توقيت القاهرة المحلي 23:51:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف تفكر إيران إقليمياً وأممياً؟

  مصر اليوم -

كيف تفكر إيران إقليمياً وأممياً

بقلم : إميل أمين

عشية الاثنين الماضي، وصل المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، إلى طهران، في زيارة تسبق استكمال المفاوضات النووية المقررة بأيام قليلة.
غروسي المحمل بالآمال والأحلام العريضة يأمل من زيارته إنشاء ما أسماه قناة مثمرة وتعاونية للحوار المباشر مع طهران ونظام الملالي، ويفوته أن يطرح التساؤل الذي يمثل المعبر الرئيس للتعاطي مع إيران، عوضاً عن تسويف الوقت الذي تتبعه إلى حين مفاجأة الإقليم والعالم بامتلاكها سلاحها النووي.
تبدو مسألة فهم العقلية الإيرانية مسألة معقدة، ولا سيما أن النظام الإيراني منذ الثورة يتعاطى مع العالم بازدواجية واضحة، حمائم وصقور، أنصار الحوار والانفتاح على الآخر، والباحثين عن جذور الحضارة الإيرانية المفارقة لأي اتفاق مع الجيران، وربما العالم برمته.
من المدهش أن روح الاستعلاء كامنة في النفس الإيرانية سواء في زمن نظام بهلوي، أو الخميني، وبنوع خاص تجاه المحيط العربي.
على الذين يسعون حثيثاً وراء إيران ومحاولة التوصل إلى اتفاق نووي معها بأي ثمن، وقد أماطت صحيفة النيويورك تايمز الأميركية اللثام عن سعي البيت الأبيض للتوصل إلى اتفاق مؤقت مع النظام الإيراني، أن يراجعوا الدستور الإيراني، ويربطوا بينه وبين التوجهات النووية الإيرانية، عطفاً على الصاروخية، ثم أوهام السيادة على الخليج العربي، وتهديد المياه في البحر الأحمر.
يعنّ للقارئ التساؤل، وعلى أوروبا والولايات المتحدة بنوع خاص أن تصيخ السمع: «لماذا تفكر إيران في حيازة سلاح نووي؟ وقد أعلنت قبل أسابيع أنها باتت تمتلك نحو 25 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة، ما يعني أنها قريبة بالفعل من حد تخصيب 90 في المائة الذي يستخدم في صناعة القنبلة النووية.
من المثير أن إيران ليست في حالة حرب حدودية أو وجودية مع الآخرين، ومن هنا يستدعي المشهد البحث في ماورائيات الفكر الحاكم لإيران.
في هذا الإطار لا يزال التساؤل الذي طرحه هنري كيسنجر، بطريرك السياسة الأميركية، يحلق في الآفاق من غير جواب إيراني رسمي شافٍ وافٍ: «هل إيران ثورة أم دولة؟».
بحسب الخميني، تبدو ثورة واجبة التصدير إلى الخارج، بدءاً من جيرانها العرب أول الأمر، وصولاً إلى بقية أرجاء العالم تحقيقاً لرسالة دوغمائية تدعي حتمية قيامها بها.
أما عن الجيران في الخليج العربي وبقية الشرق الأوسط، فإيران لا تزال تحمل أحقاداً تاريخية للمنطقة تحوم حول الحضارة الفارسية.
ولعله من المفيد أن نطالع كتاب «قرنان من الصمت»، للمؤرخ القومي الإيراني «عبد الحسين زارنيكوب»، وفيه يصف العرب بأنهم كانوا أجلافاً، وفرضوا العربية بحد السنان... وعملوا على تركيع حضارة قديمة، كما أن سيطرتهم على البلاد لمدة 200 سنة كانت كفيلة بتدمير الحضارة الفارسية.
من هذا المنطلق، يفهم القارئ رؤية الملالي للدول العربية، تلك التي أصّلها الخميني في الأيام الأولى من ثورته، حين حلم بأن يرى علم الثورة الإيرانية يرفرف على العواصم العربية كافية.
لم تتوقف طهران عند حدود الحلم، ولعلها اقتنصت فرصة الفوضى التي أتاحها الوجود الأميركي في الشرق الأوسط، إضافة إلى زمن الربيع العربي المغشوش والمكذوب، لتمدّ نفوذها بصور غير كلاسيكية، فهي كدولة متوسطة الحجم ترى أن أدوات غير تقليدية تلزمها للحفاظ على هيمنتها وسيطرتها، ما تمثل في دعم وزخم وكلاء الحرب خاصتها، من الحوثي في اليمن، إلى «حزب الله» في لبنان، مروراً بـ«الحشد الشعبي» في العراق، ونوابها في دمشق.
فات واشنطن وبروكسل التوقف عند المادة الخامسة من الدستور الإيراني، التي تنص على أن «الولي الفقيه والدولة الإيرانية يمهدان لما يعرف بـ(إمام الزمان)، وبالتالي تكون الدولة الإيرانية الحالية مؤقتة، وحدودها الجغرافية كذلك مؤقتة».
إقليمياً تعمل إيران من خلال الاحتماء بمظلات آيديولوجية مليئة بالثقوب، كالدفاع عن القضية الفلسطينية، وخارجياً تتمثل اليوتوبيا الأبوكريفية بارتداء ثوب دون كيشوت المدافع عن المستضعفين في الأرض.
لن تغير إيران مساراتها وتعدل مساقاتها إلا حين تدرك أن الثورة مهددة قبل الدولة، وهو ما حدث بالفعل عام 2003 حين شعر خاتمي أن الزحف الأميركي بعد أحداث سبتمبر (أيلول) يمكن أن يطال بلاده، وهو الأمر نفسه الذي وصّى به دنيس روس مؤخراً بايدن من أنه لا نجاح مع إيران من غير تلويح جديّ بالحرب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف تفكر إيران إقليمياً وأممياً كيف تفكر إيران إقليمياً وأممياً



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 02:55 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبرز قصات فساتين الزفاف الهالتر الرائجة في 2025
  مصر اليوم - أبرز قصات فساتين الزفاف الهالتر الرائجة في 2025

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 21:23 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

السيسي يستقبل البرهان ويؤكد على ضرورة وقف إطلاق النار
  مصر اليوم - السيسي يستقبل البرهان ويؤكد على ضرورة وقف إطلاق النار

GMT 17:24 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم
  مصر اليوم - دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم

GMT 07:55 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يحدد 3 مفاتيح لاستعادة الأمن في شمال إسرائيل
  مصر اليوم - نتنياهو يحدد 3 مفاتيح لاستعادة الأمن في شمال إسرائيل

GMT 21:27 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

محمد صلاح خارج سباق المنافسة على جائزة أفضل لاعب أفريقي

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

GMT 13:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي مستلهم من الصيام لتحسين صحة الكلى

GMT 13:55 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الهلال يستضيف الزمالك في ليلة السوبر السعودي المصري

GMT 12:19 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحصد 31 ميدالية متنوعة مع ختام بطولتي الرماية

GMT 06:22 2024 الجمعة ,09 آب / أغسطس

عمرو أديب يحذر من فيلم سبايدر مان الجديد

GMT 11:18 2019 الثلاثاء ,20 آب / أغسطس

اهمية تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى مصر

GMT 22:37 2019 الإثنين ,18 آذار/ مارس

" ابو العروسة " والعودة للزمن الجميل

GMT 00:36 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

برشلونة يقسو على إشبيلية وميسي يُسجِّل في الوقت الضائع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon