توقيت القاهرة المحلي 16:47:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السعودية الخضراء... زمن الحياد الصفري

  مصر اليوم -

السعودية الخضراء زمن الحياد الصفري

بقلم : إميل أمين

هل البشر هم أصل الأزمة البيئية التي يعيشها عالمنا المعاصر؟
أغلب الظن أن ذلك كذلك قولاً وفعلاً، ولا سيما أن هناك منهم مَن أراد التسلط على الطبيعة، مستغلاً إياها، ومدمراً جذورها، ما جعل نموذج العدالة الإيكولوجية يكاد ينسحق أمام أطماع البعض، لتنتشر حالة انعدام المساواة والإقصاء لملايين البشر، وحرمانهم من الحقوق الأساسية في الماء والهواء والغذاء النظيف، وباختصار القول، في مناخ آدمي يليق بكرامة العنصر البشري.
غير أن البشر أنفسهم منهم رجالات صادقون يدركون قدر، بل عظم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، خيرون ومغيرون، يستشعرون الخطر الداهم، ذاك الذي يكاد يجعل من الكوكب الأزرق مكاناً غير صالح للسكنى الآدمية، ويعملون على تعديل دفة الرياح والعودة بالإنسانية إلى مربع خضرة القلوب والعقول مرة أخرى بعد أن كاد التصحر والجفاف يستهلك الجميع. يمكن للمرء تصنيف مبادرات المملكة العربية السعودية التي يقودها ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، الخاصة بالسعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، خطوات خلاقة في دروب البيئة الجديدة التي يسعى العالم إليها، وقد جاءت النسخة الأولى للمنتدى السنوي لمبادرة السعودية الخضراء في الرياض نهار السبت الفائت لتفتح الأبواب أمام مستهدفات تجعل للمملكة الريادة والقيادة في هذا الإطار.
حلّ المنتدى السعودي الأخير قبل بضعة أيام من انطلاق مؤتمر الأمم المتحدة الـ26 لتغيير المناخ «كوب 26» الذي من المقرر أن يبدأ بحلول الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل حتى 12 منه، تلك القمة التي تعد طوق النجاة الأخير للإنسانية التي حرقت وغرقت البشر الصيف الماضي، وخلف الباب ينتظرها شتاء قارس، وأسواق طاقة معتلة ومختلة، ومخاوف من ارتفاع أسعار المحاصيل والسلع الغذائية من جراء اضطرابات المناخ.
تبدو المملكة قابضة بأسنانها وبإرادة حديدية على استنقاذ مناخ الكرة الأرضية، فها هي تنضم لـ«التعهد العالمي بشأن الميثان»، الهادف إلى خفض انبعاثات الميثان العالمية بنسبة 3 في المائة، وفي مجال الطاقة تتعهد بمبادرة طوعية بتخفيض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030. وفي الوقت عينه، تبدأ في المرحلة الأولى من مبادرات التشجير، بزراعة أكثر من 450 مليون شجرة، وإعادة تأهيل 8 ملايين هكتار من الأراضي المتدهورة وتخصيص أراضٍ محمية جديدة، ليصبح إجمالي المناطق المحمية في المملكة أكثر من 20 في المائة من إجمالي مساحتها. ولعله من المثير للانتباه أنه في الوقت الذي تبذل فيه المملكة جهوداً عالية وغالية وبعيدة كل البعد عن الإفراط في «المركزية الإنثروبية» التي هي أقرب إلى عبادة الذات عند القوى الكبرى والأقطاب الدولية، يستشعر المرء خيبة أمل آتية في الطريق من لقاء غلاسكو في إسكتلندا... لماذا؟
خذ إليك ما يلي، أول المعتذرين عن حضور القمة، الصين، الأمر الذي يفتح الباب واسعاً للقول إن بكين تتهرب من أي استحقاقات تتطلبها حالة المناخ، وهي التي تبدو قريبة جداً من عودة غير مرغوب فيها إلى عالم الكربون، وبخاصة بعد أزمة الطاقة التي انفجرت داخلها، والقصور في الكهرباء الذي شملها.
ثاني المعتذرين، روسيا، وهي من تحوم حولها علامات استفهام مؤخراً بشأن توريد الغاز لأوروبا.
ثالثة الأثافي كما يقال، تصريحات رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، تلك المتشائمة إلى آخر الطريق، فقد استبق عقد القمة بإبداء الشكوك العميقة في وجود إرادة حقيقية لدى الكبار مادياً لا روحياً أو إنسانياً، في تقديم الـ100 مليار دولار المتفق عليها لدعم ومساعدة الدول النامية والفقيرة، للتخلص من منغصات المناخ قدر المستطاع. غير أن ذلك لا يوقف مسيرة المملكة نحو أحلامها الكبيرة للمناخ، وفي القلب منها الوصول إلى الحياد الصفري عام 2060، من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون، بما يتوافق مع خططها التنموية، وتمكين تنوع اقتصادها. والشاهد أنه حين تتعهد السعودية بخفض انبعاثات الكربون بأكثر من 4 في المائة من المساهمات العالمية عن طريق مبادرات تشمل توليد 50 في المائة من احتياجاتها من الطاقة من مصادر طاقة متجددة بحلول 2030، وزراعة مليارات الأشجار في البلد ذي الطبيعة الصحراوية، يضحى من الطبيعي أن يتصل أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بخادم الحرمين الملك سلمان، مهنئاً ومشيداً بحزمة المبادرات التي أعلنها ولي العهد، ومعتبراً أنها خطوة كبيرة لحماية البيئة ومواجهة تحديات التغير المناخي. الأصابع البيضاء للمملكة مناخياً، هي عينها التي دفعت ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز لاعتبار النموذج السعودي محفزاً للعالم برمته في هذا السياق.
الخلاصة... آمال المملكة وأعمالها مناخياً كبيرة بقدر عظم رجالاتها في الحال والاستقبال.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السعودية الخضراء زمن الحياد الصفري السعودية الخضراء زمن الحياد الصفري



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon