توقيت القاهرة المحلي 06:13:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التنمية والمناخ... معارك الشرق الأوسط

  مصر اليوم -

التنمية والمناخ معارك الشرق الأوسط

بقلم : إميل أمين

تبدو معارك إقليم الشرق الأوسط، وكأنها على موعد جديد مع نوع مغاير من الجولات غير المسلحة، حتى وإن كان صوت الرصاص لا يزال يسمع في بعض المناطق.
عدة تصريحات صدرت الأيام القليلة الماضية، من مسؤولين دوليين، تقطع بأن هناك مواجهات لا تقل ضراوة عن ميادين المعارك الحربية، تنتظر أصحاب هذه البقعة من العالم.
خذ إليك ما فاهت به كريستالينا غورغييفا، مديرة صندوق النقد الدولي، من أن تواتر شدة الكوارث المرتبطة بالمناخ، تزايد في الشرق الأوسط على نحو أسرع من أي مكان آخر في العالم، ما يشكّل خطراً كبيراً على النمو والرخاء.
في وثيقة محدثة لصندوق النقد الدولي، نجد أن الكوارث المناخية في المنطقة، أصابت وشرّدت نحو سبعة ملايين شخص في المتوسط، ما تسبّب في أكثر من 2600 وفاة، وأضرار مادية تقدّر بـملياري دولار.
ما الذي يعنيه ارتفاع درجة الحرارة في المنطقة 1.5 درجة مئوية، أي ضعف الزيادة العالمية؟
البداية من عند شح تساقط الأمطار، وتعرض الأراضي الزراعية إلى نوع شديد من الجفاف، ما يعني خسارة دائمة على مستوى الناتج المحلي الإجمالي، تصل إلى نسبة 5.5 نقطة مئوية في بعض الأماكن.
حديث غورغييفا يتفق مع التصريحات المثيرة للهلع وليس القلق، التي جاءت على لسان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والتي أكد فيها أن العالم يسير مغمض العينين نحو كارثة مناخية.
ربما من حسن الطالع أن مؤتمرات التغير المناخي ستعقد في العالم العربي في القريب العاجل، إذ ستشهد مصر دورة هذا العام، والإمارات العربية المتحدة العام الذي يليه، ما يلقي بعبء واضح تجاه تقديم رؤى وأفكار واقعية قابلة للتطبيق عالمياً، في محاولة الساعة الحادية عشرة لاستنقاذ الكوكب الأزرق من الخطر الداهم المحدق به.
وفي الطريق تبقى سرعة تطبيق البرامج العربية المختلفة الخاصة بمواجهة التغيرات المناخية في الشرق الأوسط فرضاً لا نافلة، وفي المقدمة المضي قدماً في مشروعات التشجير، والحفاظ على المياه، واستصلاح المزيد من الأراضي، وتحويل المياه المالحة إلى مياه عذبة، عطفاً على تقنين البرامج الخاصة بترشيد استهلاك المياه بشكل عام، وتغيير أنظمة الري للمزيد من توفير سلعة الحياة الرئيسية الأكثر أهمية من النفط في حاضرات أيامنا.
بالإضافة إلى ما تقدم ينبغي التعاطي مع إشكالية المناخ في الشرق الأوسط، ضمن إطار التغيرات العالمية، بمعنى ضرورة التركيز على الدعم الدولي لتمويل إجراءات التكيف مع التغيرات المناخية، لا سيما أن غالبية تكاليف الثورة الإيكولوجية على البشرية، قد تسببت فيها القوى الصناعية الكبرى، وليس دول المنطقة، وعلى غير المصدق مراجعة تصرفات الصين، على سبيل المثال، ففي اليوم الثالث من مؤتمر غلاسكو للمناخ قبل بضعة أشهر، رفعت استهلاكها من الفحم الكربوني بمقدار الربع، ولا عزاء لكل مقررات المؤتمر الأخير، ما يعني أن تحذيرات غوتيريش حقيقية، وأن الطامة المناخية قادمة لا محالة.
معركة المناخ شرق أوسطياً، ليست أقل أهمية ومصيرية من المعارك العسكرية، ويكفي معرفة أن الكوارث المناخية في المنطقة تخفض النمو الاقتصادي السنوي بواقع 1 - 2 نقطة مئوية، على أساس نصيب الفرد، ومن المتوقع أن تصبح هذه الأحداث المناخية أكثر شيوعاً وحدّة، مع ارتفاع حرارة كوكب الأرض.
الموقعة الثانية التي يتوجب الانتباه لها عربياً وشرق أوسطياً، هي معركة التنمية الاقتصادية، خاصة في ضوء أن المنطقة لم تكن بمنأى عن الخسائر الرهيبة التي خلفتها من ورائها جائحة «كوفيد – 19» وتبعاتها، الأمر الذي تمثل في إغلاق المنافذ الجمركية، وتباطؤ حركة المبادلات العربية، وتوقف الانتقالات والسفر.
أضف إلى ذلك الخسائر التي حدقت بالمنطقة من جراء ظاهرة التضخم العالمي، وحالة الكساد التي سادت العالم برمته في العامين الأخيرين.
تالياً وكأن العالم ينقصه المزيد من مراحل درب الآلام، فإذ بالحرب الروسية – الأوكرانية تنطلق بدورها، ما دفع أسعار الطاقة إلى الارتفاع، الأمر الذي يهدد الاقتصادات النامية والكبيرة على حد سواء.
خلال أعمال القمة العالمية للحكومات في دبي، التي عقدت قبل أيام، أشار إلى أندرميت جيل، نائب رئيس البنك الدولي للنمو العادل والتمويل، إلى أن الحرب ستوجه مزيداً من انتكاسات النمو للأسواق الناشئة المتراجعة بالفعل على مسار التعافي من جائحة «كورونا»، والتي تجد صعوبة في مواجهة مجموعة من أوجه عدم اليقين، من الديون إلى التضخم.
ولعل الاضطرابات المتوقعة في الأيام والأسابيع المقبلة، على صعيد أسواق النفط والغاز، وبخاصة بعد المرسوم الذي وقعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبيع الغاز والنفط للدول غير الصديقة بالروبل، ورفض الأوروبيين استخدام عملات أخرى غير الدولار واليورو، أمر سيؤدي إلى المزيد من ارتفاع أسعار المحروقات، ما سيتردد صداه في جميع أنحاء العالم، ويضر بالأشخاص الأكثر ضعفاً في الأماكن الأكثر هشاشة.
والشاهد أنه يتوجب ألا ينتظر العقلاء والفهماء في عالمنا العربي تردي الأوضاع الاقتصادية العالمية، للتحرك الخلاق والإيجابي لدرء المخاطر الواقفة تقرع على الباب، بل العمل السريع على الارتقاء بمنظومة التكامل الاقتصادي العربي التي كثر الحديث عنها وطال انتظارها.
وللموضوعية نقول إننا نشهد بالفعل بدايات تنسيق وتعاون عربي – عربي، في مجالات الاستثمارات خلال الفترة الأخيرة، ما يمكن أن يجعل من محنة معارك المناخ والتنمية، نعمة للوصل والتواصل العربيين المنشودين منذ وقت طويل.
الساحة العربية في حاجة إلى وصل وتواصل عقلاني ووجداني، ينعكس اقتصادياً وبيئياً، فالتحدي هائل والمخاطر جمة... هل لنا أن نستفيد من الشدائد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التنمية والمناخ معارك الشرق الأوسط التنمية والمناخ معارك الشرق الأوسط



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 17:24 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم
  مصر اليوم - دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم

GMT 04:39 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
  مصر اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد تزوير الانتخابات يدعمه إيلون ماسك

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة

GMT 13:06 2021 الثلاثاء ,08 حزيران / يونيو

أنشيلوتي يحسم موققه من ضم محمد صلاح إلى ريال مدريد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon