيفية التي يفكر بها أصحاب القرار.
المتابعون لمعركة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، في سعيه للعودة إلى البيت الأبيض، لا سيما في ظل التحدي الذي يواجهه من داخل حزبه، قبل الصراع مع المعسكر الديمقراطي المنافس، يدركون أن الرجل قد حزم أمره وعقد عزمه على اللجوء إلى المعلوماتية للخلاص من منافسيه، وفي مقدمهم حاكم فلوريدا الجمهوري، رون دي سانتوس، المرشح بقوة لأن يصبح غريمه في الحصول على ترشيح الحزب الجمهوري.
بدا واضحاً الأيام القليلة الماضية، سعي ترمب لتصيد أي أخطاء لدى سانتوس، والبحث عن كعب أخيل في جسده، ويبدو أن الحظ حالفه بعد ظهور معلومات تتهم الأخير بالعنصرية.
طفا على سطح الأحداث، اتهامات لحاكم فلوريدا بمنع تدريس مقرر الدراسات الأفريقية للثانويات العامة، ما يعني أن الرجل ليس له دالة على التسامح العِرقي، وفي وقت تشهد فيه أميركا صراعاً بين البيوريتانيين والجاكسونيين، وتهمة كهذه كفيلة بأن تقضي على مستقبله السياسي، إن لم تشعل البلاد من جديد.
هل كان ترمب وراء ظهور هذه المعلومات؟ ما من تأكيد حتى الساعة، غير أن المقطوع به هو أنه أول المستفيدين من الحرب المعلوماتية التي انطلقت عبر شبكات التواصل الاجتماعي، فخلال ساعات امتلأت «تويتر» و«فيسبوك» و«إنستغرام» وغيرها، بدعوات لطرد دي سانتوس من الساحة.
على سبيل المثال لا الحصر، صرح السيناتور الديمقراطي، شيفرين جونز، للإذاعة الوطنية الأميركية بأن «ناقوس الخطر ينبغي أن يدق حتى خارج حدود فلوريدا، ولا بد أن يثير القلق في أماكن أخرى».
إحدى الناشطات، غردت على «تويتر» تقول: «يجب عزله، هذا الشيء لا يخص إدارة أي شكل من أشكال الحكومة، إنه يريد ما لا يمكن أن يصبح عليه ترمب وهو ديكتاتور»، في حين أضاف ثالث: «إن عنصريتهم لا تعرف نهاية».
تبدو معلومة على هذا النحو، والتفاعل معها، كافية لأن تكلف النجم الجمهوري الصاعد في أعلى عليين، فرصته الذهبية للوصول إلى البيت الأبيض، وتكبد الحزب الجمهوري عناء البحث عن وجه لامع، أو قبول الدواء المر من وجهة نظر بعضهم، والمتمثل في ترشيح ترمب من جديد.
حديث الشبكات المعلوماتية، بات المكافئ الموضوعي لحروب السطو على الانتباه والسلطة معاً، ولهذا فإن أسلحة الإعلام في الداخل، يمكنها أن تكون أكثر فاعلية من حملات الانتخابات التقليدية، وفي الخارج أشد فتكاً من فاعلية القنابل التقليدية، وربما الذرية.
في هذا الصدد يمكن القطع بأن المعارك المعلوماتية لم تعد مجرد خيال علمي أو تقارير صادرة عن مراكز الأبحاث، بل باتت جزءاً لا يتجزأ من لعبة الشطرنج الإدراكية العالمية بتدافعها وانزياحاتها، ومن هنا يبدو واضحاً أن حكومات العالم، تعمل جاهدة لا للتكيف معها من باب القبول بالواقع، بل تبادر برسم معالم وملامح تلك المعارك القائمة والقادمة.
في كتاب «شبه حرب»، نجد المؤلفين يقدمان لنا قصتين وثيقتي الصلة بما يجري وراء الكواليس المعلوماتية، واحدة من أقصى الشرق، والأخرى في غرب الأرض.
اتبعت الصين منذ عام 2003 سياسة إعلامية معسكرة تقوم على شن ثلاث حروب في ذات الوقت:
- حرب نفسية، وفيها يتم تشكيل مدركات ومعتقدات الآخرين.
- حرب قانونية، وهذه يراد بها التحكم في المعاهدات والمواثيق الدولية.
- حرب الرأي العام، وهذه توجه للداخل الصيني تارة، وللخارج تارة أخرى.
والشاهد أن الصين التي تقيم اليوم تحالفاً سياسياً مع روسيا، بهدف مجابهة النفوذ الأميركي في شرق آسيا، تأتي في مقدم الدول التي تغزل على مقدرات الشبكات المعلوماتية الإلكترونية؛ ففي أوقات قوتها تضخم أوضاعها ومقدراتها في مخيلة الصينيين، وحين يتراجع نفوذها تعمل على تحويل انتباه شعبها إلى قضايا خارجية، وتظهر ذاتها ضحية للتنمر، وتتطلع للعب دور الدولة المسالمة، التي تستجيب على مضض بأن تبني جيوشها وتطالب بأراضٍ جديدة.
من هنا يفهم المرء استراتيجية الصين العسكرية التي بلورتها عام 2015، وتتمحور حول فكرة «الحرب التي تسرع من تطورها لتصبح حرباً معلوماتية».
بالنظر إلى الولايات المتحدة الأميركية، سيجد القارئ أنه منذ عام 2011، أطلق قسم الأبحاث في وكالة مشاريع البحوث المتطورة الدفاعية «داربا»، صاحبة اختراع شبكة الإنترنت، برنامج وسائل التواصل الاجتماعي في الاتصالات الاستراتيجية، لدراسة وتحليل المشاعر والتلاعب بها عبر شبكة الإنترنت.
وفي الوقت عينه، بدأت القيادة المركزية بالجيش الأميركي، في الإشراف على عملية «إيرنست فويس»، وهي تجربة بمئات الملايين من الدولارات، تستهدف محاربة الإرهابيين في أماكن انتشارهم كافة، من خلال تشويه محادثات وسائل التواصل الاجتماعي التي يقومون باستخدامها.
أما الجانب الخفي في هذه المعركة، فهو ذاك المتعلق بقوة الآخر الساعي لتغيير منظومة القيم الروحية والأخلاقية لمجتمعات بعينها؛ أي ما يسمى الغزو الثقافي.
الخلاصة: من يفز بالشبكة... ينتصر في المعركة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فُز بالشبكة تنتصر في المعركة فُز بالشبكة تنتصر في المعركة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 11:36 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

مي عمر تكشف عن مصير فيلمها مع عمرو سعد
  مصر اليوم - مي عمر تكشف عن مصير فيلمها مع عمرو سعد

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon