توقيت القاهرة المحلي 09:36:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

واشنطن - بكين.. المناخ أم السياسة؟

  مصر اليوم -

واشنطن  بكين المناخ أم السياسة

بقلم - إميل أمين

هل بدأت التغيرات المناخية تفرض ذاتها على القوى السياسية القطبية حول العالم، لتجعل الأولوية لمعالجة أزمات الطبيعة التي تداهم البشر في حاضرات أيامهم، بأكثر ربما من الالتفات إلى قضايا الصراع السياسي؟

تساؤل ارتفع الأيام القليلة الماضية في أعلى عليين، سيما بعد زيارة وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين للصين، ودعوتها لتعزيز التعاون بين واشنطن وبكين في التصدي للتحديات العالمية.

في مقدمة تلك التحديات، تناولت يلين، إشكالية التغير المناخي، والذي اعتبرته مهددا وجوديا، ودعت الصين في نفس الوقت لتصبح أكثر مشاركة في جهود التمويل لمكافحة التغير المناخي ودعم الأدوات القائمة مثل صندوق الاستثمار المناخي.

ليس سرا أن واشنطن وبكين، يقع عليهما العبء الأكبر في عملية مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، انطلاقا من كونهما أكبر قوتين صناعيتين حول العالم.

عطفا على ذلك فإن انسحاب واشنطن لسنوات من اتفاقية "كيوتو "، أعطى لبكين الوازع والمبرر للمضي قدما في استخدام الفحم الكربوني، الأمر الذي تسبب في زيادة تلوث مناخ الكرة الأرضية.

هل قلبت الطبيعة في الأيام القليلة المنصرمة لأميركا والصين، ترس المجن، كما يقال، ومن هنا جاءت دعوة يلين، والتي تجاوزت بقية نقاط الخلاف الجوهرية بين البلدين، من رقائق إلكترونية، وصراعات استخبارية، كما الحال من حول محطة التنصت التي تتهم واشنطن بكين ببنائها في كوبا، إضافة للعديد من المرتكزات الملتهبة كما الحال مع تايوان وبحر الصين الجنوبي؟

لتكن البداية من الولايات المتحدة الأميركية، والتي تتعرض هذا الصيف لموجات من الحر الشديد، خصوصا في ولايات أريزونا وتكساس ونيو مكسيكو ولويزيانا، ومناطق واسعة من كاليفورنيا، حيث تصل درجات الحرارة إلى أربعين درجة مئوية.

في الوقت عينه تشير التوقعات إلى أن الجو الحار قد يزداد سوءا ليصل إلى معدلات لا يستبعد خبراء أن يكون الاحترار المناخي أحد أسبابه، والعهدة على الواشنطن بوست.

المثير في حالة الطقس في الجانب الأميركي، أنه ما من أحد ولا حتى خبراء الطقس، قادر على تحديد موعد ثابت لانكسار هذه الموجات، رغم الاستعانة بنماذج الحاسوب التي تتنبأ بالطقس عادة لمدة تصل إلى 16 يوما، ما يعني أن الأميركيين على موعد مع موجة حر غير مسبوقة.

الحديث عن ارتفاع درجات الحرارة في الداخل الأميركي، لا سيما في الجانب الغربي بالقرب من المحيط الهادئ، يعني المزيد من موجات الحرائق القاتلة في الغابات، والتي درجت على الاشتعال سنويا في العقدين الأخيرين.

هل الصين أفضل حالاً مناخياً من أميركا؟

أوائل الأسبوع الماضي، سجلت درجات الحرارة في الصين مستويات قياسية، إذ ارتفعت إلى ما فوق 35 درجة مئوية، ولمدة عشرة أيام متوالية، وهي أطول سلسلة من نوعها منذ عام 1961.

بلغت الحرارة في الكثير من مدن الصين، نحو 40 درجة مئوية، ما دعا الحكومة الصينية أرباب العمل في بكين تحديدا، بوقف العمل في الهواء الطلق، كما صدرت أوامر ببقاء كبار السن والمرضى هادئين بعد أن أعلنت المدينة، التي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة إنذارا أحمر، وهو أعلى مستوى طوارئ للتحذير من درجات الحرارة القصوى.

تسبب الاحترار المناخي في الصين كذلك في حدوث فيضانات أجبرت الآلاف من الصينيين على النزوح والفرار من منازلهم في جنوب الصين.

ومع نهاية الأسبوع كان المرصد الوطني الصيني للمناخ، يصدر إنذارا باللون البرتقالي منذرا ومحذرا من موجات الحرارة القادمة.

هل تدفع الصين أكلاف سباقها الصناعي مع الولايات المتحدة الأميركية خاصة، ومع بقية العالم لاحقا، من أحوالها المناخية؟

أغلب الظن أن ذلك كذلك، وبخاصة في ظل أزمة الكهرباء التي أصابتها الأعوام القليلة الماضية، ما دفعها لرفع مستوى استخدامها للفحم بنسبة 35%، في محاولة منها لتعويض خسائر السنوات التي انتشر فيها فيروس كوفيد-19، وما خلفه من خسائر اقتصادية.

هل أدرك القطبان الكبيران الأميركي والصيني أن الكرة الأرضية معرضة لكوارث إيكولوجية غير مسبوقة، ولهذا لفتت يلين إلى أهمية التعاون الحقيقي، لمداواة الكوكب الأزرق، وبعيدا عن الشعارات الفاقعة والأصوات الزاعقة؟

المؤكد أن السجلات المناخية حول العالم في الأسابيع الأخيرة تشي بأن عام 2023 قد يكون الأكثر سخونة في تاريخ الكرة الأرضية، وأن الأرض في تاريخها بالفعل إلى "منطقة مرعبة مجهولة".

في الشهر الماضي، شهد العالم أحر شهر يونيو على الإطلاق "بهامش كبير" وفقا لتقرير صادر عن خدمة "كوبرنيكوس" لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي.

ضربت موجات الحرارة البحر، كما البر، فقد شهدت أجزاء من شمال الأطلسي موجة حرارة بحرية غير مسبوقة، مع درجات حرارة تصل إلى 5 درجات مئوية (9 درجات فهرنهايت) أسخن من المعتاد.

وفي القارة القطبية الجنوبية، حيث ترتفع درجات الحرارة أعلى بكثير من المتوسط لهذا الوقت من العام، انخفض الجليد البحري إلى مستويات قياسية منخفضة، والتي ربطها العلماء بالمياه الدافئة قبالة المحيطين الهندي والهادئ والأطلسي.

ما يشهده العالم هو تأثيرات الاحتباس الحراري مقترنة بظاهرة النينو المناخية، التي أمدت وصولها رسميا المنظمة العالمية للأرصاد الجوية الأربعاء الماضي.

الصين وأميركا هما أكبر دولتين حول العالم، وثيقتا ولصيقتا الصلة بثورة المناخ، ذلك أنه فيما تحرقان الوقود الأحفوري وتضخان غازات الدفيئة في أرجاء الكوكب، ترتفع درجة الحرارة عالميا بشكل مطرد، الأمر الذي يؤدي إل المزيد من موجات الحرارة الأكثر شدة، إلى جانب مجموعة من التأثيرات الأخرى مثل الطقس الأكثر قسوة وذوبان الأنهار وارتفاع مستويات سطح البحر.

الذين تابعوا نتائج زيارة جانيت يلين، وتصريحات الجانبين الصيني والأميركي، ربما أدركوا أن هناك خطوات للتقارب ولو غلفتها البراغماتية التقليدية، هدفها تغليب مواجهة أخطار المناخ، على خلافات السياسة، سيما في مواجهة عالم يكاد ينفجر، ومن غير أن يكون للبشر بديل عنه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن  بكين المناخ أم السياسة واشنطن  بكين المناخ أم السياسة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon