توقيت القاهرة المحلي 20:45:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشرق الأوسط والانفلاش النووي

  مصر اليوم -

الشرق الأوسط والانفلاش النووي

بقلم - إميل أمين

هل الشرق الأوسط على موعد مع النووي لكلّ يد، على وزن "الطعام لكّل فم" لأديب مصر المسرحي الكبير توفيق الحكيم؟
المؤكد أن التصعيد الأخير بين إيران وإسرائيل لفت الانتباه إلى أزمة الشرق الأوسط النووية، وما إذا كان في طريقه للتحول بالفعل إلى منطقة مليئة بهذا السلاح الفَتّاك عوضًا عن أن يكون خاليًا تمامًا من أسلحة الموت والدمار هذه، كما يحلم الذين لهم دالة على السِّلْم الدولي.
ولعله من المؤكد أننا أمام مشهد نوويّ ثنائيّ اليوم، غير أنه ما من ضامن أن يضحي ثلاثيًا ورباعيًا، وربما أبعد من ذلك، إذ لن تضحي إسرائيل وحدها من يمتلك السلاح، فها هي إيران على عتبات حيازته، ما يعني بالضرورة والحتمية التاريخية الجبرية أن دول المنطقة، ولإحداث حالة من توازنات الدرع التي لا بدّ منها، ستجد نفسها مطالبة أمام شعوبها بالمثل.
ليس سرا أن سبب انفجار حديث الشرق الأوسط القلق نوويًّا موصول بتل أبيب التي ترفض حتى الساعة الكشف عن ترسانتها النووية، في حين يعلم القاصي والداني أنها تمتلك رقمًا معتبرًا، يصل إلى بضعة مئات، ومن ناحية أخرى له علاقة بمآلات البرنامج النووي الإيراني، والذي تسارعت خُطاه بصورة مثيرة للقلق في الأسابيع الأخيرة بنوع خاص.
الذين تابعوا تصريحات المدير العام للوكالة الدولية للطاقة النووية رفائيل غروسي، قد وَقَرَ لديهم أن إيران على مقربة أسابيع وليس أشهر من حيازة قنبلة نووية، وغالب الظن أن لديها نماذج أولية من هذا النوع من أسلحة التدمير الشاملة.
الامر عينه أكّدتْه وكالة بلومبرغ في تقارير أخيرة لها قالت فيها إن إيران قد تكون قادرة على إنتاج ما يكفي من اليورانيوم المُخصَّب اللازم لصنع قنبلة نووية خلال أقل من أسبوع، وقد كان ذلك في منتصف إبريل/ نيسان المنصرم.
أحد الأسئلة المثيرة للقلق نوويًّا في المنطقة مؤخَّرًا: "هل كانت صواريخ إيران التي أطلِقَتْ على إسرائيل إشارة فَهِمَها جنرالات المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تقول إن طهران لم تَعُدْ تخشى المواجهة الرسمية؟
الشاهد أنه حال كان الأمر على هذا النحو، وهو غالبًا كذلك، فقد يحمل دلالات مهمّة بل خطيرة، وهي أن إيران إن لم تكن فد تخطت العتبة النووية بالفعل، فإنها قاب قوسين أو أدنى من ذلك، وربما لهذا السبب لم تُرِدْ أن تُعمّق من هجماتها مؤخَّرًا، لتتفرغ لامتلاك منظومة الردع الصاروخية بوجهها النووي، وساعتها ستكون قادرة على مقارعة المحرقة بمحرقة مقابلة، أي الهجمات النووية بنظيرتها.
ما الذي تحتاجه إيران كي تدشن دخولها النادي النووي؟
الأمر ليس بالعسير في واقع الحال، بمعنى أنه عطفًا على المادة الانشطارية، هناك آلية التفجير ووسائل إيصالها إلى المواقع المستهدَفة، حيث من المرجَّح أن إيران تمتلك بالفعل المعرفة التقنية اللازمة لإنتاج جهاز تفجير داخلي بسيط، مثل ذلك الذي أسقطته الولايات المتحدة فوق هيروشيما عام 1945.
هنا يتعَيَّن على الطيار الإيراني أن ينجو من التوغُّل في أراضي العدو حتى يتمكن من إرساله، وبدلاً من ذلك يمكن تسليم أجهزة التفجير داخل حاوية يتم شحنها على الأرض أو تعبئتها على متن سفينة.
ولضرب هدف بعيد ، تحتاج إيران إلى رأس حربي صغير بما يكفي ليتم تثبيته فوق أحد صواريخها الباليستية.
لا تبدو السيناريوهات المتقدمة مستحيلة بالنسبة للإيرانيين، لا سِيّما في ظلّ وجود التخوم التي تتبعها، حيث يتواجد وكلاء الحرب التابعين لها، وهولاء سيكونون عند لحظة نووية بعينها سلاحًا لوجستيًّا خطيرًا يهدِّد البرّ والبحر والجوّ.
هل إيران جادّة في إقلاق الشرق الأوسط بالمزيد من الهواجس النووية بالفعل، وربما فيما يتجاوز مواجهتها لإسرائيل؟
مؤكَّدٌ أن الأمر على هذا النحو قولا وفعلا، وبخاصّة في ظل تلويح طهران بـ"تغيير عقيدتها النووية" المزعومة... ماذا عن هذا العقيدة، وما هو التغير الذي طرأ عليها؟
قصة العقيدة النووية جوهرها أن طهران ترى أنه من غير الجائز شرعًا امتلاك سلاح الموت النووي، وأن الأمر في تأصيله وتجذيره يعود إلى فتوى الإمام الخوميني.
غير أن القاصي والداني يعلم تمام العلم أن الأمر ليس سوى من أنواع فكر "التقية النووي"، إن جاز التعبير، بمعنى أن هذا القول بوجود هذه الفتوى هو نوع من محاولة خداع الآخرين، لا سيما جيران إيران الجغرافيين، وأن شهوة قلب إيران الحقيقية تدور حول امتلاك هذا السلاح الذي يجعل منها قوة مكافئة إقليمية لإسرائيل بنوع خاص، ويُمَكِّنها من اقتسام النفوذ خليجيًّا وشرق أوسطيًّا.
أما حديث تغيير هذه العقيدة الواهية أو اللاعقيدة في واقع الحال، فمرجعه ما نقلته وكالة تسنيم شبه الرسمية الإيرانية قبل أسبوعَيْن عن القائد الكبير بالحرس الثوري الإيراني، أحمد حق طلب، من أن إيران قد تراجع عقيدتها النووية.
هنا المعنى المراد، أن إيران ومن جرّاء التهديدات الإسرائيلية لمنشآتها النووية من الممكن أن تراجع ما تؤمن به، أي أنْ تُحَوِّل إيران برنامجها النووي المصمَّم لأغراض مدنية سليمة، وبهدف توفير الكهرباء لأغراض الصناعة بنوع خاص، إلى أغراض عسكرية.
يحملنا التصريح الأخير على أن إيران ومهما حاولت مواراة أو مداراة سعيها النووي، إلا أنها ماضية قُدُمًا في طريقه، وأنها عازمة على أن تتصدى لمن يهاجمها بنفس السلاح الذي يمتلكه.
ما العمل إذن أمام طموحات إيران النووي، والعتبات التي تجاوزتها أو في على بعض أمتار من تجاوزها؟
لا يوجد في واقع الأمر سوى سيناريو من اثنين ، إما العمل أميركيًّا بشكل مباشر، أو توكيل إسرائيل في توجيه ضربات مكثَّفة لمواقع إيران النووية، وفي هذا الحال حكمًا سترُدُّ إيران بنفس الآلية، ما يعني احتمالات الدخول في دائرة الشتاء النووي خليجيًّا وشرق أوسطيًّا، وربما يمكن أن يتحول الأمر إلى مواجهة نووية عالمية، وهو ما يرغبه أحد ولا يتمناه الطرفان ومن يدعمهما، وما حدث مؤخرًا يقطع بأن توازن الرعب والردع قائم وقادم، تقليديًّا ونوويًّا.
أما السيناريو الثاني، فهو القبول بإيران عضوًا في النادي النووي لتضحي الدولة العاشرة بعد روسيا والولايات المتحدة، فرنسا والصين، بريطانيا والهند ، باكستان وكوريا الشمالية، فضلاً عن إسرائيل التي لم تؤكد ولم تنفِ أبدًا حيازتها للسلاح النووي وتُفَضِّل البقاء في منطقة رمادية من هذه الناحية.
القلق الذي نحن بصدده يدور وبصراحة تامة في العواصم الشرق أوسطية الفاعلة والناجزة، تاريخيًّا وجغرافيًّا، من أصحاب الأوزان الديموغرافيّة الكبرى خاصة والسؤال: هل ستقف عاقدة الأذرع على الصدور تراقب السباق النووي الإيراني الإسرائيلي، والرؤوس العابرة فوق البلدان منتهكةً سيادتها أو موجهة لسويداء القلب منها؟
حكمًا هذا لن يحدث، وسيكون البديل سعيًا موازيًا ضمن سياقات التوازنات النووية، وهو الأمر الوحيد الذي يزيح الخطر. وقد تعلم الجميع من زمن الحرب الباردة أنه لولا توازن الرعب والردع النوويَّيْن، لانتهى أحد الحِلْفين الكبيرَيْن، وارسو أو الناتو، لكن امتلاك الطرفين لأدوات الموت الذري ألغى الخطر.
هل الشر ق الأوسط على موعد مع انفلاش نووي أم أن القارعة واقفة وراء الباب؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرق الأوسط والانفلاش النووي الشرق الأوسط والانفلاش النووي



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon