توقيت القاهرة المحلي 21:14:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«كايسيد»... ومواجهة وباء الكراهية

  مصر اليوم -

«كايسيد» ومواجهة وباء الكراهية

بقلم:إميل أمين

قبل أن ينصرم عام 2024، بدا وكأنه يود أن يترك علامة مربكة على طريق تعايش الأمم والشعوب، من خلال ما جرى في مدينة ماغديبورغ الألمانية، ولولا العقلاء في ألمانيا عينها، لاشتعلت نيران الكراهية من جديد تجاه كل ما هو ومن هو عربي أو مسلم في قارة التنوير، التي تواجه أوقاتاً صعبة مع أحد أشد الأوبئة غير المنظورة فتكاً، لا سيما أنه يصيب القلوب والعقول لا الأجسام؛ وباء العنف والكراهية.

ومن حسن الطالع، أن هناك رجالات يعملون بضمير صالح، في محاولة لاستنقاذ البشرية من وهدة ما أطلق عليه ذات مرة أديب فرنسا الكبير فيكتور هوغو «شتاء القلوب»، أي الكراهية، إذ يحمل المعنى دلالات البرودة والفتور، فالشتاء زمن الانكماش والتقوقع على الذات، بخلاف المودات التي تولد الدفء، وتدفق الدماء في الأوردة والشرايين.

في مقدم هؤلاء يأتي الحديث عن مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات (كايسيد)، الذي أُنشئ بمبادرة من المملكة العربية السعودية، الراعي الرئيس والرسمي، وبشراكة من جمهورية النمسا، ومملكة إسبانيا، وعضوية الفاتيكان كمراقب، ومؤخراً تمت دعوة البرتغال للانضمام إلى مجلس الأطراف، وهو الهيئة الرئيسية للإدارة.

طوال اثنتي عشرة سنة منذ أن تأسس «كايسيد» في 2012، وهو يروج لثقافة الحوار بين مختلف الفاعلين من المجتمعات إلى القادة، وهو ما يؤكد عليه الأمين العام لمركز الحوار الدكتور زهير الحارثي، ما جعل من تلك المؤسسة العالمية ركناً أممياً رصيناً وحكيماً في عالم جيوسياسي قلق ومضطرب، ولهذا يبدو الطريق ممهداً لعضوية مراقب عما قريب لـ«كايسيد» في الأمم المتحدة، لا سيما بعد أن تم في نوفمبر (تشرين الثاني) المنصرم تبادل خطابات تجديد الشراكة بين المنظمتين، ما يضفي الطابع الرسمي على تمديد مذكرة التفاهم المشتركة لمدى 4 أعوام أخرى.

لقد باتت ثقافة الكراهية في السنوات الأخيرة أوروبياً وعالمياً وباءً أدبياً وأخلاقياً، يضارع ما عرفته البشرية في القرون العابرة من أوبئة كالطاعون والكوليرا والإنفلونزا، ومع الأخذ بعين الاعتبار ملامح ومعالم القرية الكونية، لذا تواجه الخليقة إحدى أخطر الكبوات التي تهدد سلامها في الحل والترحال.

في هذا الإطار كان «كايسيد» يكثف في الربع الأخير من 2024 من جهوده بالدول الأوروبية، لا سيما في مجالات مكافحة خطابات العنف، القائمة على الدين والجنس واللون والعرق، وذلك بالتعاون مع المنظمات الأممية، بما في ذلك مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والعديد من المنظمات لتسليط الضوء على الحاجة الملحة إلى منظور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز جهود مكافحة العنصرية والتطرف على مستوى الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى تطوير الدليل المرجعي للقادة الدينيين حول مكافحة خطابات الكراهية ومعالجتها في أوروبا.

يولد خطاب الكراهية، وترتفع رايات العنف من رحم ثقافة رفض الآخر، ثقافة تخلق أنساقاً تعبيرية، مرئية ومسموعة ومقروءة، تنشر التمييز، وتبث العداوة بين البشر، تحرض على العزل والإقصاء، بل وتروج لها ضد أي شخص أو مجموعة ذات صبغة عرقية أو دينية، وعلى أساس هوياتي.

حرص «كايسيد» طوال 2024 من خلال فعالياته ومؤتمراته، وندواته وبرامجه المختلفة، على تعزيز القيم المشتركة للحوار والسلام والإنسانية وتوظيفها في مكافحة الانقسامات الدينية والثقافية والعرقية.

وضع القائمون على «كايسيد» أياديهم على الثغرات القاتلة، وثيقة ولصيقة الصلة بـ«الهويات القاتلة»، وخلصوا إلى أنه في النسيج الاجتماعي الأوروبي تحديداً، فإن الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وبعيداً عن كونه مناقشة فكرية أو عقائدية، فهو في المقام الأول ضرورة اجتماعية، بل ونهج مهم نحو توحيد الجهود الرامية إلى تماسك المجتمعات الأوروبية وتعزيز المصالحة بين مختلف مكوناتها.

تزداد الحاجة إلى جهود «كايسيد» المعززة بدعم الدبلوماسية السعودية المسترشدة بخطى «رؤية 2030»، ودروب التسامح والتصالح التي يقودها الأمير محمد بن سلمان، في إطار كوكبة مستنيرة وسماوات منفتحة وأرض يتعارف من عليها ويتعايشون ضمن توجهات ملهمة لبشرية أكثر إنسانوية، وبعيداً عن عالم «فيالق الحمقى»، لصاحبه السيميائي الإيطالي الراحل إمبرتو إيكو، أولئك الذين يتمترسون وراء شاشات التواصل الاجتماعي ليفرقوا لا ليوحدوا، وليجرحوا لا أن يشرحوا.

يؤمن «كايسيد» بالأمل والعمل، وفي عام الرجاء 2025، تمضي جهود هذا الفريق المؤمن برسالة الحوار، في طريق تعزيز الدور الذي يقوم عليه فرسان الحوار في التغيير الاجتماعي وبناء مستقبل أكثر شمولاً، مزود بالأدوات والفرص لترسيخ قيم الحوار، وتكريس إمكانات الجوار.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«كايسيد» ومواجهة وباء الكراهية «كايسيد» ومواجهة وباء الكراهية



GMT 15:28 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

حماية المريض والطبيب بالحوار

GMT 15:26 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

نفس عميق!

GMT 15:25 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

الأزهر لا سواه لها

GMT 15:24 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

أُسطورةُ فى جباليا!

GMT 15:23 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شركاء فى الجريمة

GMT 07:13 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

علاقات بشار التي قضت عليه

GMT 07:12 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

«في قبضة الماضي»

GMT 07:11 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كَذَا فلْيكُنِ الشّعرُ وإلَّا فلَا!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 12:13 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

معوقات تمويل الصناعات الصغيرة والمتوسطة

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 04:09 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

تخفيضات تصل إلى 50% في أحد المتاجر الكبيرة في 6 أكتوبر

GMT 05:21 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

الكشف عن مسببات جديدة تعزز من النوبات القلبية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon