توقيت القاهرة المحلي 21:31:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن الدبلوماسية السعودية والعلاقات الروسية

  مصر اليوم -

عن الدبلوماسية السعودية والعلاقات الروسية

بقلم : إميل أمين

يوماً تلو الآخر ترسخ الدبلوماسية السعودية العريقة مواقع ومواضع أقدامها حول العالم، وتتضح خيوطها المنسوجة بعناية ومهارة فائقتين حول العالم، لتربط علاقات أوثق مع أكبر عدد ممكن من عواصم صنع القرار الأممي، وهو أمر مرغوب ومحبوب بشدة، لا سيما في أزمنة السيولة الجيواستراتيجية، ناهيك عن الفوضى العالمية، التي قد لا تكون بعيدة بحال من الأحوال عن كوكبنا الأزرق المتألم في حاضرات أيامنا.
هدف القيادة السعودية المتمثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، صاحب الرؤية التنويرية لـ2030، موصول بتعزيز الحضور السعودي على الساحة الدولية من خلال شبكة علاقات لتبادل المنافع الاقتصادية والعلمية، بجانب الخبرات الدفاعية والأمنية.
ولعله من المؤكد القول إن العلاقات السعودية - الروسية، قد شهدت قفزات نوعية وكمية خلال السنوات الأخيرة، وتم تتويجها بزيارة الملك سلمان إلى موسكو في خريف سنة 2017.
الأسبوع الماضي وقع الأمير خالد بن سلمان، نائب وزير الدفاع السعودي، اتفاقية عسكرية جديدة مع العقيد الروسي الجنرال ألكسندر فومين، في إطار أعمال المنتدى الفني المنعقد بالقرب من موسكو.
توجه المملكة وراء هذا الاتفاق تبين من خلال تغريدة الأمير خالد عقب الاجتماع مع مسؤولي الدفاع الروسي، التي جاء فيها: «بحثنا مساعينا المشتركة للحفاظ على الاستقرار والأمن في المنطقة، واستعرضنا التحديات المشتركة التي تواجه بلدينا».
وعلى الجانب الروسي، أشار وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، إلى تطوير التعاون الثنائي بين الرياض وموسكو، في المجالات العسكرية، والفنية التقنية على الصعيد العسكري كذلك.
يعن لأي محلل سياسي محقق ومدقق أن يتساءل عن ماورائيات الاتفاقية الأخيرة، وبخاصة في الوقت الراهن، حيث لا تستطيع الأعين أن تتغافل عن تدهورات إقليمية قائمة وقادمة، وتبدو روسيا قريبة جداً منها جغرافياً.
باتت موسكو على قناعة مطلقة بأهمية السعودية كحجر زاوية في أمن واستقرار منطقة الخليج العربي، والشرق الأوسط، لا سيما بعدما عصفت به الأعاصير طوال عقد مغشوش أطلق عليه اسم «الربيع العربي»، هذا على الجانب السياسي والأخلاقي.
من ناحية أخرى أثبتت التجارب وتقلبات الزمن أهمية المملكة كمركز رئيسي للطاقة في العقود الخمسة المنصرمة بنوع خاص، وفي ظل توقعات بأن يبقى النفط هو عصب الحياة والحضارة في القرن الحادي والعشرين.
أدركت القيادة الروسية أن الشراكة مع المملكة على صعيد أزمات الطاقة العالمية، أمر واجب الوجود، وقد كان لتلك الشراكة دور حاسم في إعادة التوازن إلى أسواق النفط وتعديل أسعاره، العام الماضي، بعدما شهدت الأسواق الدولية اضطراباً كبيراً أدى إلى تهاوي الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة.
وعلى الجانب الآخر، تنظر الدبلوماسية السعودية إلى روسيا المستمرة عبر التاريخ، والمستقرة في العقدين الأخيرين بشكل كبير من خلال سياسات الرئيس بوتين، ويمتد النظر والرؤية المستقبلية إلى الأيام القريبة، حيث شرق آسيا يشتعل ثانية، ولا أحد يعلم إلى أين المنتهى أو المستقر.
لم تعد روسيا هي الحاضنة الشيوعية كما كان الحال طوال سبعة عقود من حكم البلاشفة، وروسيا اليوم ليست بقايا ما تركه الغرب بعد تصفية الاتحاد السوفياتي من شبه دولة هدمتها الأوليجاركية من الداخل، قبل أن تأتي عليها معاول جنرالات الناتو من الخارج.
نحن اليوم أمام روسيا مغايرة ترسم السياسات الدولية، لا أن تشارك الآخرين في بلورتها، وقد أجبرت رؤاها التقدمية، ونجاحاتها العسكرية، وأسلحتها الجديدة بنوع خاص، الكثير من القوى الدولية، وفي المقدمة منها الولايات المتحدة، على تغيير خططها وفقاً للتوجهات الروسية وتطلعاتها حول العالم.
تؤمن الدبلوماسية السعودية التقدمية، أن العلاقات الدولية في الأزمنة المعاصرة قد تجاوزت فكرة الأحلاف التقليدية، سياسية كانت أو عسكرية، وقفزت إلى عالم تتشابك فيه المصالح بصورة تستدعي وحدة كوكبية حقيقية تستنقذ الإنسانية، لا عولمة تسلع البشر، ومؤامرات ودسائس تجعل من النهار مساراً للقلق، والليل ساحة للأرق.
من هذا المنطلق تؤمن القيادة الحكيمة للمملكة أن تنويع الشركاء الدوليين، خصوصاً في المجال الدفاعي ذي الأهمية الاستثنائية، أمر مهم وحيوي، بخاصة في عالم متغير ومتردد وزمن اللانظام الدولي الجديد.
تسعى المملكة في هذه الأوقات القلقة إلى جعل دبلوماسيتها جسراً يمضي في اتجاهات العالم كله، ومن غير أن تبادر إلى الانكفاء على ذاتها، كما تفعل قوى قطبية كبرى حول العالم، وتتراجع عن الإيفاء بالالتزامات الواقعة عليها تجاه شركائها في الحال والاستقبال.
لا تتوقف مجالات التعاون السعودي - الروسي عند صفقات الأسلحة مع الأخذ في عين الاعتبار أهميتها، بل تتسع لتشمل تبادل الآراء والبيانات، ومحاربة الإرهاب، ومكافحة القرصنة، والثقافة، والرياضة.
وفي الوقت عينه تبقى معايير المملكة الأخلاقية في علاقاتها الدبلوماسية ثابتة، فلا تتنكر للأصدقاء، ولا تدير وجهها للحلفاء، وإنما تكتسب مؤيدين وداعمين في الطريق الأممي الضبابي، على أمل طلوع الفجر وانبلاج النور.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الدبلوماسية السعودية والعلاقات الروسية عن الدبلوماسية السعودية والعلاقات الروسية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon