توقيت القاهرة المحلي 06:29:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السعودية الخضراء... زمن الحياد الصفري

  مصر اليوم -

السعودية الخضراء زمن الحياد الصفري

بقلم : إميل أمين

هل البشر هم أصل الأزمة البيئية التي يعيشها عالمنا المعاصر؟
أغلب الظن أن ذلك كذلك قولاً وفعلاً، ولا سيما أن هناك منهم مَن أراد التسلط على الطبيعة، مستغلاً إياها، ومدمراً جذورها، ما جعل نموذج العدالة الإيكولوجية يكاد ينسحق أمام أطماع البعض، لتنتشر حالة انعدام المساواة والإقصاء لملايين البشر، وحرمانهم من الحقوق الأساسية في الماء والهواء والغذاء النظيف، وباختصار القول، في مناخ آدمي يليق بكرامة العنصر البشري.
غير أن البشر أنفسهم منهم رجالات صادقون يدركون قدر، بل عظم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، خيرون ومغيرون، يستشعرون الخطر الداهم، ذاك الذي يكاد يجعل من الكوكب الأزرق مكاناً غير صالح للسكنى الآدمية، ويعملون على تعديل دفة الرياح والعودة بالإنسانية إلى مربع خضرة القلوب والعقول مرة أخرى بعد أن كاد التصحر والجفاف يستهلك الجميع. يمكن للمرء تصنيف مبادرات المملكة العربية السعودية التي يقودها ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، الخاصة بالسعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، خطوات خلاقة في دروب البيئة الجديدة التي يسعى العالم إليها، وقد جاءت النسخة الأولى للمنتدى السنوي لمبادرة السعودية الخضراء في الرياض نهار السبت الفائت لتفتح الأبواب أمام مستهدفات تجعل للمملكة الريادة والقيادة في هذا الإطار.
حلّ المنتدى السعودي الأخير قبل بضعة أيام من انطلاق مؤتمر الأمم المتحدة الـ26 لتغيير المناخ «كوب 26» الذي من المقرر أن يبدأ بحلول الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل حتى 12 منه، تلك القمة التي تعد طوق النجاة الأخير للإنسانية التي حرقت وغرقت البشر الصيف الماضي، وخلف الباب ينتظرها شتاء قارس، وأسواق طاقة معتلة ومختلة، ومخاوف من ارتفاع أسعار المحاصيل والسلع الغذائية من جراء اضطرابات المناخ.
تبدو المملكة قابضة بأسنانها وبإرادة حديدية على استنقاذ مناخ الكرة الأرضية، فها هي تنضم لـ«التعهد العالمي بشأن الميثان»، الهادف إلى خفض انبعاثات الميثان العالمية بنسبة 3 في المائة، وفي مجال الطاقة تتعهد بمبادرة طوعية بتخفيض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030. وفي الوقت عينه، تبدأ في المرحلة الأولى من مبادرات التشجير، بزراعة أكثر من 450 مليون شجرة، وإعادة تأهيل 8 ملايين هكتار من الأراضي المتدهورة وتخصيص أراضٍ محمية جديدة، ليصبح إجمالي المناطق المحمية في المملكة أكثر من 20 في المائة من إجمالي مساحتها. ولعله من المثير للانتباه أنه في الوقت الذي تبذل فيه المملكة جهوداً عالية وغالية وبعيدة كل البعد عن الإفراط في «المركزية الإنثروبية» التي هي أقرب إلى عبادة الذات عند القوى الكبرى والأقطاب الدولية، يستشعر المرء خيبة أمل آتية في الطريق من لقاء غلاسكو في إسكتلندا... لماذا؟
خذ إليك ما يلي، أول المعتذرين عن حضور القمة، الصين، الأمر الذي يفتح الباب واسعاً للقول إن بكين تتهرب من أي استحقاقات تتطلبها حالة المناخ، وهي التي تبدو قريبة جداً من عودة غير مرغوب فيها إلى عالم الكربون، وبخاصة بعد أزمة الطاقة التي انفجرت داخلها، والقصور في الكهرباء الذي شملها.
ثاني المعتذرين، روسيا، وهي من تحوم حولها علامات استفهام مؤخراً بشأن توريد الغاز لأوروبا.
ثالثة الأثافي كما يقال، تصريحات رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، تلك المتشائمة إلى آخر الطريق، فقد استبق عقد القمة بإبداء الشكوك العميقة في وجود إرادة حقيقية لدى الكبار مادياً لا روحياً أو إنسانياً، في تقديم الـ100 مليار دولار المتفق عليها لدعم ومساعدة الدول النامية والفقيرة، للتخلص من منغصات المناخ قدر المستطاع. غير أن ذلك لا يوقف مسيرة المملكة نحو أحلامها الكبيرة للمناخ، وفي القلب منها الوصول إلى الحياد الصفري عام 2060، من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون، بما يتوافق مع خططها التنموية، وتمكين تنوع اقتصادها. والشاهد أنه حين تتعهد السعودية بخفض انبعاثات الكربون بأكثر من 4 في المائة من المساهمات العالمية عن طريق مبادرات تشمل توليد 50 في المائة من احتياجاتها من الطاقة من مصادر طاقة متجددة بحلول 2030، وزراعة مليارات الأشجار في البلد ذي الطبيعة الصحراوية، يضحى من الطبيعي أن يتصل أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بخادم الحرمين الملك سلمان، مهنئاً ومشيداً بحزمة المبادرات التي أعلنها ولي العهد، ومعتبراً أنها خطوة كبيرة لحماية البيئة ومواجهة تحديات التغير المناخي. الأصابع البيضاء للمملكة مناخياً، هي عينها التي دفعت ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز لاعتبار النموذج السعودي محفزاً للعالم برمته في هذا السياق.
الخلاصة... آمال المملكة وأعمالها مناخياً كبيرة بقدر عظم رجالاتها في الحال والاستقبال.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السعودية الخضراء زمن الحياد الصفري السعودية الخضراء زمن الحياد الصفري



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 17:24 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم
  مصر اليوم - دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم

GMT 04:39 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
  مصر اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد تزوير الانتخابات يدعمه إيلون ماسك

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة

GMT 13:06 2021 الثلاثاء ,08 حزيران / يونيو

أنشيلوتي يحسم موققه من ضم محمد صلاح إلى ريال مدريد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon