توقيت القاهرة المحلي 10:28:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كايسيد.. عشرية الحوار والازدهار

  مصر اليوم -

كايسيد عشرية الحوار والازدهار

بقلم - إميل أمين

قبل عشرة أعوام، ظهر ضوء في نهاية الأفق، ليفتح مسارات التلاقي والحوار، ويعزز من حياة الجوار وقبول الآخر، فقد جاء مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، كايسيد، ليمثل نقلة عصرية ومصيرية، على دروب تعزيز ثقافة إنسانوية راقية وخلاقة، سيما بعد مرور نحو عقد أو يزيد قليلا من دعوات حدية، اتسمت بالطابع الشمولي، وقسمت العالم من جديد تقسيما مانويا إلى فسطاطين، فيما بعض الرؤى الإيديولوجية الأخرى عادت لتملأ الأفق فوقية، قبل أن يتراجع أصحابها عن أوهامهم.

خلال العشرية المنصرمة، قدر لكايسيد، أن يغير الكثير من الطباع، ويبدل العديد من الأوضاع، وأن يحلق بسحابة مملوءة من الخير فوق رؤوس المتصارعين والمتناحرين، وبخاصة على صعيد الشقاقات ذات الطبيعة الدوغمائية، في أكثر من قارة حول الكرة الأرضية.

أدرك القائمون على كايسيد في مبتدأ الأمر أنه ما من سلام دائم من غير مقدرة حقيقية على فهم جذور العنف وأسبابه، والعمل على تجنبها، حرصا على السلام المجتمعي، والسعي في طريق إقرار العدالة والتي من دونها لا يقوم السلام.

جعل كايسيد من تماسك النسيج الاجتماعي في البقاع والأصقاع التي عمل فيها، أولوية، من أجل تعزيز السلم بين مختلف الفئات بغض النظر عن هوياتها الدينية أو السياسية أو العرقية، كما دعم كايسيد ولايزال أحد أهم المنتديات الخاصة بحوار أتباع الأديان، انطلاقا أنه ما من سلام بين الشعوب إلا حين يسود السلام بين أتباع الأديان.

سعى كايسيد في طريق التعددية والشراكة الإيجابية الخلاقة، معتبرا أن التعاون بين القيادات ومنظمات القيم الدينية وغيرها من الجهات الفاعلة، سياسية كانت أو اقتصادية، لهو أفضل آلية على طريق تعزيز التغيير الإيجابي طويل المدى، ودعم السلام، وهي شراكات موصولة، مستقرة ومستمرة.

وفي الوقت عينه بدا واضحا أنه من سلام حقيقي بدون استيعاب مكونات بشرية حقيقية وفاعلة، كالنساء والشباب، والأولى هي نصف المجتمع، فيما الثانية هي القوى الفاعلة المحركة، وقد جاء كايسيد ليمثل دعما واضحا جدا للمرأة، كما يتبدى في برامج مثل "هي للحوار"، وبهدف لا يغيب عن أعين واضعي استراتيجيات كايسيد، وهو زيادة قدرة المرأة على المشاركة في المناقشات لحل النزاعات وتبيان كيفية قيادة حملات الدعم والمناصرة.

والثابت كذلك، أنه لم يكن لمركز الملك عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الثقافات والأديان، والذي انطلق في العاصمة النمساوية فيينا، قبل أن ينتقل إلى لشبونة عاصمة البرتغال، أن يقوم على تلك الإنجازات الواضحة خلال الأعوام العشرة المنصرمة من غير عملية بناء ثقة بين صناع السياسة والمجتمعات المحلية الدينية، ذلك أن الإسهام في التحويل السليم للنزاعات وعملية بناء السلام المستدام، تتطلب التركيز على المبادرات الشعبية وإعطاء الأولوية للمسار في صنع السياسات.

في هذا السياق بدا القائمون على كايسيد على درجة عالية من الوعي للنوازل المعاصرة التي يمكنها أن تعكر صفو علاقات الأمم والشعوب، ومنها على سبيل المثال لا الحصر أزمات اللاجئين والمهاجرين، ولهذا بلور كايسيد المنتدى الأوروبي السنوي للحوار، والذي تتبادل فيه القيادات الدينية الأفكار مع صانعي السياسات وغيرهم من الخبراء، والسعي لمواجهة تحديات الأوقات الراهنة، والبحث عن حلول ابتكارية غير تقليدية، ومن خارج الصندوق، لمداواة جراح العنصريات والشوفينيات، والتي تكاد تشعل حرائق حضارية بطول الأرض وعرضها.

وفي طريق عشرية كايسيد للحوار والازدهار بان جليا الأهمية الكبرى لوسائل الإعلام المعاصرة، تلك التي باتت تصنع صيفا أو شتاء، وقادرة على أن تجمع البشر أو تفرقهم، وقد أولى اهتماما كبيرا بدعم الصحافة المراعية لحساسية النزاعات والتصدي لخطاب الكراهية.

نجح كايسيد في تضمين العديد من وسائل الإعلام، ضمن آليات عمله الناجح، واكتسب بذلك شريكا أساسيا وعنصرا فاعلا رئيسا في التأثير في مختلف الشركاء على مختلف مستويات متعددة من المجتمع.

وفي هذا الصدد قدم كايسيد برامج للزمالة الصحافية للحوار، بغية تعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات في شتى المجتمعات المحلية وإيجاد ثقافة حوار وبناء السلام داخل وسائل الإعلام العربية على نحو خاص.

لم يكن لبرامج ودورات كايسيد أن تغفل عما تقوم به المجتمعات الرقمية في عالمنا المعاصر، من تأثيرات إن إيجابية أو سلبية. وهنا عمل مركز الملك عبد الله على برنامج كايسيد للزمالة الدولية لمحو الأمية الرقمية لزملائه وخريجي برامجه.

ساعدت تلك الزمالة على إعلاء الأصوات المهمشة وبناء قدرات الشركاء وإبراز العمل والجهود على المستوى الشعبي ومستويات صياغة السياسات في جميع أنحاء العالم.

ولعله من المؤكد أن محو الأمية الرقمية لا يفيد وحده إن لم تكن هناك محاولات جادة لمحو ما أطلق عليه "الأمية" الدينية، كركيزة مهمة في بناء السلام.

اهتم كايسيد بإزالة حالة الضبابية المغلفة ربما بجهل حقيقة الآخر الدينية والإيمانية، ومن هنا ظهر المجلس اليهودي الإسلامي في أوروبا، إذ وجد الشركاء أن تجديد احترام الهويات الدينية في أوروبا على سبيل المثال يتطلب أولا توسيع معرفة المجتمعات بالإسلام واليهودية.

وخلال مسيرة عشرة أعوام خلص رجالات كايسيد الذين يعملون بعزم ويفكرون بحزم، أنه من أجل بناء السلام وتوطيد التماسك الاجتماعي، لابد من الاستثمار في الجهود الرامية إلى تدريب الجهات الفاعلة الدينية وغيرها من الشركاء من منظور ديني.

من هنا اعتبر كايسيد أن التعليم والتدريب هما جوهر برنامج كايسيد الذي يعد أطول برامج المركز مدة، والذي تخرج فيه زملاء من أديان متنوعة وبلدان عديدة في إفريقيا والمنطقة العربية وآسيا وأوروبا والعالم، وينضمون بعد تخرجهم إلى شبكة خريجي زمالة كايسيد التي تتيح فرص التعارف الرقمي.

ولعله من دون تهوين أو تهويل، يمكننا القطع بأن نجاحات كايسيد قد شهد لها رجال مشهود لهم بالحكمة والإرادة الطيبة، ويوما تلو الآخر تمضي مسيرة مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في دروب الشركة والمودات، والسعي لتجنيب العالم أهوال البغض والكراهيات.

نبارك لكايسيد والقائمين عليها، العشرية المنصرمة، ونعمل ونأمل معا، في عقود قادمة من النجاحات بأمر الله.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كايسيد عشرية الحوار والازدهار كايسيد عشرية الحوار والازدهار



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon