توقيت القاهرة المحلي 10:28:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«بريكس بلس»... وركائز النظام العالمي الجديد

  مصر اليوم -

«بريكس بلس» وركائز النظام العالمي الجديد

بقلم - إميل أمين

لعل علامة الاستفهام التي تُطرح في المحافل الدولية كافة طوال 3 أيام، والتي هي المدى الزمني لقمة دول «بريكس»، المنعقدة في منطقة ساندتون في مدينة جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا متمثلة في السؤال: هل العالم في طريقه إلى تشكّل قوة هيمنة جديدة، في مواجهة النظام القائم الآن؟

اختصر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف الطريق، عبر مقال كتبه قبل أيام في مجلة «أوبونتو» الجنوب أفريقية بقوله: «لا نهدف لاستبدال الآليات متعددة الأطراف، وأن نصبح قوة جماعية مهيمنة جديدة»... ماذا إذن؟

باختصار غير مخل، تبدو دول مجموعة «بريكس»، (روسيا، والصين، وجنوب أفريقيا، والهند، والبرازيل) بمثابة ركيزة في طريق السعي نحو نظام عالمي جديد متعدد المراكز وأكثر عدلاً.

ولعله من غير تهوين أو تهويل يمكن القول إن الدول المؤسسة لـ«بريكس»، تمثل قوة حقيقية على الصعيدين العسكري والاقتصادي، حيث تضم 4 من أقوى جيوش العالم، وتمتلك أفقاً اقتصادياً رحباً في الحال والاستقبال.

ليس سراً القول إن هذا التجمع الكبير لم يكن يهدف، ولا يظن أنه يستهدف المشارعة والمصارعة العسكرية مع أحد، بل جرى التفكير فيه بوصفه نوعاً من «حصون الأمان» التي تقي الأمم والشعوب، تقلبات العم سام وحلفائه الأوروبيين، سيما مع هيمنة الاقتصاد الأميركي على مقدرات العالم، وهو المشهد الذي مضت به المقادير على مدى 3 عقود، أي منذ تفكك الاتحاد السوفياتي عام 1991.

تعمقت المخاوف وازداد الشعور بعدم الأمان بعد الأزمة المالية العالمية، تلك التي تسببت فيها مجموعة البنوك الأميركية، عام 2008، وساعتها اكتشف الجميع حالة عدم الشعور بالأمان من التبعية الاقتصادية المطلقة للنظام الغربي.

هل يعني ذلك أن «بريكس» تجمع اقتصادي عالمي مضاد للولايات المتحدة بالمطلق، أم أنه وسيلة للتعاطي الخلاق معها، وليس شرطاً أن تكون المواجهة أو الحروب الاقتصادية هي الهدف النهائي؟

الجواب يحتاج إلى بعض المقاربات الرقمية التي تيسّر لنا فهم توجهات «بريكس»، ومنها حجم اقتصاد تلك الدول حتى نهاية عام 2022، الذي بلغ نحو 44 تريليون دولار، وتسيطر على 17 في المائة من التجارة العالمية، والعهدة على بيانات منظمة التجارة العالمية.

تسيطر دول «بريكس» الحالية على 27 في المائة من مساحة اليابسة في العالم، بمساحة إجمالية 40 مليون كيلومتر مربع، بينما يبلغ عدد سكان التحالف بصورته الحالية 3.2 مليار نسمة، ما يعادل 42 في المائة من إجمالي سكان الأرض، بينما يبلغ عدد سكان مجموعة السبع الكبار 800 مليون نسمة.

من هنا يتفهم القارئ أولويات المجموعة في طريق تعزيز إمكانات «بنك التنمية الجديد»، وصندوق احتياطيات النقد الأجنبي الافتراضي، وفكرة تطوير آليات الدفع الإلكتروني المشتركة، وزيادة دور العملات الوطنية في التعاملات التجارية بين بلدان المجموعة وغيرها.

على أن التساؤل الرئيسي في هذه القمة، موصول بمدى رغبة أطراف دولية وازنة أخرى في الانضمام إليه، وفي المقدمة منها المملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، بالإضافة إلى البحرين والكويت والمغرب وفلسطين من العالم العربي، عطفاً على الأرجنتين من أميركا اللاتينية، بينما يبلغ العدد الإجمالي للدول المتطلعة للانضمام لـ«بريكس» نحو 23 دولة، وهو الرقم الذي أكدته نهار السابع من أغسطس (آب) الحالي، وزيرة خارجية جنوب أفريقيا، ناليدي باندور.

هذه التغيرات في بنية عضوية «بريكس» تعني إمكانية نمو مساحة التحالف بمقدار 10 ملايين كيلومتر مربع، كما سيزداد عدد السكان بمقدار 322 مليون نسمة... هل يعني ذلك أن هناك عالماً جديداً يتشكل في رحم الأحداث الكونية؟

في تقرير لها الساعات القليلة الماضية، تحدثت وكالة «أسوشييتد برس»، عن المشهد الجديد لـ«بريكس»، حال انضمام المملكة العربية السعودية على سبيل المثال.

تقول الوكالة الإخبارية الدولية إن «أي تحرك نحو إدراج ثاني أكبر منتِج للنفط في العالم في كتلة اقتصادية مع روسيا والصين، من شأنه أن يلفت الانتباه بوضوح إلى تغيرات جيوسياسية عالمية مغايرة، سوف تطرأ على الخريطة الدولية دون أدنى شك».

وتنقل الوكالة عينها عن تلميذ أحمد، سفير الهند السابق لدى السعودية، قوله: «إذا دخلت السعودية بريكس، فستضفي أهمية غير عادية على هذا التجمع».

يدرك المحللون السياسيون الثقات أن الرياض التي باتت حجر زاوية في منطقة الخليج العربي، ستكون ذات ثقل وتأثير كبيرَين في مجالها الجغرافي، وحضورها وتأثيرها الروحي، من حيث إنها قبلة لنحو مليارَي مسلم في قارات الأرض الست.

وبالنظر إلى دولة مركزية مثل مصر، سواء من حيث الموقع الجغرافي المتميز، الذي يشتمل على قناة السويس، شريان المواصلات الأهم، الأرفع والأنفع حتى الساعة، أو بحساب عدد سكانها، وتراتبية قواتها المسلحة حول العالم، وفي الشرق الأوسط، يمكن للمرء أن يتخيل مدى نجاعة هذا التجمع العالمي في المدى الزمني المنظور.

هنا يجمع المحللون على أن «الاتفاق حول مبدأ توسيع بريكس، الذي يتكون بالفعل من جزء كبير من أكبر اقتصادات العالم النامي، يعد انتصاراً أخلاقياً للرؤية الروسية والصينية للكتلة كموازنة لمجموعة السبع».

هل يمثل «بريكس» لحظة وعي أممي على مستوى شعوب العالم ما بعد النامي، ومنها شعوب حققت معدلات نمو متميزة قولاً وفعلاً؟

غالب الظن أن ذلك كذلك، ونظرة سريعة على توجهات نظام «بريتون وودز» في حاضرات أيامنا، تقطع بحتمية هذه الصحوة.

خذ إليك بعض البيانات التي تدعو لمزيد من التفكير في أهمية «بريكس بلس» المقبل، ومنها أنه على الرغم من أن دول «بريكس» تمثل 42 في المائة من سكان العالم، فإن أعضاءها الخمسة لديهم أقل من 15 في المائة من حقوق التصويت في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، مقابل 17 في المائة للولايات المتحدة و455 لمجموعة السبع.

ولعله من المؤكد في ظل هذه المفارقات، أن يزداد الوعي لدى دول الجنوب بأهمية تعميق تعاونها بشكل يتوافق مع مشاغلها وأولوياتها، مثل مكافحة الفقر والجوع والمرض والأوبئة والركود الاقتصادي، وتأثير التغيرات المناخية ضمن هيكل عالمي أكثر إنصافاً وشفافية وشمولية.

وبعد كل هذا فلا شكَّ أنَّ «بريكس بلس» سيكون ركيزة نحو نظام عالمي جديد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«بريكس بلس» وركائز النظام العالمي الجديد «بريكس بلس» وركائز النظام العالمي الجديد



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon