توقيت القاهرة المحلي 11:36:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل فتحت أميركا صندوق باندورا؟

  مصر اليوم -

هل فتحت أميركا صندوق باندورا

بقلم - إميل أمين

«اعتقل الديمقراطيون الشيوعيون الرئيس ترمب؛ لأنه الرجل الوحيد الذي يقف في طريقهم، وهم يقاتلون من أجل الاستيلاء على أميركا، لن نتخلى عنه أبداً».
كان هذا هو تصريح النائبة الجمهورية، مارغوري تايلور غرين، غداة دخول الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى قاعة المحكمة في نيويورك نهار الثلاثاء الماضي.
أما عضو مجلس الشيوخ النافذ، تيد كروز، فقد غرد بدوره قائلاً «اعتقال الرئيس السابق ترمب ومحاكمته من قِبل المدعي اليساري التابع لجورج سورس، هو استهزاء بسيادة القانون، كما أن لائحة الاتهامات ليست عبثية فحسب، بل إن هذا الاضطهاد السياسي يمثل يوماً أسود لبلدنا».
هل فتحت أميركا صندوق باندورا؟
في الميثولوجية الإغريقية، يمثل هذا الصندوق عقوبة من كبير آلهة الأوليمب زيوس، بعد أن سرق بروميثيوس النار من موكب الآلهة، وقد حوى كل شرور البشرية من جشع، وغرور، وافتراء، وكذب وحسد، ووهن، ووقاحة.
يكاد الناظر للمجتمع الأميركي اليوم، أن يقطع بأن الديمقراطيين، وبإصرارهم الخطير، على دفع ترمب، خارج حلبة الصراع الانتخابي الرئاسي 2024، قد فتحوا صندوق باندورا أميركياً معاصراً، لن تنفك شروره تنتشر بين الأميركيين، سيما خلال عام الاستعداد للانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.
حاجج زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر بأن ترمب سوف يحظى بمحاكمة عادلة، وأنه لا مكان في نظام العدالة الأميركي لأي تأثير خارجي أو ترهيب في العملية القانونية.
هذا الحديث وجد ردوداً فورية من مسؤولين قضائيين أميركيين، مثل المدعي العام في تكساس، كين باكستون، والذي اعتبر أن «اليسار الديمقراطي الأميركي، قام بتسليح نظام العدالة لملاحقة ترمب، مظهراً أنه لا يوجد حد، وأنهم سوف يستخدمونه لملاحقة أي شخص لديه قيم محافظة».
المدعي باكستون في نهاية تصريحاته، يخلص إلى القول «أنا أقف مع ترمب وسأقاتل دائماً أولئك الذين يريدون تدمير جمهوريتنا».
التصريح الأخير، يعني من دون أدنى شك، أن دائرة من المحاكمات والانتقامات، سوف تدور في الداخل الأميركي عما قريب، وأن القضاء الأميركي، لن يبقى مرتكزاً حول القانون والدستور، بل سيعرف التحيزات، وبهذا سوف يختل ميزان العدالة الأميركي.
وبمعنى أكثر وضوحاً، يمكننا أن نشهد عما قريب، دعاوى لمدعين عموميين جمهوريين، في ولايات ذات صبغة حمراء، يستدعون رؤساء ديمقراطيين سابقين، موجهين إليهم لوائح اتهامات، قد تكون حقيقية، وليس عبثية كما يجري الحال مع ترمب.
هل ندافع في هذه السطور عن الرئيس السابق ترمب؟
بالقطع لا يمكن الادعاء بأن ترمب رئيساً طهرانياً، لا يعرف طريقه للخطأ، أو تدانيه الخطايا؛ إذ عليه الكثير جداً من المآخذ، حول السلوك الشخصي، وليس الرئاسي.
توجهات الديمقراطيين نحوه، ومنذ اليوم الأول له في البيت الأبيض، تقطع بصحة أحاديثه، وكونه يتعرض لسلسلة من مطاردة الساحرات، فقد اتُهم بالتعاطي مع الروس في الحملة الانتخابية الرئاسية 2016، وهو ما لم يقم عليه دليل، أو تظهر بشأنه حجة.
حين يطالع أي مراقب محايد الاتهامات الموجهة للرئيس السابق ترمب، سوف يخلص بالفعل إلى أنها ضعيفة، وهو الوصف عينه الذي استخدمته صحيفة «وول ستريت جورنال»، في عددها الصادر نهار الأربعاء، أي بعد جلسة توجيه الاتهام.
جوهر الاتهامات يدور حول تزوير سجلات تجارية؛ الأمر الذي يعد جنحة في نيويورك، وغابت عن اللائحة أي اتهامات تمس الأمن القومي، أو صالح ومصالح البلاد؛ ما دعا العديد من وسائل الإعلام الأميركية إلى التساؤل الأقرب إلى الاستنكار، «هل كانت هذه القضية لترفع ضد أي متهم آخر غير ترمب؟»، وهو سؤال لا يمكن الإجابة عنه بغير النفي.
حين يقارن الأميركيون ما وجّهه المدعي العام، ألفين براغ، من اتهامات لترمب، مع ما كان يتوجب أن يوجّه من اتهامات لهيلاري كلينتون، أو جوزيف بايدن، فإنهم حكماً سيقصدون صندوق باندورا، لاستخراج ما فيه من أدوات للشر، والذهاب بروح الثأر إلى أقرب مدعٍ عام، ليوجه اتهامات أكثر خطورة لكليهما معاً.
خذ إليك هيلاري، تلك التي عرّضت الحملة الرئاسية قبل الماضية للاختراق من قِبل الروس، من جراء استخدامها بريداً إلكترونياً خاصاً؛ الأمر الذي مكّن الموسكوفيين من الولج إلى قلب واشنطن في زمن انتخابات رئاسية، حتى أن قلبوا عليها الطاولة لاحقاً، وأفقدوها فرصتها في الوصول إلى البيت الأبيض.
إن أي مدعٍ عام جمهوري من الواسب، وبرغبة في العدالة الحقيقية، لا تلك التي يتناولها براغ في اتهاماته لترمب، سيكون من اليسير عليه محاكمة هيلاري بتهمة التآمر على المرشح الديمقراطي، بيرني ساندرز، والعمل بعزم وحزم على إقصائه من دائرة الترشح للرئاسة.
عما قريب، ربما سيجد الديمقراطيون أنفسهم، في مواجهة اتهامات صادرة في حق الرئيس بايدن، سواء كان في البيت الأبيض أو خارجه؛ ما يعني أنهم سيشربون من الكأس ذاتها التي يتجرعها ترمب في الوقت الحاضر.
لا تبدو قصة حاسوب، هانتر بايدن، على سبيل المثال، بعيدة في هذه الآونة عن تفكير الجمهوريين، المتحفزين لاستدعاء روح الانتقام من صندوق الميثولوجيا الإغريقية، وتفعيلها حول قصة علاقة هانتر بالصينيين؛ الأمر الذي يمثل قولاً وفعلاً، تهديدات مصيرية للأمن القومي الأميركي.
هل أخطأ ترمب حديثاً، وتجاوز الخطوط الحمراء، تلك التي كلفت جون كيندي من قبل حياته؟
غالب الظن هذا ما فعله في ختام مؤتمر العمل السياسي المحافظ، في الأسبوع الأول من شهر مارس (آذار) الماضي، حين وعد بإنقاذ أميركا من التحول إلى «كابوس شيوعي بذيء»، من خلال التخلص من «الدولة العميقة»، وقلب سياسات الرئيس الأميركي الحالي، جو بايدن «في حال حصل على فرصة ثانية لتقلد أعلى منصب في البلاد».
كلمات ترمب في ذلك المؤتمر، حكماً أقضت مضاجع الكثيرين، وأرّقت منام القيادات الأميركية الماورائية. «إذا أعدتموني إلى البيت الأبيض سنكون أمة حرة. سينتهي حكمهم... إننا لم نعد دولة حرة. ليست لدينا صحافة حرة... ليس لدينا أي شيء حر».
قالها ترمب صراحة أنه يؤمن الآن بوجود الدولة الأميركية العميقة، داعياً الكونغرس للتحقيق مع مكتب التحقيقات الاتحادية، ومطالباً بعدم السماح لأي موظف من ذلك المكتب، بالعمل في وسائل التواصل الاجتماعي قبل 7 سنوات من انتهاء الخدمة.
ما دعا، ويدعو إليه ترمب في حقيقة الأمر، يمثل نوعاً من الانقلاب الشامل لبنية النظام التكتوني الأميركي، وهو أمر مزلزل، لم يكن ليُسمح به، وعليه فقد جاءت المحاكمة للخلاص منه أدبياً، وقد لا نتجاوز الواقع والحقيقة، إن قلنا إن الأمر يمكن أن يمضي إلى ما هو أبعد من ذلك، ليعيد المشهد الأميركي، مناظر عنف ودماء وأيادٍ مجهولة حتى الساعة.
بقية ما في الصندوق، سوف يجد طريقه حكماً، لملايين من الأميركيين، مريدي ترمب، ومن البيض الأنجلوساكسيين الذين يتهيأون للعصيان والتمرد، ومجابهة الحكومة الاتحادية، درءاً للخوف الديموغرافي الأكبر القادم من ناحية، وقطعاً على طريق التحولات اليسارية الآيديولوجية من جهة مقابلة.
درج رؤساء أميركا منذ ويليام هاريسون الرئيس التاسع لأميركا (1773 - 1841)، على ممارسة إخفاء الحقائق، وممارسة الأكاذيب، وصولاً إلى ريتشارد نيكسون؛ ما جعل الأميركيين يوقنون بأنه من سياسي نزيه، لكن، وعلى الرغم من ذلك، ظل مقام الرئاسة مصوناً، وكرامته محفوظة.
هل من خلاصة؟
ربما ينتصر ترمب ويصل للبيت الأبيض من جديد، لكن حكماً سوف تنكسر موازين العدالة في نظر ملايين الأميركيين، وهذه هي الكارثة لا الحادثة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل فتحت أميركا صندوق باندورا هل فتحت أميركا صندوق باندورا



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 11:36 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

مي عمر تكشف عن مصير فيلمها مع عمرو سعد
  مصر اليوم - مي عمر تكشف عن مصير فيلمها مع عمرو سعد

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon