توقيت القاهرة المحلي 22:40:12 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل تتحقق توقعات فيرغسون؟

  مصر اليوم -

هل تتحقق توقعات فيرغسون

بقلم - إميل أمين

هل يمكن أن يشهد العام الحالي تحول المواجهة بين أوكرانيا وروسيا، من حرب باردة إلى مواجهة عالمية ثالثة، وحرب نووية لا تبقي ولا تذر؟

عبر وكالة بلومبرغ، بسط المؤرخ البريطاني الأصل، نيال فيرغسون، قبل بضعة أيام رؤيته، والتي يتوقع فيها ما يشبه سيناريو كرة الثلج، حيث تتعمق الأزمة، إلى أن تشابه الأجواء التي سبقت الحرب العالمية الأولى.

في الأيام الأولى من العام الجديد، ارتفع صوت الكرملين، مؤكدا أن روسيا لم تعد في مواجهة أوكرانيا وجيشها، بل الناتو مستترا، من خلال الدعم غير المسبوق لأوكرانيا.

في الوقت عينه، لاحظ الخبراء أن الروس قد عمدوا إلى إقحام أسلحتهم الفائقة التطور في أرض المعركة، مثل الطائرة سوخوي "سو -57"، والتي يمكنها قصف الأهداف الأوكرانية من فوق الأراضي الروسية، وهي المكافئ الموضوع للطائرة الأميركية "أف- 35" الشبح.

تبدو خطة بوتين متمحورة حول تكثيف استخدام الأسلحة التقليدية فائقة القوة والقدرة، وبكثافة نيران عالية، تجعل زيلينسكي يعض أصابع الندم، لا سيما في الوقت الذي ستبدأ فيه المعونات العسكرية الغربية تتراجع، وبخاصة مع سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب.

هل معنى ذلك أن بوتين لن يفكر في استخدام أسلحة الدمار الشامل النووية؟

من الواضح أن فيرغسون واقع تحت تأثير وجاذبية بطريرك السياسة الأميركية، هنري كيسنجر، والذي تناول الملف الأوكراني مؤخرا بشيء بالغ من القلق، ذلك أنه يدرك أبعاد الصراع، وكيف يمكن أن يعيد التاريخ ذاته، ويستشهد بما كتبه مؤخرا عن الدول الأوربية التي لم تكن على دراية كافية بكيفية تعزيز التكنولوجيا لقوتها العسكرية، الأمر الذي ألحق دمارا غير مسبوق ببعضها.

اليوم يبدو السيناريو متجاوزا بمراحل ما كان لدى العالم في 1914، وبكل تأكيد وتحديد، تخطى المشهد أوضاع القوة غداة نهاية الحرب العالمية الثانية، فلم تعد الحاجة إلى الاشتباك البري والبحري حاضرة بين الجيوش، بل يكفي لحظات من سخونة الرؤوس، وبعض الأرقام المتسلسلة، لتنطلق الصواريخ الباليستية، حاملة موت الملايين، حول أرجاء الأرض.

هل يتجاوز فيرغسون الحقيقة أم أن ما يتوافر له من أوراق كمؤرخ، تجعله قادرا على استشراف ما لا نراه في يومنا الاعتيادي المشحون بمشاغبات الحياة، وحيث الغبار يكاد يداري أو يواري الحقائق الكامنة تحت جلد الإنسانية، من أزمنة البشر الأولى وحتى الساعة؟

تبدو القوة مغرية، وحديث القوة يقود حكما إلى الصراعات المسلحة، الأمر الذي يستدعي مقولة الأديب الروسي الكبير فيودور ديستوفيسكي: "إذا ذكر أحدهم في الفصل الأول من رواية أن هناك بندقية على الحائط، فعلى الأرجح أنها ستنطلق في الفصل الثالث من الرواية عينها".

تبدو المدخلات التي تخيف فيرغسون اليوم متمثلة في التفوق التكنولوجي في مجال التسلح، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، وله في الحق ألف حق، وعلى غير المصدق أن يتابع بعض أخبار الصواريخ الفرط صوتية التي باتت موسكو تحوذها اليوم، بجانب الغواصات غير المأهولة من نوعية بوسيدون، والقادرة على إغراق الجانب الشرقي أو الغربي من الولايات المتحدة الأميركية، وطمره تحت المياه.

وعلى الجانب الأميركي، تعمل واشنطن في العلن تارة والسر تارات أخرى، بهدف قطع الطريق على موسكو، وغالب الظن أن برامجها العسكرية قد انتقلت من الأرض إلى الفضاء، سيما بعد أن بث الرئيس السابق ترمب الروح في برنامج حرب الفضاء أو الكواكب، ذاك الذي أرسى دعائمه الرئيس رونالد ريغان عام 1983 تجهيزا لمعركة هرمجدون التي ملكت زمام تفكيره، بأبعاد إسكاتولوجية ورؤيوية عن نهاية الشر المتمثل في الاتحاد السوفيتي، في ذلك الوقت.

في المواجهة الكونية القادمة، والتي يحذر فيرغسون منها، يبدو أن لديه قناعة بفشل الولايات المتحدة في ردع روسيا، وإلا لما تمادى بوتين على هذا النحو، ولما قصرت السبل على مواجهته، فواشنطن – بايدن، تتوقف بحرص وحذر شديدين عند حدود حمراء، تعرف أنه لا يمكن تخطيها، وإلا فإن القيصر بوتين، سوف يجد نفسه أمام الخيار الشمشموني في نهاية المطاف.

قبل أسابيع قليلة، كتب فيرغسون عبر مجلة الفورين افيرز الأميركية الشهيرة، متناولا ما أسماه عصر الاضطرابات، وبات جليا أن الأخطاء التي ارتكبها الغرب هي التي سمحت لروسيا والصين بالصعود، وأنه لابد من مواجهة مختلفة، لوقف الشراكة في الهيمنة على النظام العالمي ما بعد الجديد.

تتماهى رؤية فيرغسون مع خطوط الطول، وخيوط العرض، للاستراتيجية الأميركية الأحدث للأمن القومي، والتي ترى روسيا الخطر القريب، فيما الصين الخطر البعيد.

في هذا السياق يقطع فيرغسون بعين المؤرخ أن الصين "هي المنافس الوحيد الذي لديه نية لإعادة تشكيل النظام الدولي، من خلال امتلاكها للقوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية".

الذين لديهم علم من كتاب تطورات المشهد العسكري الصيني، يدركون كيف تسعى الصين لتطوير ترسانتها العسكرية التقليدية، وفي القلب منها القطع البحرية، من سفن نقل، ومدمرات، وغواصات حديثة، وصولا إلى حاملات الطائرات.

أما الشق الآخر المخيف جدا لبروكسل وواشنطن، فيتعلق بالترسانة النووية الصينية، حيث كشفت الأقمار الاصطناعية الأميركية العام الماضي، ما يجري تحت الأرض الصيني ، ويشبه بناء سور نووي، وصوامع تسع نحو 1500 صاروخ نووي.

هل التحالف الروسي – الصيني أمر يقض مضجع فيرغسون، ويخيفه من شراكة بين موسكو وبكين، في مواجهة الناتو؟

غالب الظن أن ذلك كذلك، وبنوع خاص في ظل جرح مفتوح وغائر اسمه جزيرة تايوان، قد يحول الصراع البارد إلى حرب ساخنة نووية حقيقية.

تبدو وصفة المؤرخ البريطاني لقطع الطريق على روسيا والصين، متمثلة في تكوين تحالفات جغرافية وديموغرافية، والحفاظ عليها، ومحاولة منع هذا التحالف من اللحاق بالركب التكنولوجي.

ما الذي يتبقى قبل الانصراف؟

يوقن فيرغسون بأن هذا الطريق نجح في تجربة الحرب الباردة، وهذا صحيح. غير أن ما لم يتنبه له ربما، هو أن روسيا والصين قد باتتا بدرجة أو بأخرى من منتجي التكنولوجيا، لا من مستخدميها، وقد وعتا الدرس جيدا.. الحضارة لا تقوم بالاستعارة حتى ولو كانت حضارة حروب وموت من أسف شديد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تتحقق توقعات فيرغسون هل تتحقق توقعات فيرغسون



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 18:02 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
  مصر اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم الدشاش

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 06:04 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 14:18 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!

GMT 21:19 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تربح 7.4 مليارات جنيه ومؤشرها الرئيس يقفز 1.26%

GMT 21:48 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon