توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«ثريدز»... عن سادة الكون وحرب النقرات

  مصر اليوم -

«ثريدز» عن سادة الكون وحرب النقرات

بقلم - إميل أمين

قبل أقل من أسبوعين، سرت أحاديث ولو بشكل هزلي غير حقيقي، عن منازلة داخل قفص، بين الفتى المعجزة في مجال التكنولوجيا، براً وبحراً وجواً، إيلون ماسك، ورجل شركة «ميتا» عملاق المعلومات، مارك زوكربيرغ، مصارعة أو ملاكمة، أو بأي شكل من أشكال النزال.

فجأة، ومن غير مقدمات، بدا الصراع وكأنه انتقل خارج القفص، حيث العالم الواسع الفسيح، والمعركة الضارية للفوز بنصيب الأسد من مليارات عدة من المشتركين في أدوات ووسائل التواصل الاجتماعي المثيرة والخطيرة دفعة واحدة.

تمتلك شركة «ميتا» 3 مليارات شخص يستخدمون تطبيقاتها من «فيسبوك» و«إنستغرام» و«واتساب»، وقد حققت الشركة في العام الماضي أرباحاً بلغت 117 مليار دولار.

في المقابل، نجد إيلون ماسك، والذي دفع نحو 44 مليار دولار في صفقة مثيرة، وقد تكون غامضة، لشراء «تويتر»، التي حققت العام الماضي 4.14 مليار دولار، في تراجع عن أرباح العام 2021، والتي بلغت أرباحها فيه 5 مليارات دولار.

حديث الصراع انبلج من خلال إعلان مارك زوكربيرغ تأسيس منصة معلوماتية جديدة بمواصفات خاصة أطلق عليها اسم «ثريدز».

في مسار غير متوقع تخطت المنصة بسهولة برنامج المحادثة الآلي «تشات جي بي تي»، الذي حمّل مليون مرة في أول خمسة أيام لإطلاقه، لا سيما أن عدد المسارعين للاشتراك فيها قارب المائة مليون بعد نحو أسبوع من البداية.

بعيداً عن القضايا التقنية المتخصصة، يعنّ لنا التساؤل: «هل هو زمن حرب المعلومات، وما هو السبب الذي دعا زوكربيرغ لإطلاق منصته، المتهمة بالغش والتقليد؟».

قبل الدخول في عمق فكرة هذه السطور، ربما يتحتم علينا إعادة قراءة ما نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية عن ما وصلت إليه شركة «ميتا» في سياق «المعلوماتية الأممية»، إن جاز التعبير.

«هذه (ميتا) التي نتحدث عنها، إذا كنت من مستخدمي (فيسبوك) أو (إنستغرام)، فقد تراكم لديها قدر كبير من البيانات عبر السنين عنك»... هل «ثريدز» تطبيق جديد يتجاوز مقدرات ما جمعته «ميتا» من قبل؟

باختصار غير مخلٍ، تجمع «ثريدز» من مستخدميها كل بياناتهم المتاحة عبر «أبل»، سواء سجلات الشراء أو التصفح، والمعلومات الحساسة مثل العرق، الميول الجنسية، حالة الحمل، الدين، البيانات البيومترية (بصمة الأصابع - بصمة العين - ملامح الوجه).

تجمع «ثريدز» عن مشتركيها سجل مشترياتهم، وبياناتهم المالية، معلومات الاتصال، مثل العنوان الفعلي، والبريد الإلكتروني، والاسم ورقم الهاتف، والصور ومقاطع الفيديو.

إضافة إلى ذلك، تلتقط المنصة كل الموجود في جهاز المستخدم، من صور وتسجيلات صوتية وما شابه.

أي وحش معلوماتي تبدو «ثريدز» في طريق البشرية، وهل هي أداة من أدوات حكام العالم بعد الجدد؟

عام 2004 أصدر الكاتب والصحافي الأسترالي جون بليجر، كتابه الشهير المعنون «حكام العالم الجدد»، وفيه تناول الحديث عن مخططات وأهداف الهيمنة والنفوذ التي تسلكها الدول الكبيرة لتتحكم من خلالها في العالم الراهن.

توقف بليجر بشكل كبير عند الموارد الطبيعية حول العالم، وتناول شأن الولايات المتحدة الأميركية بنوع خاص، موضحاً كيف أنها تمتلك نصف ثروات العالم، في حين يبلغ سكانها 6 في المائة فقط من سكان العالم، ومؤكداً أن ثراءها وقوتها هما أسباب تعمدها إبقاء فجوة واسعة بينها وبين بقية العالم مادياً أول الأمر.

يكاد المرء اليوم يستشعر تحولاً في أدوات الهيمنة، من عالم الإنتاج الحقيقي، لدائرة المعلومات الرقمية، حيث سادة الكون الجدد، هم أصحاب النقرات.

يبدو مثيراً أنه عبر التاريخ، لم يظهر نظير لمنصات التواصل الاجتماعي في السرعة والشمولية التي تمكنت بها من غزو الكوكب.

احتاج العلماء إلى جيلين ليتوصلوا إلى اختراع التلغراف، واستمرت مختبرات الحكومة الأميركية في العمل من أجل أختراع شبكة الإنترنت لعقود كاملة.

أما وسائل التواصل الاجتماعي فقد ظهرت من العدم بين طرفة عين وانتباهتها، بما يفوق حكايات الخيال العلمي وتنبؤات بعض علماء الاجتماع.

أحد الأسئلة المطروحة عبر ساحة الصراع والحرب المعلوماتية مؤخراً، وبعيداً عن نظريات المؤامرة: «هل ماسك وزوكربيرغ صاحبان أصيلان للعالم الرقمي، أم أن هناك أيادي غير منظورة للدولة الأميركية العميقة، تسخّرهم لأهداف ماورائية، فيما يخيل للناظر أنها معركة بين شخصين؟.

بالعودة لفيلم «المتسللون» sneakers والذي تم إنتاجه عام 1992، من إخراج فيل إلدن روبنسون ، نجد أحداثاً تدور حول فريق من الخبراء الأمنيين الذين يدخلون بسذاجة في عملية حكومية سرية بعد ابتزاز زعيمهم.

خلال حوار بين أحدهم، «كوزمو» والذي يقوم بدوره الممثل العالمي بن كينغزلي، وبطل آخر في الفيلم، الممثل الأميركي الشهير روبرت ريدفورد والذي يحمل اسم مارتن، يخاطب الأول الثاني بالقول: «هناك حرب تدور بالخارج يا صديقي، حرب عالمية، وهي لا تتوقف عند من لديه أكبر عدد من الطلقات، بل عند من يتحكم في المعلومات، ما نراه، وما نسمعه، والطريقة التي نعمل بها، والكيفية التي نفكر بها... كل هذا يدور حول المعلومات».

هل ما يجري من حولنا جزء من السيطرة المعلوماتية التي تمهد لعملية التلاعب بالعقول القائمة والقادمة؟

يذهب البرازيلي الأشهر باولو فريري، المعلم الرائد وصاحب النظريات ذات التأثير الكبير في مجال التعليم والإعلام، للقطع بأن تضليل عقول البشر يتم من خلال تسخير المعلومات كأدوات للقهر المستتر، وهي أهم أدوات النخبة العالمية لتطويع الجماهير لأهدافها الخاصة.

حين يقوم زوكربيرغ بتعديل صغير عبر تصميم «فيسبوك»، سيؤثر الأمر في ملايين المستخدمين؛ ما يجعل من «ميتا» وأدواتها واحدة من أوسع التجارب الجماعية نطاقاً في تاريخ البشرية.

ما يجري بين زوكربيرغ وماسك، أبعد من صراع برمجيات، هناك عالم آخر يتخلق في الرحم الأميركي من جديد يضمن عبر المعلوماتية الواسعة، «الميغا»، تخليق نظام مجتمعي عالمي ماورائي يرشد أو يضلل الجماهير.

«ثريدز» بداية لمسيرة سادة وأباطرة جدد عبر حرب النقرات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ثريدز» عن سادة الكون وحرب النقرات «ثريدز» عن سادة الكون وحرب النقرات



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon