توقيت القاهرة المحلي 14:28:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوروبا- أوكرانيا.. أوان مراجعة الأوراق

  مصر اليوم -

أوروبا أوكرانيا أوان مراجعة الأوراق

بقلم - إميل أمين

هل بدأت القارة العجوز في مراجعة مواقفها لجهة الحرب الروسية – الأوكرانية، وبخاصة بعدما انساقت طويلاً وراء الموقف الأمريكي وبدا مؤخرا أنها هي من يدفع أكبر قدر من الخسائر، ومن غير أن يتأثر المشهد الأمريكي الداخلي، اقتصادياً على الأقل؟

عدة مشاهد متوالية ومتتالية جرت بها المقادير خلال الأيام القليلة الماضة تشي بأن رؤية ما تكاد تتبلور في الرحم الأوروبي، تسعى لإيجاد بديل آخر عن المواجهة والحرب التي تتعب القلب.

نهار الأحد الماضي كانت وزارة الدفاع الفرنسية تؤكد "تصميمها على المساهمة إلى جانب حلفائها في حل سلمي للأزمة في أوكرانيا ".

هذا الموقف جاء متسقا مع ما أعلنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، في اليوم نفسه ، وغداة افتتاح قمة السلام في روما بشأن السلام الممكن في أوكرانيا حين يقر ذلك الأوكرانيين أنفسهم .

حديث ماكرون في افتتاح القمة التي نظمتها جماعة سانت إيجيديو في روما ، حمل صيغة جديدة منها القول إن "السلام سيبنى مع الطرف الآخر، وهو عدو اليوم حول طاولة" .

ويلاحظ هنا أن تلك التصريحات جاءت قبل أن يلتقي الرئيس الفرنسي ماكرون ، البابا فرنسيس ، الرجل صاحب الدالة الكبيرة على السلام من جهة ، والذي سعى في شهر مارس آذار الماضي للقاء البطريرك الروسي كيريل ، بهدف تحريك مساعي وقف الحرب وإيجاد مسارب للسلام ، حتى وإن لم يتم اللقاء بسبب مواقف الأخيرة التي تبدو ماضية قدما في جانب بوتين ، ولا تحيد عنه.

التحول النوعي الآخر ، والذي يلفت النظر بالنسبة لسياسات الأوروبيين ، تلك التي اندفعت يشكل يحمل الكثير من المجازفة ، جاء من لندن ، والتي لم تنفك تزود الأوكرانيين بالأسلحة والعتاد ، وربما بخيرة جنرالاتها الذين لعبوا دورا في المعارك الأخيرة لصالح كييف .
في محادثته مع نظيره الروسي سيرغي شويجو ، أعلن وزير الدفاع البريطاني "بن والاس"، عن استعداد لندن لمساعدة موسكو وكييف في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ، موضحا أن سلطات كييف لا تعتزم التصعيد في أوكرانيا ، وأن لندن مستعدة للتوسط في حل الأزمة ، ويجب على الروس والأوكران السعي لوقف الحرب .

ترى هل يمكن للمستشار الألماني أولاف شولتس أن يخرج بدوره عن هذا السياق ؟
المؤكد أن ألمانيا هي أكثر من تعرض لأضرار تكتيكية واستراتيجية من جراء هذه الحرب العبثية ، ويكفي المرء النظر إلى الخسائر الناجمة عن توقف تدفق الغاز الروسي عبر أنابيب نورد ستريم ، ناهيك عن الصحوة العسكرية الألمانية ، والتي ستقتطع حكما من أرصدة الازدهار الاقتصادي وهذه قصة أخرى .

يعن لنا أن نتساءل: "ما الذي غير الطباع وبدل الأوضاع على صعيد قادة أوربا، والذين تمترسوا حتى وقت قريب وراء القوة الخشنة كحل وحيد وأكيد في محاولة لإجبار القيصر بوتين على التراجع ، وهو ما لن يفعله في الحال أو الاستقبال ؟

يمكن القطع بأن الأوربيين استشعروا احتمالات تغير المشهد الأمريكي من الدعم لأوكرانيا عما قريب ، وبخاصة إذا قدر للجمهوريين الفوز في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس .

تبدو مواقف الجمهوريين رافضة لاستمرار الدعم المالي الذي تجاوز 40 مليار دولار لأوكرانيا حتى الساعة ، وهذا هو الرقم المعلن ، وبالقطع هناك مساعدات في الأطر السرية لا يعلن عنها .

مؤخرا ذكرت صحيفة "بولتيكو"، أنه منذ شهر تقريبا ، ازداد عدد المشرعين الجمهوريين المستعدين لتقليص الدعم المالي العسكري لأوكرانيا .
أما زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب، كيفين مكارثي ، والذي يأمل أن يكون زعيم الأغلبية خلال بضعة أسابيع ، وبخاصة إذا فاز الحزب الجمهوري في انتخابات التجديد النصفي بالأكثرية ، فقد صرح بالقول " أعتقد أن الناس سيواجهون ركودا اقتصاديا عما قريب ولن يكتبوا شيكا على بياض لأوكرانيا ".
يكاد الأوربيون يدركون هول المخاطر المحدقة بهم ، لا سيما إذا وجدوا أنفسهم خلوا من الدعم المالي الأمريكي ، في مواجهة روسيا ، والتي على قدر ضعف مقدراتها الاقتصادية ، إلا أنه من الواضح ، وبطريق أو آخر أنها قادرة على التلاعب بالكثير من المقادير الأوربية .
خذ إليك على سبيل المثال لا الحصر ، ما كشفت عنه توقعات صندوق النقد الدولي خلال الأيام القليلة الماضية من أن الوضع الاقتصادي في أوروبا ، وبسبب أزمة الطاقة ، سيرفع من تكاليف نفقات المعيشة في الدول الأوروبية 7% في ما تبقى من العام الحالي 2022 ، وبمقدار 9% من العام القادم وما يليه .

في السياق ذاته ، يشدد خبراء الصندوق على أن "العديد من الشركات الأوروبية قيدت بالفعل أو تخطط لتقييد إطلاق البضائع في قطاعات مثل الأسمدة والزجاج والصلب والألمنيوم ، الذي من المرجح أن يؤدي إلى زيادات إضافية في الأسعار في سلاسل القيمة .
يكفي المرء أن يتابع ما جرى من وكالة التصنيفات الائتمانية " موديز "، والتي خفضت من توقعاتها للاقتصاد البريطاني من " مستقر" إلى " سلبي "في ظل عدم الاستقرار السياسي وارتفاع التضخم في البلاد .
ليس خافيا على أحد مشاهد الاضطراب المجتمعي الحادث في كافة الدول الأوروبية ، من جراء ارتفاع الأسعار ، ونقص الطاقة ، والعنف المتولد عن هذا وذاك .
بل أكثر من ذلك ، إذ تبين بعض الأرقام أن هناك هجرة عكسية من دول مثل بريطانيا ، سعيا إلى غيرها ، حيث أكلاف الحياة أخف وطأة .

على أن مخاوف أخرى تتجاوز الأزمات الاقتصادية ، موصولة بالوقوع في فخ ، وربما جُب التيارات اليمينية المتطرفة ، وهو ما نراه بوضوح اليوم ، في إيطاليا والسويد والمانيا وفرنسا ، والبقية تأتي ، الأمر الذي يعني كتابة شهادة وفاة للاتحاد الأوروبي ، وعودة غير محمودة لصراع الشوفينيات والقوميات ، وصولا لأوروبا المتناحرة والمحتربة مرة أخرى .

هل أدرك الأوروبيون أن هناك من وضع العصا في دواليب المشروع الأوراسي ، لقطع أحلام التواصل الجغرافي والديموغرافي بين آسيا وأوروبا؟
في كل الأحوال أن يستيقظ الأوربيون متأخرين لهو خير لهم من أن يغطوا في سبات عميق يقودهم إلى ظلام في قارة التنوير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوروبا أوكرانيا أوان مراجعة الأوراق أوروبا أوكرانيا أوان مراجعة الأوراق



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon