توقيت القاهرة المحلي 14:42:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الانتخابات الأميركية ومأزق التدخلات الخارجية

  مصر اليوم -

الانتخابات الأميركية ومأزق التدخلات الخارجية

بقلم : إميل أمين

تبدو الولايات المتحدة، وكأنها تعيش مائة عام من الفوضى، قبل الوصول إلى الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، وما من أحد قادر على التنبؤ بمسارات الأحداث، ومساقات المفاجآت.

في هذه الأجواء المثيرة، يتساءل البعض؛ هل هذه هي أفضل أوقات التدخل الخارجي، خصوصاً من جانب أعداء أميركا الظاهرين والخفيّين، على حد سواء؟

تاريخياً، تم استخدام المعلومات، كأداة من أدوات التحكم في الآخرين، خصوصاً إذا كانوا على الجانب الآخر من النهر. عدّ الخبير العسكري الصيني الأشهر، صن تزو، في مؤلفه الأشهر «فن الحرب»، أن «إخضاع العدو دون قتال» هو أعلى درجات المهارة في الحروب، ولتحقيق هذه الغاية يمكن للمعلومات التأثير على الخصم وتشتيت انتباهه، أو في أضعف الإيمان إقناعه بأنَّه ليس من مصلحته القتال.

من البعيد إلى القريب، ففي ثمانينات القرن الماضي، على سبيل المثال، بدأ الاتحاد السوفياتي الترويح لما عرف بـ«عملية العدوى، أو عملية دنفر»، بهدف نشر أخبار، مفادها أن مرض نقص المناعة «الإيدز» تم تصنيعه في الولايات المتحدة.

اليوم، ومع ظهور الفضاء السيبراني، تتسع عملية التأثير هذه في النطاق والحجم والسرعة، ولم يعد هذا النوع من التدخلات الخارجية يستهدف الآلات والمعدات فحسب، بل البشر خلف لوحات المفاتيح، بهدف تغيير تفكير الجماهير وإدراكهم، وتعديل سلوكياتهم في نهاية المطاف.

يقطع كبار مسؤولي مجمع الاستخبارات والأمن القومي الأميركي بأن كل الأسباب متوافرة لقيام جهات أجنبية بالتدخل في الانتخابات الرئاسية 2024.

ما هو هدف التدخلات، بدايةً؟

باختصار غير مخل، تقليل مصداقية الديمقراطية الأميركية في عيون مواطني البلاد، وبالتالي المساهمة في تفكيك الثقة في قدرات وصلاحيات الحكومة الاتحادية، ما ينعكس حكماً على مستقبل أميركا، ويفتح المجال واسعاً لصراعات داخلية، ليس أقلها العودة إلى حديث الكونفيدرالية، ومن ثم تشتيت انتباه واشنطن، وإلهاؤها بقضايا بينية، وإبعادها عن الدور السياسي الخارجي، وتحويل السياسة لصالح مصالح القوى المعادية.

تدرك استخبارات أميركا القلقة أن مشهد التدخل في الانتخابات هذه المرة قطعاً سوف يختلف عما جرت به المقادير في انتخابات عام 2016، ومرد ذلك التقدم التقني على صعيد الذكاء الاصطناعي، ذاك الذي فتح الباب واسعاً أمام ما بات يعرف بـ«التزييف العميق»، حيث من اليسير محاكاة أصوات وصور وحركات وكلمات المرشحين المتنافسين، وبقية أطراف حملتيهما، ووضع تصريحات مثيرة وخطيرة على ألسنتهم. تبدو روسيا على الأرجح اللاعب الرئيس في محاولات التدخل، وخاصة في ظل مشاعر سلبية تلف القيصر بوتين، الذي يعيش عزلة دبلوماسية، لعبت إدارة بايدن فيها دوراً كبيراً وفاعلاً.

من هنا، يمكن أن يكون التدخل الروسي إلى جانب المرشح الجمهوري دونالد ترمب.

بوتين ليست له مصلحة في مرشح يؤمن كثيراً جداً في الناتو، وراغب في حشد حلفاء واشنطن للدفاع عن أوكرانيا، فيما يرى في ترمب المنقذ والمخلص، الراغب في إنهاء الحرب، وفتح دروب جديدة بين واشنطن وموسكو، تمهيداً لحصار بكين.

تبدو الصين هذه المرة في قلب مشهد التدخلات، ففي فبراير (شباط) الماضي، قدّم مدير مكتب الاستخبارات الوطنية تقييماً للتهديدات، جاء فيه: «إن بكين توسع نطاق نفوذها السري العالمي لدعم أهداف الحزب الشيوعي الصيني بشكل أفضل»... ما الذي تسعى إليه الصين؟

من دون تردد، بثّ الشكوك حول القيادة الأميركية العالمية، وزعزعة الثقة في الهياكل التكتونية الديمقراطية الراسخة منذ أزمنة التأسيس، وتوسيع دائرة نفوذها الجيوسياسي في أميركا اللاتينية وكندا لحصار أميركا، ولو بدا الأمر رمزياً.

أي جانب ستقف فيه بكين، ناحية كامالا هاريس أم دونالد ترمب...

تدرك رئاسة شي جينبينغ أن المرشحين يمثلان «وعاء من السم» بالنسبة للصين، ومن هنا يتحتم عليها الاختيار بينهما.

يميل البعض في واشنطن إلى أن الصين تعتقد أن الرئاسة الثانية لترمب من شأنها أن تخدم مصالحها بشكل أفضل، سواء لأن ترمب سيكون أكثر انفتاحاً على إبرام صفقة، أو أقل احتمالية لامتلاك سياسة خارجية فعالة، وميله الغالب لمناقشة الملفات الداخلية، وجعل أميركا عظيمة في ثناياها وحناياها أولاً، ما يأخذنا إلى شروحات وطروحات السياسات الانعزالية.

هل إيران بعيدة عن هذه التدخلات المرتقبة؟

الاثنين الماضي، كشف مسؤول كبير في مكتب مدير الاستخبارات الوطنية عن أن طهران تعمل على التأثير على الانتخابات الرئاسية.

ليس سراً يذاع أن عودة ترمب إلى المكتب الأبيض أمر لا يشكل خبراً مفرحاً للملالي، ولهذا ربما يتجهون لدعم كامالا هاريس. ماذا عن كوريا الشمالية وأطراف أخرى منافسة؟

الحديث ممتد في أزمنة الزيف العميق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتخابات الأميركية ومأزق التدخلات الخارجية الانتخابات الأميركية ومأزق التدخلات الخارجية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon