توقيت القاهرة المحلي 22:47:19 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«حلف الناتو» ومواجهة «حلف الأضداد»

  مصر اليوم -

«حلف الناتو» ومواجهة «حلف الأضداد»

بقلم : إميل أمين

على الرغم مما يبدو هدوءاً نسبياً على الساحة الروسية – الأوكرانية، الذي ساد لبضعة أيام مطلع الأسبوع الفائت، فإن القلق عاد ليتصاعد مرة أخرى، في ظل المحاولات الأميركية الحثيثة، الساعية إلى عسكرة المشهد الأوروبي من جهة، وقيام روسيا بتحريك قوات كبيرة إلى دولة أخرى جارة، يرجح أن تشاركها ردات فعلها، حال قررت اللجوء إلى القوة المسلحة.
الأربعاء الماضي، قرر الرئيس الأميركي جو بايدن رسمياً إرسال 3 آلاف جندي، ليتم نشرهم في بولندا، وألمانيا، ورومانيا، في خطوة لتعزيز دول الناتو في أوروبا الشرقية.
هل هناك رائحة حرب باردة جديدة، لن تنفك أن تضحى ساخنة عما قريب من خلال هذا الإجراء الجديد؟
المعروف أن هناك جاهزية لدى وزارة الدفاع الأميركية، لإرسال نحو 8 آلاف جندي في الوقت الحاضر، إذا اقتضى الأمر، ومن البدهي القول إن تلك الأعداد يمكنها أن تتصاعد إلى عشرات الآلاف حال حدوث صدام عسكري. تبدو الخطوة الأميركية الأخيرة جزءاً من حرب نفسية وليس أكثر، فواشنطن في نهاية المطاف لا تريد الانزلاق في مواجهة مع موسكو، تدرك أنه لا نصر فيها ولا هزيمة، وإنما خسارة فادحة للطرفين، وربما لهذا كان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي يصرح بالقول إن «هذه القوات لن تقاتل في أوكرانيا».
حسناً... لكن ماذا حال جاء الرد الروسي المباشر بالرفض المطلق لموقف الناتو من الضمانات الروسية التي يطلبها القيصر بوتين؟
يبدو الردّ غامضاً بنفس نوعية جنرال الـ«كي جي بي» السابق، بل بلغ الغموض حدّ تصريح ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس الروسي بوتين، أن الرد سيظهر للعلن حين يرى سيد الكرملين أن الوقت قد حان للرد، الأمر الذي يؤكد ما يردده الأميركيون جهراً لا سراً، أن «الثعلب الروسي» يتلاعب بالجميع، وأن أحداً غير قادر على معرفة ما يدور في ذهنه، وما هي خطوته المقبلة.
ردّ الفعل الروسي على قرار بايدن بإرسال 3 آلاف جندي، جاء ذكياً، وعرف كيف يغزل على متناقضات اللحظة، إذ أكد بيسكوف أن الولايات المتحدة في الواقع تواصل تصعيد التوتر في أوروبا، وأن نشر القوات الأميركية على الأراضي الأوروبية، ومنها ما هو جارّ تاريخي لروسيا، أمر يقطع بما لا يحمل مجالاً للشك على أن روسيا لديها أسباب واضحة ومشروعة للقلق من التصرفات الأميركية، ولا سيما تلك التي تخطط لها حال امتد الوجود اللوجستي إلى أراضي أوكرانيا أو جورجيا.
نهار الخميس عاد القلق مرة أخرى ليخيم بجناحيه على القارة الأوروبية، وبدا أن الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، منزعج من مواصلة روسيا حشد عدد من قواتها حول أوكرانيا، وهذه المرة ليس على الحدود الروسية الأوكرانية مباشرة، بل على حدود بيلاروسيا الحليف التقليدي لموسكو.
الحديث بالأرقام يؤكد وجود نحو 30 ألف جندي روسي في بيلاروسيا، وهذا أكبر انتشار عسكري للروس في الجمهورية الحليفة منذ الحرب الباردة.
ما يزيد القلق الأوروبي هو أن تلك القوات مدعومة من القوات الخاصة الروسية، والطائرات المقاتلة المتطورة، وصواريخ إسكندر الباليستية القصيرة المدى، وأنظمة الدفاع الجوي الصاروخي «إس 400».
الرئيس بوتين غير عابئ بردّات الفعل الأميركي، ذلك أنه من الواضح وجود خطط لتوريط «الناتو» في مواجهة أوسع من مجرد مجابهة موسكو... فماذا عن هذا؟
باختصار غير مخلٍ، وكما كثير من النتائج الجانبية التي تظهر مع تطورات الأحداث الجسام، فقد تسمح الظروف الموضوعية هذه المرة بنضوج «حلف الأضداد» إن جاز التعبير، ما بين موسكو وبكين، وما وراءهما. لم تضحَ ولن تضحى الطبقات الحضارية والتاريخية، العسكرية والسياسية الروسية، عبر الأزمنة البعيدة أو القريبة، مرتاحة بالمطلق لنظيرتها الصينية، وربما كان للصينيين موقف وموضع آخر من روسيا الجار الأقرب، لو لم تكن ترسانة الروس النووية، وصناعاتهم العسكرية، مهدداً حقيقياً لهم.
إنه إذن حلف الأضداد الذين يجتمعون عند لحظة بعينها، وبهدف مواجهة خصم مشترك، حلف براغماتي النزعة، موقوت إن جاز القول.
يبدو حلف الأضداد هذا رداً سياسياً روسياً أول الأمر، ويحمل في أحشائه في كل الأحوال أدوات عسكرية قابلة للتفعيل، حال انتوى الجميع اللجوء إلى الخيار الآخر (شمشون آخر)، وإذا انسدت بهم السبل الدبلوماسية.
تبدو الفكرة أقرب ما تكون إلى إنشاء حلف قاري بالمعنى الجغرافي، تكون موسكو وبكين محوره الرئيس، ولا سيما أن كليهما يواجه ضغوطاً أميركية قليلها جهراً، وكثيرها سراً.
ما يمكن أن يزعج واشنطن وبروكسل هو أن حلف الأضداد هذا يمكن أن تتسع دائرته لتضم دولاً في الاتجاه الجنوبي الغربي، وبالتحديد إيران؛ حيث سيصبح الأمر بالنسبة لها طوق نجاة، إضافة إلى كوريا الشمالية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالصين منذ زمان وزمانين. وربما تتجاوز الدعوة إلى بعض الجمهوريات السوفياتية السابقة، مثل بيلاروسيا، وباكستان، وسوريا، ولاحقاً سيطفو على السطح كثير من القوى المناوئة للعولمة كمكافئ موضوعي للأمركة.. دول بعضها قد يظهر في الجوار الجغرافي الاستراتيجي الأميركي، كفنزويلا، وربما كوبا، وغيرهما.
هل واشنطن في طريقها لمنزلق جديد؟
ربما هذا ما حذّر من تبعاته السيناتور الجمهوري جوش هاولي، مؤخراً، حين رفض حمل العبء الأوروبي الثقيل الذي حملته واشنطن من قبل ذات مرة في مناطق أخرى من العالم، وفي مقدمها أوروبا...
ثم ماذا؟
الغموض سيد الموقف، ويخشى المرء أن تضحى الغلبة لسيناريو كرة الثلج.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حلف الناتو» ومواجهة «حلف الأضداد» «حلف الناتو» ومواجهة «حلف الأضداد»



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 02:55 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبرز قصات فساتين الزفاف الهالتر الرائجة في 2025
  مصر اليوم - أبرز قصات فساتين الزفاف الهالتر الرائجة في 2025

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 21:23 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

السيسي يستقبل البرهان ويؤكد على ضرورة وقف إطلاق النار
  مصر اليوم - السيسي يستقبل البرهان ويؤكد على ضرورة وقف إطلاق النار

GMT 17:24 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم
  مصر اليوم - دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم

GMT 07:55 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يحدد 3 مفاتيح لاستعادة الأمن في شمال إسرائيل
  مصر اليوم - نتنياهو يحدد 3 مفاتيح لاستعادة الأمن في شمال إسرائيل

GMT 21:27 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

محمد صلاح خارج سباق المنافسة على جائزة أفضل لاعب أفريقي

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

GMT 13:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي مستلهم من الصيام لتحسين صحة الكلى

GMT 13:55 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الهلال يستضيف الزمالك في ليلة السوبر السعودي المصري

GMT 12:19 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحصد 31 ميدالية متنوعة مع ختام بطولتي الرماية

GMT 06:22 2024 الجمعة ,09 آب / أغسطس

عمرو أديب يحذر من فيلم سبايدر مان الجديد

GMT 11:18 2019 الثلاثاء ,20 آب / أغسطس

اهمية تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى مصر

GMT 22:37 2019 الإثنين ,18 آذار/ مارس

" ابو العروسة " والعودة للزمن الجميل

GMT 00:36 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

برشلونة يقسو على إشبيلية وميسي يُسجِّل في الوقت الضائع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon