توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

2022... أوروبا بين العنصرية والنيونازية

  مصر اليوم -

2022 أوروبا بين العنصرية والنيونازية

بقلم - إميل أمين

نهار الأحد الماضي، قالت النيابة الفرنسية، إن الرجل الذي اعترف بقتل 3 أفراد يوم الجمعة 23 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، في باريس، كان ينوي في البداية اغتيال مهاجرين في بلدة بشمال العاصمة، عدد كبير من سكانها من أصول أجنبية، وذلك بدافع كراهية مَرَضية.
هل هذا هو المشهد الأخير للتطرف اليميني في القارة الأوروبية، قارة التنوير، فولتير وباسكال، روسو وهوغو، كانط وهيغل؟
مؤلم إلى حد الأسى ما آلت إليه أحوال العنصرية في القارة الأوروبية خلال هذا العام، والتي تنحو بعض تياراتها لجهة عودة أشباح النازية مرة جديدة.
كارثة العجوز الفرنسي الذي أطلق النار بالقرب من المركز الثقافي الكردي في قلب باريس، أنه معروف بميوله العنصرية وكراهيته للأجانب، ومحكوم سابق بتهم متعلقة بالعنف.
هل يعني ذلك أن هناك قصوراً ما في مواجهة تنامي اليمين الأصولي في فرنسا؟
رسمياً، فرنسا: «لن تتسامح مع خطاب الكراهية»، وهذا ما أعلنه الرئيس الفرنسي ماكرون عام 2019، حين حاول المتطرف اليميني كلود سنيك إحراق مسجد في مدينة بايون جنوب غربي فرنسا، قبل أن يتمكن بعض المصلين من السيطرة عليه.
القانون الفرنسي يتضمن مواد ضد العنصرية، ويضمن دستور عام 1958 للمواطنين معاملة متساوية، بصرف النظر عن الأصل أو العرق أو الدين.
لكن الواقع يخالف التنظير الآيديولوجي، فالعنف اليميني يستشري بشكل مخيف في أرجاء فرنسا، وهو ما جرى عشية مباراة المغرب وفرنسا، حين هاجمت مجموعات متطرفة من اليمين العنصري، ومن أصحاب التوجهات النيونازية، في كثير من المدن الفرنسية؛ خصوصاً نيس ومونبيلييه وليون وغيرها، المشجعين المغاربة والعرب بالأسلحة البيضاء.
إلام يسعى هذا التيار؟ وهل بالفعل يخطط لإحداث حرب أهلية وجر الفرنسيين إلى مشروع تفكك اجتماعي؟
عند النائب الفرنسي اليساري نيكولا سادين أنه «يتم الآن تنظيم اليمين المتطرف العنيف، ويقوم بغارات حقيقية، بدعم ضمني من الأحزاب السياسية الناشئة في المشهد السياسي الأعمى مع التبديلات المؤسسية، كما هو الحال في البرلمان».
صحوة اليمين الأوروبي لم تتوقف عند فرنسا، ففي أوائل ديسمبر نفسه، كانت السلطات الألمانية تفكك خلية عنصرية تمتلك أسلحة متقدمة، وخططاً لقلب نظام الحكم، والاستيلاء على البرلمان، عُرفت باسم «مواطني الرايخ».
في هذه الأجواء، يكون من الطبيعي أن يتعزز نفوذ حزب «البديل من أجل ألمانيا»، وتتصاعد حركات مثل «بغيدا»، وجميعها تصب في خانة «مد الكراهية».
الوضع في إيطاليا ليس أحسن حالاً. وعلى الرغم من أننا لا ننكر حق كل أمة وشعب في رعاية مصالحه، فإن طريق المجابهة والصدام مع الآخر، وصولاً إلى أطروحات الإقصاء والعزل، لا يفيد.
من فرنسا وإيطاليا، يلاحظ المرء حكومات تحمل التوجهات ذاتها في السويد، البلد الذي عُرف بكونه مضيافاً لكثيرين، وفي المجر التي ذاقت قسوة التشدد الشيوعي، وكان لا بد لها من أن تكون أكثر رحمة بالآخرين.
ما الذي يستدعي هذه الفورة غير الخلاقة إنسانياً ووجدانياً في حياة الأوروبيين؟
يذهب البعض إلى أن المشهد له صلة جذرية بالحرب في أوكرانيا؛ لا سيما بعد أن نشر المرصد الأوروبي لحقوق الإنسان تقريراً، وثق فيه ممارسات عنصرية وغير إنسانية تجاه اللاجئين غير الأوروبيين؛ حيث أصدرت السلطات الفرنسية في إقليم إيسون ومنطقة بانتان قراراً بطرد اللاجئين غير الأوروبيين من مراكز الإيواء، ليحل محلهم لاجئون أوكرانيون.
غير أن هذا -وإن كان جزئياً صحيحاً- هناك ما هو سابق عليه، فالبعض يُرجع الأمر للحوادث الإرهابية التي تعرضت لها أوروبا عامة، وفرنسا خاصة، خلال السنوات المنصرمة، والبعض الآخر يرى أنه ردات فعل للأوضاع الاقتصادية؛ لا سيما بعد جائحة «كورونا».
يبدو المشهد كأننا في دوامة من العنف المتبادل، والمشاعر السلبية المنتقلة عبر الأرصفة الأوروبية، ومن غير أن نهمل تياراً فكرياً كان سبباً مباشراً في ارتفاع النعرات العرقية، وصب الزيت على رؤى الهويات القاتلة.
حين يكتب الفرنسي، ميشال ويلبيك، عمله المسمى «الاستسلام»، فإنه يدفع الفرنسيين إلى الهلع من مستقبل بلادهم، ملقياً كل الأوزار على عاتق من يسميهم «السود، والنساء، وأصحاب الهويات المغايرة»، أولئك الذين يتمتعون بالحق في المساواة.
ويلبيك جاء بعد رينو كامو، صاحب كتاب «الاستبدال العظيم»، وفيه يقطع بأن مؤامرة منظمة تجري عبر الأراضي الأوروبية، لتفريغها من سكانها البيض الأصليين، بسكان من العرب والبربر، من الشرق أوسطيين والشمال أفريقيين، ومن جنوب الصحراء.
يصبح من الطبيعي جداً في هذه الأجواء، تلك الدعوة التي أطلقها في مايو (أيار) من عام 2021 نحو عشرين جنرالاً فرنسياً، وفيها طرح قيام حكومة عسكرية فرنسية، لوقف تفكك البلاد من جراء هجرة الأجانب.
تبدو أوروبا في أزمة حقيقية، يمكنها أن تقود عما قريب إلى نشوء وارتقاء جماعات ومنظمات تحول الشطط الفكري إلى جحيم مقيم، وحروب أهلية، الأمر الذي يضاعف من التحديات التي تواجهها قارة التنوير التي كانت.
ربما يتعين على الفرنسيين خاصة، والأوروبيين عامة، مراجعة كتاب الصحافي الفرنسي أنطوان لاريس، والمعنون «أبداً لن أعطيك كراهيتي»، وقد فقد لاريس زوجته في مسرح «الباتاكلان» تاركة له طفلة عمرها أشهر، ومفاده أنه لن يسمح للكراهية بأن تتملك من نفسه تجاه قاتل زوجته.
هل تتجاوز أوروبا نفق الكراهية المظلم في 2023؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

2022 أوروبا بين العنصرية والنيونازية 2022 أوروبا بين العنصرية والنيونازية



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon