توقيت القاهرة المحلي 11:54:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أميركا واختبار «الديمقراطية الجندرية»

  مصر اليوم -

أميركا واختبار «الديمقراطية الجندرية»

بقلم:إميل أمين

هل أميركا مستعدة لرئاسة امرأة؟ غالب الظن أن هذا التساؤل يشغل عقول ملايين الأميركيين، خصوصاً بعد انسحاب الرئيس بايدن من سباق انتخابات الرئاسة الأميركية 2024، ودعمه الواضح لنائبته كامالا هاريس للترشح عوضاً عنه.

تبدو أوضاع المرأة الأميركية منذ 2016، حين حاولت هيلاري كلينتون الوصول إلى البيت الأبيض، أفضل كثيراً، فقد نمت قوة العمل للمرة الأولى لتشمل عدداً أكبر من النساء من خريجات الجامعات، مقارنة بعدد الرجال من خريجي الجامعات.

نجحت حركة «Me Too» المضادة لامتهان النساء بأميركا في تعزيز وضعية المرأة، فقد أطاحت برجال أقوياء، فيما ألغت المحكمة العليا الحق الفيدرالي في الإجهاض.

تشغل أكثر من 140 امرأة مناصب سياسية فيدرالية في الولايات المتحدة، منهن 25 عضواً في مجلس الشيوخ، و120 عضواً في مجلس النواب، وتساهم النساء من الحزبين كليهما في صياغة التشريعات الرئيسية المتعلقة بحقوق الإنجاب والهجرة والتنوع والمساواة والإدماج.

هل يعني ذلك أن طريق كامالا هاريس بات مُعبداً للوصول إلى البيت الأبيض؟

تبدو تركيبة هاريس مثيرة، فهي ليست أميركية اعتيادية من نسل «الواسب القديم ولا اليانكي التاريخي»، إنها أول امرأة من جنوب آسيا، وأول امرأة أميركية من أصل أفريقي من أبوين مهاجرين.

لا تمتلك هاريس الإرث السياسي، ولا الشبكات المجتمعية الماورائية، التي حازتها هيلاري كلينتون، ومع ذلك تقتضي الموضوعية القول إن هاريس لديها عدد من المميزات الظاهرة، فهي أصغر من بايدن بعقود من الزمان، ومعتادة على متطلبات المنصب العام، ومن المرجح أن تتمتع بالطاقة والقدرة على خوض الحملة الانتخابية، وخدمة 4 سنوات رئاسية، وينظر إليها كذلك باعتبارها أول امرأة تنتخب نائبة للرئيس من جذور جندرية غير أميركية.

على أن التساؤلات المعمقة تشاغب قضايا الجندر بنوع خاص في هذه الأوقات المأزومة، فعلى الرغم من أن هاريس تتمتع بالفعل بقدر من الذكاء الاجتماعي، ومارست عملاً عاماً كمدعية عامة، فإن ملايين من الرجال البيض المتقدمين عمراً، يريدون إيقافها لأنها امرأة.

يعنّ لرجل الشارع الأميركي أن يتساءل: هل من حظوظ حقيقية لهاريس في مواجهة الحضور الطاغي لترمب، والشريحة التي تعد بالملايين التي تدعم عودته إلى البيت الأبيض؟

هناك من يهمسون بشأن ما إذا كانت هاريس قادرة بالفعل على الإبحار بسفينة أميركا في ظل هذا المناخ السياسي العالمي القلق والمضطرب، عطفاً على أحوال أميركا المحتقنة والمتردية مجتمعياً على الأقل.

جزئية أخرى تختصم من رصيد هاريس كامرأة، وتتعلق بانعدام أي خبرة عسكرية أو سياسية لها خارج حدود الولايات المتحدة، ومن هنا كيف لحرسها الخاص أن يوقظها الثالثة فجراً بتوقيت واشنطن، لإخبارها بغزو صيني لتايوان، أو هجوم إيراني على إسرائيل، وربما قيام القيصر بمغامرة جديدة في إحدى دول البلطيق؟

غالب الظن أن مثل هذا الطرح لن تخلفه حملة ترمب وراءها، بل ستنفخ فيه النار ليشتعل، ما يضيف ملايين من الأميركيين المترددين في تقديم الدعم للنساء بشكل عام في الانتخابات المقبلة، ناهيك عن الاقتراع لسيدة «خلاسية» على المستوى الوطني.

ولعله من نافلة القول إن عقبة كبيرة في طريق هاريس الجندرية، تتمثل في مواجهة ذكر أبيض، يؤمن أتباعه بأن السماء قد أعدته لإنقاذ أميركا، خاصةً بعد نجاته العجيبة في بنسلفانيا، الأمر الذي يقاربه اليوم أنصاره وأشياعه، بأن شأنه مماثل لما جرى مع الرئيس الجمهوري رونالد ريغان في أواخر مارس (آذار) 1981، الذي أنقذته قدرة قادر، ليكون الرجل الذي يقضي على إمبراطورية الشر في تقديره، المتمثلة في الاتحاد السوفياتي.

تكاد الديمقراطية الأميركية تدخل في اختبار ديمقراطي «جندري وعرقي» حقيقي، متعلق بالتفريق من جديد بين النساء والرجال، فعلى المستوى الوطني هناك قدر كبير من الاهتمام الإعلامي الذي يعمل ضد النساء السود، بالإضافة إلى قدر أكبر من التحيز، وصور نمطية تلعب دوراً في إيذاء النساء السود بشكل خاص، ولا يزال هناك شعور بأن النساء غير لائقات للمناصب بشكل عام، فما بالنا بمنصب الرئاسة.

هل لهاريس أن تستفيد من إرث باراك أوباما؟

صحيح أن انتخابه بشّر بـ«عصر ما بعد العنصرية»، لكن على الجانب الآخر، أجّج من مشاعر اليمين الأميركي، والجماعات البيضاء، خصوصاً في ظل اتهامه بدعم الفكر الاشتراكي، واليسار الذي انحرف وانجرف بأميركا، وهدم هياكلها المتدينة الأخرى، ما يعني أنه ليس إرثاً إيجابياً بامتياز.

هاريس حجر عثرة أم زاوية بناء لأميركا؟ المؤكد أنها اختبار لديمقراطية أميركا الجندرية بصورة أو أخرى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا واختبار «الديمقراطية الجندرية» أميركا واختبار «الديمقراطية الجندرية»



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon