توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

2024... الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق

  مصر اليوم -

2024 الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق

بقلم:إميل أمين

في أوائل شهر مايو (أيار) الجاري، أعلن الأب الروحي للذكاء الاصطناعي، جيفري هنتون، استقالته من شركة «غوغل»، وانقلابه على اختراعه الذي غيَّر الأوضاع وبدَّل الطباع.

عظمة هذا الرجل، وربما كارثته، تتمثل في أن عمله على تطوير الشبكات العصبية الصناعية، أحدث ثورة في عالم التكنولوجيا الحديثة، وتعتبر أعماله حجر أساس لتطوير آلات شبيهة بالدماغ البشري، وتتميز باستقلالية عن مبرمجيها في المستقبل.

في خطاب رحيله، عبَّر هنتون عن ندمه جزئياً على العمل في مجال الذكاء الصناعي، محذراً من مخاطره التي قد تصبح فيما بعد خارج نطاق السيطرة.

هل نحن أمام تكرار الأزمة النفسية والأخلاقية عند ألفريد نوبل مرة أخرى؟

مهما يكن من أمر الجواب، فإن الرجل حذَّر من مشاكل الذكاء الصناعي، وشدد على أنه قد يتجاوز قريباً القدرة المعلوماتية للدماغ البشري.

تبدو المخاوف الآنية في الأشهر القليلة المنصرمة، من جراء تصاعد مد روبوتات المحادثة، والتي باتت لديها القدرة على التعلم بشكل مستقل، ومشاركة المعرفة، ما يعني أنه كلما حصلت نسخة واحدة على معلومات جديدة، يتم نشرها تلقائياً على المجموعة كلها.

كارثة الشبكات العصبية تتمثل في أنها قادرة على تحويل الخيال إلى واقع، فعلى سبيل المثال: في عام 2017، صُدم العالم بما فعلته إحدى شركات «تركيب الكلام»، وتدعى «ليريبيرد»، حيث أصدرت تسجيلات لمحادثة مزيفة مذهلة في مطابقتها للأصل، بين باراك أوباما وهيلاري كلينتون ودونالد ترمب.

شركة أخرى كشفت النقاب عن أداة لتحرير الأصوات سمَّتها «فوتوشفور أوديو»، تظهر كيف يستطيع المستخدم تعديل حديث أو الإضافة إليه في ملف صوتي، بالسهولة نفسها التي يمكننا بها تعديل صورة ببضع لمسات ونقرات، ما يعني أن الشبكات العصبية باتت قادرة على توليف ما نقرأه ونسمعه، والأخطر من ذلك ما نراه.

هل لهذا جاء تقرير وكالة الأخبار الشهيرة «أسوشييتد برس»، قبل بضعة أيام، ينذر ويحذر من مخاطر الذكاء الصناعي على الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2024؟

باختصار مفيد، يلفت مهندسون للكمبيوتر وعلماء السياسة المهووسون بالتكنولوجيا الانتباه لما قد تفعله تلك الأدوات التكنولوجية العصرانية، في واقعنا الحالي؛ إذ يمكنها تزييف الحقائق تزييفاً عميقاً، وبما يكفي لخداع الناخبين وتالياً التأثير على توجهات العملية الانتخابية.

وبمزيد من التوضيح، سوف تتمكن تلك الآليات المستحدثة، من التلاعب بالخوارزميات القوية، وربطها بشبكات التواصل الاجتماعي الحديثة، وبث مواد مكتوبة ومعدَّة بصورة لا يسهل فرزها وتمييزها، سواء كان الأمر صوراً أو فيديوهات، أصواتاً أو وجوهاً، ما يمكنها من الانتشار بشكل واسع وبسرعة فائقة، للوصول إلى جماهير محددة للغاية، مما قد يعزز الحيل والأهداف غير الأخلاقية للحملات الانتخابية.

أضحت مخرجات الذكاء الاصطناعي اليوم قادرة على إنتاج رسائل إلكترونية، تبدو كأنها حقيقية من شخوص بعينهم، لكنها منحولة، وتستطيع تلك الآليات غير المسبوقة أن تقدم للعالم نصوص وتقارير عالية الجودة وبشكل سريع، ما يعني تضليل الناخبين، عبر انتحال شخصيات مرشحين، وتقويض الانتخابات على شكل واسع.

يكاد المطالع لتقرير الوكالة الإخبارية الأميركية الشهيرة، أن يؤمن بأن الأمر بمثابة، «تنبؤات ذاتية التحقق»، تستبق الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة، المثيرة في أصلها، والتي تصاحبها توقعات مخيفة.

من تلك التوقعات، أو التنبؤات، أن يصحو بعض من الأميركيين ليجدوا رسائل صوتية من عمال الحملات الانتخابية، ترشدهم إلى الوقت الخطأ للعملية الانتخابية، وقد تصل البعض الآخر تسجيلات صوتية لمرشح يفترض أنه نادم على خطأ اقترفه، أو جريمة فعلها من قبل، الأمر الكفيل بتشويه صورته في أعين مريديه، عطفاً على إمكانية مشاهدة لقطات مصورة لمرشح بعينه يلقي خطاباً من خطابات الكراهية، فتنفر الجماهير وتنفض من حوله.

السؤال الصعب الذي بات يخيف القائمين على قطاع الأمن القومي الأميركي في الداخل والخارج: «هل يمكن عبر الذكاء الاصطناعي أن يتم التلاعب بالانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة من قبل أعداء أميركا؟».

التساؤل المتقدم يبدو كأنه رجع صدى لما جرت به المقادير، خلال الانتخابات الرئاسية 2016، ولا تزال الاتهامات للروس قائمة في أذهان كثير من الأميركيين، حول تدخلهم لصالح ترمب من جانب، ومعاقبة هيلاري كلينتون من جانب آخر.

وإلى أبعد من ذلك، يشوب القلق كثيراً من الأوساط الليبرالية الأميركية، من جراء احتمالات تعرض العملية الديمقراطية في الداخل الأميركي برمتها لهجومات الذكاء الاصطناعي، والتي تسعى لتقويض ثقة الأميركيين في نظام حكمهم وعملية انتخاباتهم.

المتابعون لقضايا الذكاء الاصطناعي من الأميركيين، بنوع خاص، يتساءلون عن الخوف الأعظم الذي يدور حول إذكاء موجات العنف المتوقعة خلال العملية الانتخابية، سيما في ظل الصراع المجتمعي والاستقطاب القائم والقادم ما بين ترمب وبايدن، بين الجمهوريين والديمقراطيين.

هل الولايات المتحدة في مواجهة تجييش الذكاء الاصطناعي عبر موسم سياسي يمكن أن يكون مدمراً للغاية؟

علامة الاستفهام المتقدمة، طرحتها ضمن مداخلة طويلة لها النائبة الديمقراطية عن نيويورك، إيفيت كلارك، وتناولت أزمة المعادلة الصعبة في المواءمة بين مواكبة التكنولوجيا من جهة، مع إقامة بعض الحواجز بهدف الحماية من جهة ثانية، وخصوصاً في ضوء ما توفر من إمكانات التلاعب وخداع الناس.

وفي كل الأحوال، يمكننا القول إن الذكاء الاصطناعي، بكل تبعاته وبصماته، الإيجابية أو السلبية، قد بات لاعباً جديداً في عالم السياسة الدولية، كما بات السياسيون منقسمين من حوله، وعلى من يريد الاستزادة النظر إلى الجدل القائم بين الناشطين اليمينيين الغربيين الذين يحذرون من الإمكانات التي يوفرها -على سبيل المثال- روبوت المحادثة «تشات جي بي تي»، بسبب انحيازاته الليبرالية والتقدمية.

أيكون عصر الذكاء الاصطناعي هو زمن الصعود إلى الهاوية والتقدم إلى الخلف؟

في يونيو (حزيران) من عام 2018، صدر تقرير مهم عن مؤسسة «تشاتام هاوس» (المعهد الملكي للشؤون الدولية)، شارك في إعداده خمسة من كبار المتخصصين، عنوانه: «الذكاء الاصطناعي والشؤون الدولية: الاضطراب المنتظر».

قراءة ومناقشة التقرير تحتاج لحديث مفصل لاحق، بينما الحقيقة المؤكدة أن العالم بات رهن الذكاء الاصطناعي وتطوراته ومخاوفه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

2024 الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق 2024 الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon