توقيت القاهرة المحلي 09:40:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السعودية والمستقبل... طريق الهيدروجين الأخضر

  مصر اليوم -

السعودية والمستقبل طريق الهيدروجين الأخضر

بقلم - إميل أمين

ضمن السباق العالمي في مضمار الطاقة، والبحث عن بدائل مغايرة للتقليدية منها، عرفت تسعينات القرن المنصرم طاقة الرياح، بينما بدا التركيز واضحاً في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين على الطاقة الشمسية، والعقد الذي يليه تركزت الجهود حول البطاريات الجافة.

هل عقدنا الحالي، وربما عقود أخرى تليه، هو عقد الهيدروجين الأخضر، طريق الأمم الناهضة لطاقة خلاقة، صديقة للبيئة، تجابه مع العنصر البشري التحديات الإيكولوجية المتسارعة الخطى، والتي تكاد تهدد بقاء النوع البشري وكثير من الكائنات الحية؟

في تقرير لها عام 2021، تحدثت منظمة الـ«إسكوا» عن أهمية الهيدروجين الأخضر المنخفض الكربون، وكيف بات جزءاً مهماً من الجهود التي تبذلها الحكومات لمعالجة المخاطر البيئية والاقتصادية، كما يساهم في تخفيف الاعتماد على الوقود الأحفوري، سواء باعتباره مصدراً للدخل من الصادرات، أو في كل القطاعات التي تستهلك الطاقة.

بإعلانها بدء بناء أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم، خلال 4 أشهر، تستعلن المملكة العربية السعودية طريقاً جديدة للمستقبل، ضمن مخططات «رؤية 2030» التي يرعاها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

خلال عام من الآن، وحسب الرئيس التنفيذي لشركة «نيوم للهيدروجين الأخضر»، ديفيد إدموندسون، سوف يبدأ العمل في إنتاج الهيدروجين الأخضر، في مدينة «أوكساغون» بمنطقة نيوم.

الأرقام الأولية تشير إلى إنتاج يومي يصل إلى نحو 600 طن متري من الهيدروجين الخالي من الكربون، وذلك مع نهاية عام 2026، على شكل أمونيا خضراء.

قصة نجاح «أوكساغون» القائمة والقادمة، تتمثل في أن إنتاج المصنع سوف يلبي الطلب المحلي وتحديداً في قطاع النقل، عطفاً على وجود اتفاق حصري مع شركة «إيربرودكتس» لشراء كامل إنتاج المصنع لمدة 30 عاماً مقبلة، وستقوم الشركة بنقل كل المنتجات إلى أوروبا وآسيا وأميركا.

نيوم عنوان لمستقبل شرق أوسطي، وشركتها «نيوم للهيدروجين الأخضر» تمضي قدماً في طريق طاقة المستقبل، من خلال دعم الحكومة السعودية، والتي يسرت حصولها على أول ترخيص صناعي لإنتاج الهيدروجين الأخضر.

هل السعودية أمام محطة مهمة وحاسمة في طريقين استراتيجيتين معاً؟ ذلك كذلك قولاً وفعلاً، أما الأولى فتتمثل في درب يتساوق والحاجة الكونية لاستنقاذ الكوكب الأزرق من أزمته الإيكولوجية التي تكاد تذهب به وبمن عليه من الكائنات الحية، بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري الناجمة عن زيادة ثاني أكسيد الكربون المتولد عن الوقود الأحفوري، بمختلف صنوفه وصفوفه.

بينما الطريق الثانية تشكل مصدراً من مصادر تنويع الدخل للمملكة، لتتجاوز مرحلة العائد الريعي للنفط؛ حيث اقتصاد الابتكار القادر على مغازلة الطبيعة الجغرافية، بعناصرها المتميزة من مصادر مياه وشمس ساطعة، وعقول قادرة، لا على أن تستنطق الحجر فحسب؛ بل تسخّره لخدمة البشر.

يأتي مشروع نيوم للطاقة الخضراء ليضع لبنة جديدة ضمن لبنات البناء الهيكلي الجديد للسعودية، وفي إطار دورها العالمي لتحسين أحوال المناخ العالمي، عبر التحول إلى أنواع الطاقة الجديدة، وكذا تلبية الطلب المتزايد على الطاقة عالمياً، وانطلاقاً من دورها الريادي في تطوير مصادر طاقة جديدة وبديلة.

هل باتت الحاجة إلى الهيدروجين الأخضر أمراً ضرورياً وملحاً؟ الشاهد أنه في عام 2021 أطلقت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيير المناخ (IPCC)، تحذيرات بشأن العوز المُلح للانتقال من الاعتماد على استخدام الوقود الأحفوري الملوث للهواء مصدراً للطاقة، إلى مصادر طاقة أخرى خالية من الانبعاثات الضارة بالمناخ، لدرء آثار أسوأ أزمة مناخية قد يشهدها العالم في عصر ما بعد الصناعة.

قبل ذلك بنحو عامين، وفي تقرير لها أصدرته عام 2019، شجعت «الوكالة الدولية للطاقة»، كافة بلدان العالم، على الاستثمار في الهيدروجين بوصفه أحد الحلول المتعددة الاستخدامات، بحيث يمكن استخدامه كوقود نظيف يوازن بين مصادر الطاقة المتجددة الأخرى في توليد الكهرباء، وتوفير الطاقة المنخفضة الكربون لمسافات طويلة جداً، وتخزين الكهرباء لمواجهة الاختلالات الأسبوعية أو الشهرية في العرض والطلب.

يمكن القطع بأن هذا النوع من الطاقة المتجددة بات مفتاح الاقتصاد المحايد للكربون، وفي مقدمة الحلول المقترحة للاستخدام في القطاعات الأكثر استهلاكاً للطاقة، مثل قطاعات الطيران والشحن البحري، والصناعات الثقيلة، وحتى في تدفئة المنازل.

ثورة نيوم تجاه الهيدروجين الأخضر في واقع الحال هي امتداد لسنوات طوال من العمل الجاد، ذاك الذي قامت به شركة «أرامكو السعودية»، لاستكشاف الطرق المحتملة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وربما الأزرق العالي النقاء، من المواد الهيدروكربونية، ما يفيد بطفرة علمية معملية ضمن صفوف شباب علماء السعودية في مجال الطاقة.

قصة الهيدروجين قصة غير اعتيادية، ومستقبلها ثري على كافة الصعد الاقتصادية والجيوسياسية، دفعة واحدة.

بداية يمكن للهيدروجين الأخضر تلبية ربع احتياجات العالم من الطاقة بحلول عام 2050، وبحجم مبيعات سنوية يصل إلى 770 مليار دولار.

من جهة أخرى، يتوقع مجلس الطاقة العالمي أنه بحلول عام 2025، يمكن أن تغطي استراتيجيات الهيدروجين الوطنية البلدان التي تمثل أكثر من 80 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي منه.

يبدو السباق العالمي على إنتاج الهيدروجين الأخضر أحد مسارات التنافس بين القوى الدولية الكبرى، فقد وضعت أوروبا والولايات المتحدة الأميركية خططاً كبيرة لبناء مزيد من أجهزة التحليل الكهربائي، أي الآلات التي تستخدم الكهرباء لفصل وسحب ذرات الهيدروجين من الماء.

هنا -وحسب التقارير الدولية المعنية بهذا النوع من الطاقة الجديدة- فإن الصين قد سبقت الجميع في هذه التقنية.

هل سيخلق التنافس على إنتاج الهيدروجين الأخضر واقعاً جغرافياً سياسياً جديداً للطاقة حول العالم؟ حكماً نعم، لا سيما في البلدان التي تنعم بوفرة الشمس والرياح، والطامحة للقيادة في العالم الجديد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السعودية والمستقبل طريق الهيدروجين الأخضر السعودية والمستقبل طريق الهيدروجين الأخضر



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon