توقيت القاهرة المحلي 06:29:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«مجموعة السبع» وقمة اللامعجزات

  مصر اليوم -

«مجموعة السبع» وقمة اللامعجزات

بقلم - إميل أمين

على مدار ثلاثة أيام، وفي قلعة إلماو ببافاريا بحضن جبال الألب الباردة، والبعيدة عن سخونة ما يجري في شرق آسيا من حرب تبدو مرشحة للتمدد وتهديد أمن العالم وأمانه، اجتمع قادة دول مجموعة السبع، التي كانت مجموعة الثماني قبل أن تلفظ الديمقراطيات الرأسمالية الكبرى روسيا من إطارها، وفي محاولة لمعالجة الجرح الأوكراني المفتوح في الجسد العالمي النازف اقتصاداً وطاقة وأمناً، حتى وإن بدا واضحاً أن الخرق اتسع على الراتق، وأن أحداً لم يعد يملك أوراق اللعبة كافة، أو القدرة على فرض ما يراه حقيقة مطلقة.
جاءت القمة هذه المرة، وأوروبا تعيش كابوساً مخيفاً، ربما لم تعرف مثله منذ نهايات الحرب العالمية الثانية وفيما الحليف الناتو عاجز عن الدخول في مواجهة عسكرية مع القيصر، لا تبدو العقوبات الاقتصادية قادرة على تغيير أوضاع الأزمة على الأرض، لتعيش أوروبا أول الأمر، ومن بعدها حكماً الولايات المتحدة، منعطفاً هو الأصعب، ووجه الصعوبة يتمثل في عدم القدرة على توقع الأسوأ الذي لم يأتِ بعد، وبدون أدنى مغالاة أو نظرة تشاؤمية.
ولعله يتوجب على غير المصدق أن يراجع مواقيت الضربات الروسية للعمق الأوكراني، وتحديداً في العاصمة كييف، ففي عشية انعقاد القمة تحرك بوتين على غير العادة إلى الكرملين ليلاً، وهي خطوة نادرة ولا يفعلها إلا إذا كانت هناك تطورات مهمة وحساسة، ثم أخذت القوات الروسية في توجيه ضرباتها الصاروخية إلى ما قيل إنها مخازن أسلحة غربية وغرف القيادة والسيطرة في حي شفشيكسفسكي في قلب كييف، فيما مال البعض الآخر إلى القطع بأنها استهدفت شبكة من الجواسيس والقوات الخاصة من الجنسية الأميركية والدول الغربية التي تعمل على الأرض لدعم الأوكرانيين.
مهما يكن من أمر، فإن تصريحات المستشار الألماني أولاف شولتس، المضيف ورئيس المجموعة لهذا العام عن القمة ورغم أنها تعقد وسط الجبال، لكن قدرة المجتمعين بالتأكيد لن تصل إلى حد نقل الجبال عينها، ما يعني أنها ليست قمة صنع المعجزات.
والشاهد أن مجموعة السبع لا تبدو وللمرة الأولى منذ تأسست في منتصف السبعينات، على قلب رجل واحد، وهذا طبيعي في ظل تضارب مصالح وإن لم يظهر على العلن دفعة واحدة، ومع ذلك حاول شولتس إنقاذ المشهد بالإشارة إلى أن القمة ستسعى لأكبر قدر من الحسم والحزم في مواجهة سيد الكرملين.
ما الجديد في جعبة السبعة تجاه روسيا، وهل يكفي لوقف تطورات أو بمعنى أدق تدهورات الموقف؟
كل الأفكار التي طرحت دارت وتدور في سياق حرمان روسيا من أي مداخيل مالية عالية وغالية، بدءاً من محاولة تخفيض أسعار النفط الروسي، ووصولاً إلى وقف استيراد الذهب من موسكو، مع التضييق إلى أبعد حد ومد على الجماعة الأوليجاركية المحيطة ببوتين، ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم، ومن غير تقدير موقف مستقبلي حول انعكاس الأمر على المستثمرين سواء في أوروبا أو في الولايات المتحدة، وهروب رؤوس الأموال الجبانة بطبعها، من احتمالات مواجهة سيناريوهات مشابهة عند أي خلاف سياسي.
في زيارته الأولى لألمانيا رئيساً للولايات المتحدة، حمل جو بايدن معه ثلاثة أهداف؛ الأول هو زيادة الضغط على روسيا، والثاني تقديم مقترحات ملموسة للاستجابة لارتفاع أسعار الطاقة، وتأمين سلاسل الإمداد الغذائي ومواجهة مخاطر تصدير الحبوب، والثالث يتمثل في إطلاق شراكة على صعيد البني التحتية مع البلدان النامية.
على أن علامة الاستفهام: ما مدى الثقة الأوروبية في بايدن كرئيس، وفي إدارته، وهل هناك رهان مطلق من الجانب الأوروبي على القدرات الأميركية في هذه الآونة؟
في مقدمة أهداف بايدن من المشاركة في هذه القمة تحسين صورة بلاده في أعين العالم الحر، ومواطنيه من قبلهم، وفي هذا السياق كان من الواضح جداً أنه يحمل مقترحين؛ الأول ما تقدم بشأن مقارعة روسيا، فيما الثاني يتعلق بالتصدي للصين، محاولاً تسويق الهدفين بوصفهما أمرين متكاملين وغير متعارضين، والعهدة على الراوي، منسق التواصل الاستراتيجي في البيت الأبيض، جون كيربي.
رؤية بايدن تؤكد أن روسيا هي الطريق التكتيكي، والصين تظل الهدف الاستراتيجي، ولهذا تحدث بايدن عن برنامج استثماري جديد لتعبئة المليارات من الموارد العامة والخاصة لدعم المشاريع الكبرى في الدول النامية كبديل لمبادرة الحزام والطريق الصينية.
معركة بايدن الكبرى مع الصين على المدى البعيد، رغم أهمية إحداث أكبر خسائر بروسيا، غير أن ما أوردته وكالة «بلومبرغ» عن القلق الذي يشعر به حلفاء أميركا بشأن المشاكل التي يواجهها بايدن في الداخل، تجعل من الصعب على الأوروبيين الرهان المطلق على بايدن، لا سيما إذا خسر الديمقراطيون انتخابات التجديد النصفي، وبعدها الرئاسة في 2024، وساعتها ربما تواجه القارة العجوز ترمب، أو أشباهه وأشباحه مرة أخرى.
هل من خلاصة؟
السبعة الكبار أصغر من أن يقرروا مصير العالم. ماذا لو أشركوا القيصر واستمعوا له؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«مجموعة السبع» وقمة اللامعجزات «مجموعة السبع» وقمة اللامعجزات



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon