توقيت القاهرة المحلي 10:37:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السعودية والصين... مسارات التعاون ومساقات النهضة

  مصر اليوم -

السعودية والصين مسارات التعاون ومساقات النهضة

بقلم - إميل أمين

خلال ترؤسه الاجتماع الرابع للجنة الشؤون السياسية والخارجية، المنبثقة عن اللجنة الصينية - السعودية المشتركة رفيعة المستوى، أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان عن زيارة مرتقبة للرئيس الصيني، شي جينبينغ، إلى المملكة، وعقد 3 قمم خلال الزيارة، مؤكداً على «العلاقات التاريخية المتينة بين البلدين».
هذا الإعلان يستوجب في حقيقة الحال التوقف أمامه، ومحاولة قراءة مكنوناته، ولا سيما أنه لا ينسحب على السعودية فحسب، بل يتجاوزها كذلك إلى دول مجلس التعاون الخليجي، وصولاً إلى دول عربية متعددة بدورها.
يأتي هذا الإعلان في توقيت مهم للغاية بالنسبة للصين، خاصة بعد أن ثبّت الحزب الشيوعي الصيني، الرئيس شي في منصبه، لفترة رئاسية ثالثة، أميناً للحزب الشيوعي، ما يمهد الطريق لولاية رئاسية ثالثة من 5 أعوام، معززاً بذلك مكانته كأقوى قائد للصين منذ مؤسس النظام ماو تسي تونغ.
حديث القمم الثلاث مع القيادة الصينية القائمة والقادمة، يعني بكل تأكيد وتحديد، رسم خطوط جديدة، للتعاون مع الصين الواعدة، كما يفيد بفتح مسارات عربية متجددة في آفاق النهضة، مع قوة دولية باتت تشكل رقماً صعباً في المعادلة العالمية، ومن غير أن يفيد ذلك بتحولات عكسية في خطوط الدبلوماسية السعودية التاريخية، وكذلك مواقف بقية عواصم المنطقة.
ما يميز الرؤية المشتركة المنطلقة من الرياض إلى بكين هو ارتكازها على أساس من المبادئ المشتركة والاحترام المتبادل، ما يساهم في ترسيخ السلام والاستقرار الدوليين، وتعزيز الهدوء وبثّ الطمأنينة في منطقة قلقة نهاراً، وأرقة ليلاً، عطفاً على دفع عجلة التنمية في البلدين والإقليم، ولا نغالي إن قلنا بقية أرجاء العالم.
يفتح التعاون مع الصين أبواباً واسعة تقدمية، تتسق وسعة الأفق الموصولة برؤية 2030 التي يقودها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، والتي تبدو نجاحات فلسفتها ماضية قدماً، ومن تلك الأبواب التعاون في مجالات ترفض قوى دولية بعينها، لا تغيب عن أعين القارئ الحصيف، تقديم دعم فيها، وفي مقدمها قضايا الطاقة النووية المدنية، التي أضحت مجالاً حيوياً ومهماً لدول العالم كافة، وبخاصة في ظل الحدث عن أنواع طاقة صديقة للبيئة وغير ملوثة لمناخ الكرة الأرضية.
يحسب للدبلوماسية الصينية، وهذا ما تدركه جيداً القيادة السعودية الواعية والواعدة معاً، مواقفها الواضحة، غير الملتوية أو الملتبسة، من كافة أزمات وخلافات الشرق الأوسط والخليج العربي، وفي مقدمها القضية الفلسطينية، والأزمة اليمنية، ومواجهة قوى الظلام من الإرهاب والإرهابيين، وكذا أمن وسلامة الملاحة البحرية، عطفاً على حماية التجارة الدولية، وسعي بكين لخلو منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.
وفي الحالة السعودية - الصينية بنوع خاص، احتلت المملكة المركز الأول كوجهة للاستثمارات الصينية الخارجية في النصف الأول من عام 2022. كما أصبحت بكين الشريك التجاري الأول للمملكة.
ليس سراً القول إن هناك كيمياء دبلوماسية جيدة للغاية بين الرياض وبكين؛ حيث تعطي المملكة أولويات للعلاقات الثنائية، وتسعى لتنسيق المواقف حيال القضايا التي تهم البلدين.
في هذا السياق، فإن الصينيين يقدرون كثير التقدير موقف السعودية الواضح وضوح الشمس في ضحاها، من قضية الصين الواحدة، الذي تدعمه الرياض، كما ترفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتسييس موضوعات حقوق الإنسان.
وعلى صعيد ملفات الطاقة، تبدو الصين درة التاج في تلك العلاقات، فهي الوجهة الأولى للصادرات النفطية السعودية، وهي كذلك بحسب الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي، شريك موثوق ومعوّل عليه.
لا يتوقف مشهد التعاون السعودي - الصيني عند مرحلة تصدير النفط الخام؛ حيث هناك على البعد القريب مسارات للتعاون ومساقات للنهضة الصناعية، تشمل محطات صناعية استراتيجية، غاية في الأهمية، منها على سبيل المثال الصناعة البتروكيماوية، والتقنيات اللازمة لإزالة الكربون من الهواء وتنقية الأجواء، ثم الكهرباء، وأنواع الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى الهيدروجين الأخضر، ذاك الذي تخطط المملكة لأن تضحى قيادة وريادة بشأنه، بجانب رفع كفاءة الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وتأمين سلاسل الإمداد، والتعاون في مجالات الثورة الصناعية الرابعة والتعدين والخدمات اللوجستية، والطيران المدني.
هل يحمل المستقبل للعلاقات السعودية - الصينية أحلاماً قابلة للتحقق على أرض الواقع، تساهم في تأكيد مكانة المملكة في العقود القادمة إقليمياً وعالمياً؟
نعم ذلك كذلك، والأمر يمر عبر مسارين...
الأول؛ التعاون المرتقب بين الرياض وبكين في سياق المشروع العالمي العملاق، المعروف بدول الحزام والطريق؛ حيث يهدف التعاون المقترح إلى ضمان أمن إمدادات البترول والغاز إلى دول المبادرة والطلب عليها.
الثاني؛ الرؤية المستقبلية لانضمام المملكة إلى مجموعة دول البريكس، ذلك التجمع الذي بات يمثل أملاً وحلماً في عالم متعدد القطبية، وإن بدا المشهد اقتصادياً، وهو ما يعني أعضاءه المتحللين من أي أحلام سلطوية توسعية، عبر القوة الخشنة التي أخفقت في ضبط أحوال المسكونة وساكنيها حتى الساعة.
هل من خلاصة؟ ما تقدم يعني قوة القرار السيادي السعودي، النابع من رؤاها الوطنية ومصالح شعبها وضمان أمن ومستقبل الشعوب العربية، عبر إقامة علاقات متوازية ومتوازنة مع جميع القوى الدولية حول الكرة الأرضية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السعودية والصين مسارات التعاون ومساقات النهضة السعودية والصين مسارات التعاون ومساقات النهضة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon