توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الهند.. عن النجم الصاعد عولميا

  مصر اليوم -

الهند عن النجم الصاعد عولميا

بقلم - إميل أمين

هل يمكننا النظر إلى قمة العشرين الأخيرة، بوصفها إيذانا بمولد جديد للهند؟

يمكن القطع بأن الهند نجحت بالفعل في تقديم رؤى فاعلة وناجزة، وسط عالم مرتبك ومختل، وفي أوقات تتكاثر فيها الأزمات حول الكرة الأرضية، إيكولوجيا واقتصاديا، أمنيا وسياسيا، حتى تكاد الضبابية تلف وجه المسكونة.

يعن لنا التساؤل: ما الذي يميز الهند اليوم، عن تلك التي عرفها المجتمع الدولي، في ستينات القرن المنصرم بنوع خاص؟
يمكن أن نتجرأ على الجواب، باجتهاد متواضع ونقول، نحن الآن أمام الهند التي تخففت من أحمال الأيديولوجيا، ووجدت لنفسها مسارات واسعة ومساقات رحبة، في عوالم الميثودولجيا، حيث طرق البحث والاستدلال على المعرفة، ما جعلها تحلق في آفاق رحبة من عوالم الإبستمولوجيا، وتنهي أزمنة ضيق الأيديولوجيا.
هل من صعوبة في فهم المنطق المتقدم؟

بعبارات أبسط، لقد نحت الهند تجاه بناء دولتها الجديدة، عبر العلم والمعرفة، فقد آمنت بأن ثروة الأمم الحقيقية، ليست في مقدراتها من المواد الطبيعية فحسب، بل في عقول أبنائها، وفي ترقيهم الفكري والعلمي، وريادتهم لعوالم الابتكار، في شتى مناحي الحياة.

وقر لدى الهند، قيادة وشعبا، رغم تعداد سكانها الهائل أن "نشوء وارتقاء الأمم"، في القرن الحادي والعشرين، سوف يضحى قرين الابتكار، ولهذا انشغلت جامعاتها، بكل ما له علاقة بعالم التقانة الحديثة، والإناسة الروبوتية والبرمجيات. من هنا انفتحت أمامهم سبل الاقتصاد المعولم الجديد، اقتصاد الإبداع لا الاتباع، والذي اصطلح على تسميته اقتصاد الابتكار.

حصاد الهند في العقود الثلاثة الأخيرة، جاء بشر خلاقين، وليس محاصيل وموارد طبيعية، وإن نجحت كذلك في هذا السياق، رغم تعداد سكانها الذي بلغ 1.4286مليار نسمة، لتتجاوز الصين صاحبة الرقم القياسي في التعداد والذي وصل عام 2023 إلى 1.4257مليار نسمة.
هل تفكر الهند في غزو العالم المعولم الجديد من حولها؟

ربما نعم، لكنه غزو الأقوياء علما ومعرفة، وليس الغزو المسلح الذي لم ولن يجلب على أصحابه سوى الموت والدمار في الحال والاستقبال.

هل أتاك حديث وادي السيلكون، تلك المنطقة الجنوبية من خليج سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية؟

تكاد تستعلن تلك البقعة من الأراضي الأمريكية، هندية النفوذ، حيث ترفدها جامعات الهند ومعاهدها التكنولوجية، بنحو عشرين ألفا أو أكثر من خيرة الشباب الهنود كل عام، سواء أكانوا مطوري برامج كمبيوترية، أو منتجي شرائح ورقائق السيلكون، عطفا على المبدعين في مجالات التطوير والاختراعات الجديدة في مجال التكنولوجيا المتطورة، الأمر الذي يساهم في ثلث العائدات الاستثمارية في مجال المشاريع الجديدة، في الولايات المتحدة الأمريكية.

في هذا السياق لا يستغرب المرء، أو يدهش مواطنو أمريكا، إن رأوا في البيت الأبيض عما قريب، رئيسا للجمهورية الأمريكية، من أصول هندية، وهو ما يكاد يقترب من فعله الشاب الأمريكي الألمعي، فيفيك راماسوامي، الذي ينافس عتاة السياسيين الجمهوريين على الفوز بترشيح الحزب الجمهوري له لانتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة.

التفكير والتعليم هما أساس الإبداع الهندي، وعليهما قامت نهضة الهند الاقتصادية الحديثة، وعلى غير المصدق أن يراجع معنا البيانات التالية.

سجلت الأسواق الهندية خلال 2022-2023 ، نموا اقتصاديا بمعدل 7.2%، وقد جرى ذلك بدفع قوة من أداء قطاعي الخدمات والاستهلاك، ما وضع نيودلهي في مصاف اقتصادات العالم الأسرع نموا.

نما الاقتصاد الهندي بنسبة 6.1 بالمئة في الربع المالي، الممتد من يناير إلى مارس، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي بحسب مكتب الإحصاء الوطني الهندي.

في هذا السياق يذهب المدير المحلي للبنك الدولي، أوغست تانوكوامي، إلى أن الاقتصاد الهندي يواصل إظهار مرونة قوية في مواجهة الصدمات الخارجية، كما أن صادرات الهند الخدمية ماضية قدما في الارتفاع، رغم الضغوطات الخارجية، مع تقلص عجز الحسابات الخارجية.

ولعله من متناقضات القدر، أن تقفز الهند، في تراتبية الاقتصادات العالمية لتتجاوز اقتصاد المملكة المتحدة.

حدث ذلك منذ نحو عام، ففي سبتمبر أيلول من 2022، تخلفت بريطانيا عن الهند لتصبح سادس أكبر اقتصاد في العالم، فيما قفزت المستعمرات البريطانية السابقة لتصبح خامس أكبر اقتصاد عالمي، والعهدة على وكالة "بلومبرغ".

لا وقت للهند والهنود للبكاء على اللبن المسكوب في زمن الاستعمار، وإنما عمل وأمل، صباحا ومساء، وربما لهذا دار مؤخرا حديث طويل، وغالب الظن سيظل قائما حول تغيير اسم البلاد، من "الهند"، تلك اللفظة التي تطاردها أشباح زمن الاستعمار البريطاني إلى "بهارات" اسمها الأصلي القديم.

لم يعد في الأمر سر، أن الاقتصاد الصيني يتعرض لانتكاسة في الوقت الراهن، ومع أنه من المتوقع أن يستنهض قواه، في أوقات لاحقة، إلا أن الهند مرشحة بالفعل أن تكون مصنع العالم الجديد.

نجح رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، في أن يخلق لنفسه ولبلاده موطئ قدم متميز ومتجدد وسط العشرين الكبار، بل لا نغالي إن قلنا إن الهند تضحى اليوم رقما صعبا في عالم سلاسل التوريد، تلك القضية التي باتت تؤرق العالم شرقا وغربا في حاضرات أيامنا، لاسيما بعد الثغرات المقلقة التي ظهرت عقب تفشي فيروس كوفيد -19، وانطلاقته من الصين.

نجحت الهند في العبور بقمة العشرين، حجار عثار عدة في الطريق، سيما في ضوء غياب فلاديمير بوتين، وشي جين بينغ، وانتصرت أريحية شعار عالم واحد، للكثير من الأفكار الوفاقية، بهدف تذليل الصعوبات التي تواجه شعوب العالم، وفي مقدمها الأزمتين الاقتصادية من ناحية، والإيكولوجية الخاصة بتدهور أحوال المناخ من جهة تالية.
هل سيكون على العالم بعد قمة العشرين الاستعداد لملاقاة الهند الجديدة؟

بالقطع لن يكون الدرب سهلا أو معبدا، فهناك كثر يدركون الغزل الأمريكي على المتناقضات، وربما تفهمت موسكو وبكين الأمر سريعا.

غير أن توجهات الهند تأخذ في اعتبارها أنه "ليست الجيوش فحسب التي تمشي على بطونها"، كما قال الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت ذات مرة، ولكن الشعوب كذلك، ومن هنا جاءت وتجيء نجاحات الهند.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهند عن النجم الصاعد عولميا الهند عن النجم الصاعد عولميا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon