توقيت القاهرة المحلي 21:08:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن كايروس فلسطين في زمن الميلاد

  مصر اليوم -

عن كايروس فلسطين في زمن الميلاد

بقلم : إميل أمين

وقت ظهور هذه الكلمات للنور، تكون الأرض المقدسة في فلسطين، التي شهدت مولد السيد المسيح قبل ألفي عام، في مدينة بيت لحم، تشهد الاحتفالات التقليدية السنوية، والتي يمكن وصفها هذا العام بأنها باهتة المعالم والملامح، من جراء الجائحة التي تعاود هجومها من جديد حول العالم تارة، ومن أثر الطقس السيئ تارة أخرى، في حين الجانب الأكبر الذي ينزع طعم الفرح من المعيدين، مرده إلى ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي تجاه المسيحيين الفلسطينيين بنوع خاص.
في هذه الأجواء أطلقت جماعة «كايروس فلسطين» «نداء الميلاد» لعام 2021 الذي يحمل صرخة الشعب المحروم من حقوقه الوطنية والإنسانية، ولا يزال يعيش تحت الاحتلال العسكري، ويعامل على أنه دون البشر، على حد وصف البيان.
ماذا عن جماعة كايروس فلسطين أول الأمر؟
تبدو كلمة كايروس غريبة عن عالم اللغة العربية، وهذا صحيح، فهي كلمة يونانية الأصل، تعني «اللحظة المناسبة»، أو «في الوقت المناسب»، نسبة إلى الفكرة القديمة التي كانت لدى اليونانيين، والتي لها علاقة بشخصية أسطورية يونانية.
ولدت مجموعة «كايروس فلسطين» عام 2009 على يد مجموعة من الشخصيات الفلسطينية المسيحية، ومن بيت لحم أصدروا وثيقة حملت عنوان «لحظة الحقيقة: كلمة إيمان ورجاء ومحبة من قلب معاناة فلسطينية».
الهدف الرئيسي لهذه المجموعة هو تقديم رؤية مسيحية لقضية الشعب الفلسطيني، تطالب المجتمع الدولي، ومعهم المسيحيون في ست قارات الأرض بـ«وقفة حق» تجاه ما يواجهه الشعب الفلسطيني بكل أطيافه وأطرافه، مذاهبه وأديانه، ملله ونحله، وهو رازح تحت نير الاحتلال الفلسطيني منذ أكثر من سبعة عقود.
تسعى جماعة «كايروس فلسطين» إلى ما يمكن وصفه بـ«عمل الحق بالمحبة»، ومن غير اللجوء إلى أي شكل من أشكال العنف... إنهم جماعة فلسطينية تخبر أجناس العالم بإيمانهم بالله الواحد الأحد، خالق الكون والإنسان، ويؤمنون بأن كل إنسان هو خليفة الله، وأنه يستمد كرامته من الخالق سبحانه، وهذه الكرامة هي نفسها في كل إنسان...
يقول نداء هذا العام «هذا الكلام يعني لنا نحن هنا، في هذه الأرض بالذات، أن الله خلقنا، لا لنتخاصم ونقتتل، بل لنتعارف ونتحاب ونبنيها معاً بمحبتنا وبالاحترام المتبادل بعضنا لبعض».
يبدو مسيحيو فلسطين في مواجهة مأزق وجودي، يمكن أن ينهي حضورهم التاريخي هناك خلال عقدين أو ثلاثة عقود على أقصى تقدير.
يخبر المطران منيب يونان، أحد أعضاء المجموعة، بأن ثمة قانوناً يدعى قانون جمع الشمل الذي سنّه الكنيست عام 2003، ويجدد كل ستة أشهر. وهذا القانون يؤثر تأثيراً واضحاً على السكان المحليين. فحينما يتزوج المقدسي أو المقدسية من شريك حياة من الضفة الغربية، لا يتمكنان من العيش معاً في القدس الا بتصريح مؤقت على أساس أن يكون مركز حياتهما في السنوات السبع الأخيرة داخل حدود القدس. وإذا ما حصلا على جمع شمل لشريك الحياة الذي هو من الضفة الغربية فذلك يحتاج إلى سنوات عديدة.
يتضرر من هذا القانون جميع الفلسطينيين عامة، ويؤثر تأثيراً مباشراً على الفلسطينيين المقدسيين المسيحيين بسبب قلة عددهم. ولأن امتدادهم الطبيعي هو بالضفة الغربية. وهذا يؤثر على المدى البعيد على العائلة. وإذا تصعبت الأمور ولم يحصلا على تصريح مؤقت ولا جمع شمل فقد يضطران إلى الهجرة إلى الخارج بسبب صعوبة أوضاعهم القانونية للعيش الكريم سوياً... هل هو سيناريو التهجير وتفريغ فلسطين من سكانها الأصليين؟
في زمن الميلاد أيضاً وبالتوازي مع نداء «كايروس فلسطين»، طالب بطاركة ورؤساء الكنائس المسيحية في القدس، السلطات الإسرائيلية والفلسطينية والأردنية بأن تتصدى للمجموعات الراديكالية التي تشكل خطراً بالنسبة للجماعات المسيحية المحلية، داعين أيضاً إلى الحفاظ على وحدة الحي المسيحي في المدينة المقدسة.
كان الهدف من ذلك النداء الثاني هو تسليط الضوء على موجة الكراهية التي باتت تملأ الأجواء في فلسطين من قِبل الجماعات الأصولية التي تكنّ عداوة شديدة لمسيحيي الأرض المقدسة، والذين لا يستنكفون يمارسون شتى ألوان الترهيب تجاه المسيحيين، بدءاً من الاعتداء على رجال الدين، وتدنيس المقدسات وتخريب الممتلكات الكنسية.
ولعل ما يمكن القيام به جهراً، يسعون إليه سراً، من خلال مجموعات موجهة تمضي بالتحايل والتدليس عن طريق شراء الممتلكات العقارية الاستراتيجية ضمن الأحياء المسيحية.
لا يحتاج الأمر إلى محللين سياسيين ثقات كي يستنتج المرء أن الهدف الأساسي من وراء تلك التصرفات هو تقليص الحضور المسيحي هناك، وهم غالباً ما يلجأون إلى اتفاقات غير علنية، وخطط ترمي إلى طرد السكان من بيوتهم ووضع العراقيل أمام دروب الحج التاريخية التي تربط بين مدينتي بيت لحم والقدس.
قبل موسم الحج إلى بيت لحم، هذا التقليد الذي سارت على دروبه أجيال منذ مئات السنين، اتخذت إسرائيل قراراً يقضي بمنع دخول السياح والحجاج، حتى الثاني والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بحجة احتواء جائحة «كوفيد - 19»، لا سيما متحور «أوميكرون»، وهي حجة يبدو ظاهرها الرحمة، لكن باطنها العذاب على مستويين:
أولاً: تضييق دروب العيش على سكان المدن الفلسطينية الذين تعتمد تجارتهم على التعامل مع السياح بيعاً وشراءً.
ثانياً: تعمد مضايقة السياح المسيحيين الأجانب؛ ما يعني أنه على المدى الزمني الطويل، لن تضحى بيت لحم هدفاً منشوداً للاحتفال بذكرى الميلاد المجيد.
وما بين نداء «كايروس فلسطين»، ومطالب «رؤساء الكنائس المسيحية» يتساءل المرء، أين المجتمع الدولي المتشدق بحرية العبادة والضمير وحماية وصيانة المقدسات؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن كايروس فلسطين في زمن الميلاد عن كايروس فلسطين في زمن الميلاد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon