توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السعودية والمستقبل... طريق الهيدروجين الأخضر

  مصر اليوم -

السعودية والمستقبل طريق الهيدروجين الأخضر

بقلم - إميل أمين

ضمن السباق العالمي في مضمار الطاقة، والبحث عن بدائل مغايرة للتقليدية منها، عرفت تسعينات القرن المنصرم طاقة الرياح، بينما بدا التركيز واضحاً في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين على الطاقة الشمسية، والعقد الذي يليه تركزت الجهود حول البطاريات الجافة.

هل عقدنا الحالي، وربما عقود أخرى تليه، هو عقد الهيدروجين الأخضر، طريق الأمم الناهضة لطاقة خلاقة، صديقة للبيئة، تجابه مع العنصر البشري التحديات الإيكولوجية المتسارعة الخطى، والتي تكاد تهدد بقاء النوع البشري وكثير من الكائنات الحية؟

في تقرير لها عام 2021، تحدثت منظمة الـ«إسكوا» عن أهمية الهيدروجين الأخضر المنخفض الكربون، وكيف بات جزءاً مهماً من الجهود التي تبذلها الحكومات لمعالجة المخاطر البيئية والاقتصادية، كما يساهم في تخفيف الاعتماد على الوقود الأحفوري، سواء باعتباره مصدراً للدخل من الصادرات، أو في كل القطاعات التي تستهلك الطاقة.

بإعلانها بدء بناء أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم، خلال 4 أشهر، تستعلن المملكة العربية السعودية طريقاً جديدة للمستقبل، ضمن مخططات «رؤية 2030» التي يرعاها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

خلال عام من الآن، وحسب الرئيس التنفيذي لشركة «نيوم للهيدروجين الأخضر»، ديفيد إدموندسون، سوف يبدأ العمل في إنتاج الهيدروجين الأخضر، في مدينة «أوكساغون» بمنطقة نيوم.

الأرقام الأولية تشير إلى إنتاج يومي يصل إلى نحو 600 طن متري من الهيدروجين الخالي من الكربون، وذلك مع نهاية عام 2026، على شكل أمونيا خضراء.

قصة نجاح «أوكساغون» القائمة والقادمة، تتمثل في أن إنتاج المصنع سوف يلبي الطلب المحلي وتحديداً في قطاع النقل، عطفاً على وجود اتفاق حصري مع شركة «إيربرودكتس» لشراء كامل إنتاج المصنع لمدة 30 عاماً مقبلة، وستقوم الشركة بنقل كل المنتجات إلى أوروبا وآسيا وأميركا.

نيوم عنوان لمستقبل شرق أوسطي، وشركتها «نيوم للهيدروجين الأخضر» تمضي قدماً في طريق طاقة المستقبل، من خلال دعم الحكومة السعودية، والتي يسرت حصولها على أول ترخيص صناعي لإنتاج الهيدروجين الأخضر.

هل السعودية أمام محطة مهمة وحاسمة في طريقين استراتيجيتين معاً؟ ذلك كذلك قولاً وفعلاً، أما الأولى فتتمثل في درب يتساوق والحاجة الكونية لاستنقاذ الكوكب الأزرق من أزمته الإيكولوجية التي تكاد تذهب به وبمن عليه من الكائنات الحية، بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري الناجمة عن زيادة ثاني أكسيد الكربون المتولد عن الوقود الأحفوري، بمختلف صنوفه وصفوفه.

بينما الطريق الثانية تشكل مصدراً من مصادر تنويع الدخل للمملكة، لتتجاوز مرحلة العائد الريعي للنفط؛ حيث اقتصاد الابتكار القادر على مغازلة الطبيعة الجغرافية، بعناصرها المتميزة من مصادر مياه وشمس ساطعة، وعقول قادرة، لا على أن تستنطق الحجر فحسب؛ بل تسخّره لخدمة البشر.

يأتي مشروع نيوم للطاقة الخضراء ليضع لبنة جديدة ضمن لبنات البناء الهيكلي الجديد للسعودية، وفي إطار دورها العالمي لتحسين أحوال المناخ العالمي، عبر التحول إلى أنواع الطاقة الجديدة، وكذا تلبية الطلب المتزايد على الطاقة عالمياً، وانطلاقاً من دورها الريادي في تطوير مصادر طاقة جديدة وبديلة.

هل باتت الحاجة إلى الهيدروجين الأخضر أمراً ضرورياً وملحاً؟ الشاهد أنه في عام 2021 أطلقت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيير المناخ (IPCC)، تحذيرات بشأن العوز المُلح للانتقال من الاعتماد على استخدام الوقود الأحفوري الملوث للهواء مصدراً للطاقة، إلى مصادر طاقة أخرى خالية من الانبعاثات الضارة بالمناخ، لدرء آثار أسوأ أزمة مناخية قد يشهدها العالم في عصر ما بعد الصناعة.

قبل ذلك بنحو عامين، وفي تقرير لها أصدرته عام 2019، شجعت «الوكالة الدولية للطاقة»، كافة بلدان العالم، على الاستثمار في الهيدروجين بوصفه أحد الحلول المتعددة الاستخدامات، بحيث يمكن استخدامه كوقود نظيف يوازن بين مصادر الطاقة المتجددة الأخرى في توليد الكهرباء، وتوفير الطاقة المنخفضة الكربون لمسافات طويلة جداً، وتخزين الكهرباء لمواجهة الاختلالات الأسبوعية أو الشهرية في العرض والطلب.

يمكن القطع بأن هذا النوع من الطاقة المتجددة بات مفتاح الاقتصاد المحايد للكربون، وفي مقدمة الحلول المقترحة للاستخدام في القطاعات الأكثر استهلاكاً للطاقة، مثل قطاعات الطيران والشحن البحري، والصناعات الثقيلة، وحتى في تدفئة المنازل.

ثورة نيوم تجاه الهيدروجين الأخضر في واقع الحال هي امتداد لسنوات طوال من العمل الجاد، ذاك الذي قامت به شركة «أرامكو السعودية»، لاستكشاف الطرق المحتملة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وربما الأزرق العالي النقاء، من المواد الهيدروكربونية، ما يفيد بطفرة علمية معملية ضمن صفوف شباب علماء السعودية في مجال الطاقة.

قصة الهيدروجين قصة غير اعتيادية، ومستقبلها ثري على كافة الصعد الاقتصادية والجيوسياسية، دفعة واحدة.

بداية يمكن للهيدروجين الأخضر تلبية ربع احتياجات العالم من الطاقة بحلول عام 2050، وبحجم مبيعات سنوية يصل إلى 770 مليار دولار.

من جهة أخرى، يتوقع مجلس الطاقة العالمي أنه بحلول عام 2025، يمكن أن تغطي استراتيجيات الهيدروجين الوطنية البلدان التي تمثل أكثر من 80 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي منه.

يبدو السباق العالمي على إنتاج الهيدروجين الأخضر أحد مسارات التنافس بين القوى الدولية الكبرى، فقد وضعت أوروبا والولايات المتحدة الأميركية خططاً كبيرة لبناء مزيد من أجهزة التحليل الكهربائي، أي الآلات التي تستخدم الكهرباء لفصل وسحب ذرات الهيدروجين من الماء.

هنا -وحسب التقارير الدولية المعنية بهذا النوع من الطاقة الجديدة- فإن الصين قد سبقت الجميع في هذه التقنية.

هل سيخلق التنافس على إنتاج الهيدروجين الأخضر واقعاً جغرافياً سياسياً جديداً للطاقة حول العالم؟ حكماً نعم، لا سيما في البلدان التي تنعم بوفرة الشمس والرياح، والطامحة للقيادة في العالم الجديد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السعودية والمستقبل طريق الهيدروجين الأخضر السعودية والمستقبل طريق الهيدروجين الأخضر



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon