توقيت القاهرة المحلي 06:20:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن ثغرة كورسك وخيارات بوتين

  مصر اليوم -

عن ثغرة كورسك وخيارات بوتين

بقلم:إميل أمين

للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية تُخترق الأراضي الروسية، ومن متناقضات القدر أن المنطقة التي جرى اختراقها لها رمزية كبرى، فعلى أراضي كورسك الحدودية الريفية، حُسمت الحرب الكونية الأخيرة، ولاحت علائم هزيمة الفوهور.

هل يمكن لفلاديمير بوتين القبول باختراق مساحة واسعة من الأراضي الروسية بحدود 350 كم مربعاً؟

شيء وربما أشياء كثيرة غامضة وراء هذه العملية العسكرية التي تبدو أوكرانية في الظاهر، لكنها قطعاً من ترتيب وتدبير «الناتو»، بدءاً من رصدها بالأقمار الاصطناعية، وصولاً إلى الأسلحة المتقدمة التي استُخدمت فيها. لم توفر القوات التي عبرت الحدود الروسية إظهار الدبابات الألمانية، واستخدام صواريخ «هيمارس» الأميركية، فيما طائرات «إف - 16» التي سلمها العم سام لحكومة كييف مؤخراً لعبت دوراً متقدماً في الهجوم السريع، أما الصواريخ التي قصفت المطارات العسكرية الروسية هناك، فبدا وكأنها تتجاوز التقليدية، إلى حدود النووية التكتيكية، أو هكذا ظهرت صورة الانفجارات.

علامة الاستفهام المثيرة: ما الهدف الاستراتيجي من وراء هذه العملية المفاجئة؟

تبدو في الأفق قراءات متباينة، تبدأ من عند المبادرة إلى تغيير الواقع على الأرض، وبما يحسن من وضع كييف التفاوضي في محادثات السلام المرتقبة، وتمر بإبطاء أو قتل الزخم الروسي المستمر في هجماته بقوة منذ بداية العام الحالي. هناك كذلك محاولة عكس اتجاه الرواية الروسية القائلة بأن نتيجة الحرب محسومة؛ هزيمة أوكرانية نكراء، وانتصار روسي تاريخي. وبين هذه وتلك تعزيز الروح المعنوية للشعب الأوكراني، وتضييق الخناق الاقتصادي على روسيا المأزومة عبر الاستيلاء على محطة فرعية رئيسية للغاز، تقوم بتزويد أوروبا بالغاز الروسي ولا تزال تعمل حتى الساعة. غير أن هذا كله لا يمكن أن تجري به المقادير بين عشية وضحاها، ولا يمكن أن يكون مخططاً أوكرانياً خالصاً، إذ تبدو بصمات «الناتو» حاضرة، وربما تكشف خسائر الأوكرانيين عما قريب عن شراكة قوات خاصة أوروبية، فرنسية أو ألمانية غالباً.

تعليقات القيصر بوتين تبدو مثيرة ومخيفة على قلتها، ذلك أنه عدَّ ما جرى استفزازاً واسعاً لبلاده من قبل نظام كييف، الذي أطلق النيران بعشوائية على أهداف مدنية. تحمل الكلمات المتقدمة إرهاصات لردات فعل بوتين، التي تتجاوز أوكرانيا، إلى الأطراف الغربية الداعمة لكييف، في المقدمة منها الولايات المتحدة، التي لم توفر المال والعتاد حتى انكسار بوتين، أو هكذا يتوهمون.

يعن لنا التساؤل: هل هي مصادفة قدرية أم موضعية أن تقدم كييف على هذا الهجوم في ظل إعلان أميركي عن تقديم مساعدات عسكرية جديدة بقيمة 125 مليون دولار؟

لا يهم الجواب، بقدر التفكير الماورائي في الدور الأميركي بما جرى في كورسك، وهل هناك في البنتاغون من يسارع بالفعل إلى استغلال فترة الفوضى الحالية لإحداث أكبر قدر ممكن من التغييرات الاستراتيجية على أرض المعركة الروسية الأوكرانية، لا سيما وأن الرئيس بايدن تترصده كاميرات «الباباراتزي» مستلقياً على الشاطئ، فيما العالم من حوله مشتعل؟

يصعب مقاومة فكرة أن أصابع جنرالات البنتاغون من ذوي الأربع نجوم، وأطراف الدولة الأميركية العميقة، بخاصة تلك التي تتجهز لبسط آيديولوجية «مشروع 2025»، اليمينية بامتياز، بعيدة عما جرى وما قد يجري في القريب العاجل هناك، لا سيما في ظل اعتبار روسيا الخطر القريب، والصين البعيد، وحتى يظل القرن الحادي والعشرون أميركياً بامتياز.

ما هي الخيارات الروسية - البوتينية المتوقعة؟

في تعليق سريع على ما جرى، وعبر قناته الخاصة على «تلغرام»، أكَّد نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ديمتري ميدفيديف، أن الدبابات الروسية قادرة على الوصول إلى ساحة مبنى «الرايخستاغ».

تصريحات ميدفيديف لم تأتِ من فراغ، بل جاءت رداً على مقال يمكن وصفه قطعاً بالمستفز، في صحيفة «بيلد»، يتناول فكرة عودة الدبابات الألمانية مرة جديدة إلى الأراضي السوفياتية. ما الذي يتطلع إليه الألمان أول الأمر، وحلف «الناتو» في عموم المشهد؟

باختصار، ما جرى في كورسك هو التحدي الأكبر أمام بوتين منذ تمرد قوات «فاغنر» عام 2023، ويمثل ضربةً قويةً لسمعة السلطات الروسية وللقدرات الاستخبارية التي يظل بوتين رمزها، ما يعني أنها لطمة هائلة للقيصر.

ثغرة كورسك تأخذنا إلى منطقة لا أحد يتمنى الوصول إليها، وهي تفعيل العقيدة القتالية النووية الروسية، التي تبيح وتتيح استخدام أسلحة الدمار الشامل، حين تتعرض الأراضي الروسية لخطر يهدد الأرض والبشر، ما يعني مواجهة نووية.

هل هذا ما يسعى «الناتو» في طريقه؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن ثغرة كورسك وخيارات بوتين عن ثغرة كورسك وخيارات بوتين



GMT 15:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

سوريا بين المستقبل و«الحكم الأصولي»

GMT 15:35 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

سوريا.. أى مسار مستقبلى؟

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إسرائيل وثمن إسقاط الأسد

GMT 15:33 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

أنا المدير.. أنا لست جيدًا بما يكفى

GMT 08:31 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الملاذ

GMT 08:29 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

وبقيت للأسد... زفرة

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الشرع والعقبة

GMT 08:23 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا: مخاوف مشروعة

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
  مصر اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 08:48 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
  مصر اليوم - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
  مصر اليوم - نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:21 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية
  مصر اليوم - إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية

GMT 23:09 2019 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

بورصة دبي تغلق دون تغيير يذكر عند مستوى 2640 نقطة

GMT 21:08 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

باريس سان جيرمان يستهدف صفقة من يوفنتوس

GMT 14:28 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير المصري تدعم إستمرار ميمي عبد الرازق كمدير فني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon