توقيت القاهرة المحلي 20:45:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مؤتمر الفلسفة... حراك نهضوي سعودي

  مصر اليوم -

مؤتمر الفلسفة حراك نهضوي سعودي

بقلم : إميل أمين

لم يكن العالم العربي منبت الصلة بالفلسفة وشؤونها وشجونها، ولم تكن شبه الجزيرة العربية بعيدة منذ القدم عن مجال نقل الثقافات والعلوم الفلسفية، إذ كانت جسراً ثقافياً لربط العالم العربي ببقية دول العالم، والعهدة على الراوي، رئيس المؤتمر العالمي للفلسفة، البروفسور لوكا ماريا سكارانتيو، الذي وصف دعوة أهم الفلاسفة حول العالم إلى المملكة العربية السعودية، خلال الأيام القليلة المنصرمة، بالحدث صاحب الأثر الكبير الذي يتجاوز حدوده إلى بقية دول العالم.
على مدى 3 أيام، انعقد في الرياض أول مؤتمر دولي من نوعه يقام في السعودية، أطلقته هيئة الأدب والنشر والترجمة بمشاركة مفكرين ومؤسسات من مختلف دول العالم.
ولعل التساؤل الأول الذي يتقاطع مع الحديث عن الفلسفة عند كثيرين هو: «ما دلالات هذا المؤتمر، وفي هذا التوقيت؟».
لا يمكن تقديم جواب من غير الوقوف عند المعنى والمبنى لفعل الفلسفة، التي تتمحور حول البحث عن الحكمة، فيما يبقى الفيلسوف محب الحكمة عبر الزمان والمكان.
أن تعقد المملكة مؤتمراً دولياً عن الفلسفة يدور حول مرتكزات اللامتوقع وكثير من القضايا المهمة كالفلسفة في الإسلام، وكيفية التعامل الفردي من الخصوصية في عالمنا الحديث، وقضايا من عينة تجاوز الفلسفة الإسلامية مجرد كونها فلسفة، يعني أن هناك حراكاً نهضوياً عقلياً، وبناء معرفياً تراكمياً، وكلها تشاغب الرصيد الحضاري للمملكة عبر الأجيال والقرون الماضية، تعيد مسح التراب من عليه، وتستهل مرحلة جديدة تتساوق ورؤية 2030 النهضوية والتنويرية في البلاد.
قبل بضع سنوات كانت الفلسفة شبه غائبة عن الساحة الثقافية في المملكة العربية السعودية، ناهيك عن انعدام أثرها في السياقات التعليمية.
غير أنه وقبل عام تأسست أول جمعية فلسفية مرخصة في تاريخ السعودية، وقد لقي الخبر صدى واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، ورحب الجميع بالفعل الفكري البناء، ولا سيما أن الفلسفة تعلمنا طرح الأسئلة، التي عادة ما تكون أهم من الإجابات، ذلك أن الأخيرة تقودنا في اتجاه واحد، بينما الأولى تسعى بنا في الآفاق الكونية الرحيبة.
واقع المملكة الفكري اليوم يمكن التعبير عنه باستعارة بعض الكلمات من افتتاحية المؤتمر للدكتور محمد حسن علوان الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة، التي فيها اعتبر أن «السعودية واحدة من أكثر دول العالم تغيراً، ولا تكاد تضاهيها دولة في سرعة الحراك النهضوي، وهو الأمر الذي ستكون له انعكاسات فلسفية وفكرية وثقافية مختلفة».
ولعل المرء يتساءل، مخلصاً البحث عن التساؤل، والبحث عن الإجابة: «أهناك عداوة حقيقية بين الإسلام والفلسفة؟».
الشاهد أن كثيراً من الفلاسفة المسلمين قد انطلقوا في مجال الفلسفة من خلال نصوص قرآنية تحثّ على استخدام العقل بهدف التزود بالمعرفة، وما أكثر الأفعال القرآنية التي تسعى في طريق البحث في الكون وآياته، من مثل «أفلا تعقلون»، «أفلا تتفكرون»، «لقوم يعقلون»، إلى آخر الدعوات المشابهة.
يحدثنا أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي عن الفلسفة بوصفها «علم الأشياء بحقائقها بقدر طاقة الإنسان، لأن غرض الفيلسوف في علمه إصابة الحق، وفي عمله العمل بالحق». وقد كان الكندي أول الفلاسفة المشّائين المسلمين، كما اشتهر بجهوده في تعريف العرب والمسلمين بالفلسفة اليونانية القديمة والهلنستية.
والشاهد أننا لا نتجاوز الواقع تهويلاً إن قلنا إن الحضارة الغربية مدينة في جانب كبير من تقدمها لفلاسفة عرب قدموا التراث اليوناني المعرب إلى الحواضن الغربية، التي عرفت كيف تكمل مسيرة التحقيق والتدقيق العقلي، ومن ثم لامست فلسفة الأنوار، وبدأت عهدها مع الحداثة، وخلت من ورائها دروب الإظلام والعتم العقلي.
كيف للمرء أن يطالع أسماء الفارابي، وابن سينا، وابن باجة، وابن رشد، والإدريسي، وابن النفيس، وابن الهيثم، وصولاً إلى ابن حزم، والغزالي، ليدرك الباع الطويل للعرب والمسلمين في عالم الفلسفة، بل إن جماعات فلسفية بعينها نشأت وارتقت في العالم العربي، كما الحال مع جماعة إخوان الصفا، سواء اتفقنا معهم أو افترقنا عنهم، وقد اتخذوا من البصرة موقعاً وموضعاً لهم، وحاولوا أن يوفقوا بين العقائد الإسلامية والحقائق الفلسفية المعروفة في القرن الثالث الهجري، العاشر الميلادي.
من أهم المشاهد التقدمية في مؤتمر الرياض للفلسفة تجرؤه على الأمل، من خلال النظر للأطفال على أنهم فلاسفة المستقبل، فقد أشار الفيلسوف الأميركي كريستوفر فيليبس المشارك في أعمال المؤتمر إلى أهمية إتاحة الفرصة للأطفال والتأكيد على وجوب قيادتهم في كثير من المجالات، وهو ما فعلته إدارة المؤتمر من خلال تخصيص مكان للعائلات والأطفال لتحفيز قدرتهم على القراءة والتفكير الفلسفي وترتيب ورش عمل مخصصة لهم.
ليس سراً أن المستقبل يبدأ اليوم، وأن العقل الناقد، الذي توقف معه كثيراً الفيلسوف الألماني الكبير إيمانويل كانط، هو مفتاح التعاطي مع عالم متغير بسرعة هائلة.
مؤتمر الرياض نافذة على تفكير جديد يليق بـ«رؤية 2030».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مؤتمر الفلسفة حراك نهضوي سعودي مؤتمر الفلسفة حراك نهضوي سعودي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon