توقيت القاهرة المحلي 13:35:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بوتين ــ كيم... زمن الازدهار الجديد

  مصر اليوم -

بوتين ــ كيم زمن الازدهار الجديد

بقلم - إميل أمين

إنها الثالثة صباحاً في بيونغ يانغ، حيث رئيس كوريا الشمالية، كيم يونغ أون، يقف في المطار منتظراً ضيفه الكبير، ومتخلياً عن فراشه الوثير في تلك الساعة المبكرة جداً من ذلك الصباح.

فوق المدرج المغطى بالسجاد الأحمر، يخطو القيصر فلاديمير بوتين، في الزيارة الأولى له منذ عام 2000، حين اعتلى سدة الكرملين، يمضي في طريق طويل مزين بالورود، يحفه سلاح الفرسان من الجانبين، بينما الجداريات ترحب بألوان فاقعة وأصوات زاعقة... مرحباً بوتين.

وصف كيم، بوتين ذات مرة بأنه «رفيق السلاح الذي لا يُقهر»، وقد حمل له معه ثلاث هدايا... سيارة ليموزين صناعة روسية فاخرة من طراز «أوروس»، وخنجر أميرال، ومجموعة متنوعة من الشاي.

لعقود طوال كانت كوريا الشمالية، حليفاً موثوقاً للاتحاد السوفياتي، غير أنه بعد انهيار الأخير ضعف مستوى العلاقة، لتعود مرة جديدة في أعقاب الحرب الروسية - الأوكرانية لتكتسب أهمية فائقة، لا سيما بعد أن قدمت بيونغ يانغ دعماً عسكرياً واضحاً تَمثَّل في شحنات هائلة من الأسلحة والذخائر التقليدية، وأعداد كبيرة من الصواريخ الباليستية، التي مكنت موسكو من مواصلة ضرباتها على كييف وما حولها.

عقب يومين من المباحثات بين بوتين وكيم، تم الإعلان عن خروج «وثيقة تعاون استراتيجي» للنور، تنص على تقديم العون حال تعرض أحد طرفيها لعدوان، وفق ما صرح بوتين.

هل نحن أمام تغير جيو-استراتيجي جديد، يعزز مما يمكن أن نسميه «محور مقاومة بوتين» شرق آسيا، في مواجهة ما يرى أنها محاولات أميركية وغربية للهيمنة على مقدرات العالم بصورة لا تنقطع، ولم تعد معقولة أو مقبولة في عالم يسعى للتعددية؟

المؤكد أن التصريحات الإيجابية التي غلف بها بوتين رؤيته للعلاقة مع بيونغ يانغ، تعكس مرحلة جديدة من التعاون، خصوصاً من خلال يقينه أن الكوريين الشماليين، يشاركون بلاده في نهج السيادة المستقل عالمياً، والدعوة لإقامة نظام عالمي أكثر عدلاً، وأوفر ديمقراطية. إذ إن المشهد هنا حكماً لا يتوقف عند مرحلة «الشعارات الآيديولوجية»، بل يمتد إلى مساقات ومسارات البراغماتية الأممية، إن جاز التعبير.

وجدت روسيا، بعظمتها وقوتها العسكرية، نفسها في حاجة إلى حلفاء يشاركونها طروحاتها السياسية، وإلى مخازن سلاحهم، التي لم تُستخدَم في حروب منذ فترة، فكانت بيونغ يانغ هي العون والسند لها في أوقات تتدفق فيها أسلحة الناتو إلى أوكرانيا.

ولأن لا شيء مجاناً في الحياة، ففي المقابل تحمل هذه الشراكة تطوير أنظمة تجارية واقتصادية بين البلدين، تدعم فيها موسكو بيونغ يانغ بالحبوب التي تجيد التلاعب بها، بل التي جعلتها سلاحاً ضمن أسلحة القرن الحادي والعشرين، عطفاً على كثير من المواد الغذائية والدوائية، وجميعها تجنب المضيف ربقة الضغوط وذل العقوبات والتهديدات الأميركية والأوروبية.

هل هذه الملامح فقط هي ما أزعج الدوائر الغربية بشكل كبير، الأمر الذي دعا المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير، للقول إن «تعميق التعاون بين روسيا وكوريا الشمالية، يجب أن يكون مصدر قلق كبير للجميع»، في حين عدّ ينس ستولتنبرغ، الأمين العام لحلف الناتو، الزيارةَ مدعاة لتأكيد أهمية شراكة الحلف مع الدول الآسيوية؟

قطعاً، الأمر أبعد من ذلك بكثير، فما ستحصل عليه كوريا الشمالية كفيل بأن يغير كثيراً من المعادلة الاستراتيجية الأمنية في منطقة المحيط الهادئ. ويمكن لموسكو أن توفر سلم تاج التكنولوجيا العسكرية، مثل تصميمات الرؤوس الحربية النووية، أو مركبات إعادة دخول الغلاف الجوي، وربما الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.

وعلى صعيد الأسلحة التقليدية، بإمكان روسيا أن تقدم كثيراً جداً من المساعدة التقنية أو الإنتاجية لأسلحة بيونغ يانغ التقليدية المتطورة، مثل الطائرات والغواصات التي تعمل بالطاقة النووية، وأقمار الاستطلاع العسكرية وتكنولوجيا الإطلاق.

يخشى الناتو من أن علاقة استراتيجية روسية مع كوريا الشمالية، سوف تفقد كيم يونغ الحافز الكبير لتحسين العلاقات مع الأميركيين أو الأوروبيين، كما أن الدعم العسكري المباشر لبيونغ يانغ، يزيد من المخاطر التي تهدد حلفاء الولايات المتحدة في اليابان وكوريا الجنوبية، وتعرّض القوات الأميركية المتمركزة هناك لمزيد من الأخطار.

كما أن تحالفاً عسكرياً رسمياً بين روسيا وكوريا الشمالية، سيعقد حكماً من خطط الحلفاء العسكرية للرد على هجمات أو غزو كبير من كوريا الشمالية، عطفاً على إمكانية تشجيعها على سلوك أكثر استفزازاً.

الشراكة الجديدة تعني أن مقعد روسيا في مجلس الأمن، سيصبح حائط صد متيناً لحماية بيونغ يانغ من قرارات الإدانة أو استمرار العقوبات.

هل يدفع القيصر نظيره كيم لمزيد من سياسات حافة الهاوية، لتخفيف ضغط الجبهة الأوكرانية؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بوتين ــ كيم زمن الازدهار الجديد بوتين ــ كيم زمن الازدهار الجديد



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon