توقيت القاهرة المحلي 05:04:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القول المكين في اتفاق أميركا والإيرانيين

  مصر اليوم -

القول المكين في اتفاق أميركا والإيرانيين

بقلم - إميل أمين

وقت كتابة هذه السطور، كانت إيران قد تلقَّت الرد الأميركي على رؤيتها لخطة العمل المشتركة الجديدة، وإنْ تأخر الجواب الإيراني ليومين، ما يعني أنه وقت ظهور هذه السطور للنور، ربما تكون إيران قد أجابت.
التساؤل هنا: هل ستختلف الرؤية والتشخيص للحالة الأميركية - الإيرانية بعد رد إيران؟
الحقيقة التي لا شك فيها أن الأمر لن يختلف كثيراً؛ فالمشهد مناورة أميركية - إيرانية، يسعى فيها كل طرف لتحقيق أكبر قدر من مصالحه البراغماتية على حساب الآخر، وفي ظل حالة مؤكدة من فقدان الثقة بين الجانبين، لا يمكن إنكارها.
تبدو إيران ذات مصلحة في التوصل إلى اتفاق مع إدارة بايدن... مصلحة تقف وراءها مخاوف كبيرة من عودة الجمهوريين مرة أخرى، في الانتخابات الرئاسية 2024. وقد تكون الطامة الكبرى بالنسبة لها، عودة ترمب، ولهذا فإنها تسارع الزمن، على أمل تكرار صفقة 2015.
على الجانب الأميركي، هناك رغبة عميقة في إبعاد إيران عن المحور الروسي - الصيني، لا سيما أن لعبة الصراعات القطبية الأممية لن توفر انحيازاً إيرانياً جامعاً شاملاً لجهة شرق آسيا الصاعد الناهض.
عطفاً على ذلك، فإن صفقة سياسية تظهر فيها إدارة بايدن أنها صاحبة اليد العليا، أمر يحقق رصيداً مضافاً للديمقراطيين على بُعد نحو 60 يوماً من انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، وعامين من انتخابات الرئاسة، ومن ورائها أحلام الرئيس بايدن بإعادة ترشحه.
على أن قراءة معمقة تخبرنا بأن إيران تتلاعب بالمقدرات الأميركية، وتغزل على المتناقضات الداخلية التي تعيشها، وهو أمر لو كانت واشنطن تغفله فالأمر حادثة، وإن أدركته وتجاهلته فتلك كارثة.
تدرك مراكز الأبحاث والأجهزة الاستخبارية الأميركية هوية إيران الحقيقية، كدولة ذات طبيعة ثيولوجية، وليست كياناً ويستفالياً، ولا تعطي لأحد حتى الساعة جواباً عما إذا كانت دولة أم ثورة، ومن هذا المنطلق لا يمكن الاقتناع بأن إيران ستتخلى عن حلمها في حيازة السلاح النووي، وجل ما يحدث هو محاولة تسويف الوقت، واستنزاف طاقة الأوروبيين والأميركيين في مفاوضات ماراثونية، أطلقوا عليها «الصبر الاستراتيجي»، فيما تواصل رفع معدلات تخصيب اليورانيوم، وحيازة أحدث أجهزة الطرد المركزي، والتوصل إلى الخلاصات العلمية والمعرفية، تلك التي تكفل لها استئناف العمل عند أقرب منحنى خلافي مع الغرب عامة والولايات المتحدة خاصة.
يعنّ للقارئ أن يتساءل: ما الدافع الذي يجعل الإيرانيين يسعون إلى اتفاق مع الأميركيين، إذا وضعنا جانباً المخاوف من عودة الحزب الجمهوري ورموزه الرافضة لأي تواصل مع الإيرانيين المتهمين بإنشاء شبكة إرهاب عنكبوتية على الأراضي الأميركية؟
تبدو هناك جزرة شهية للأعين الإيرانية، تتطلع لقطفها من خلال الاتفاق المقبل، وقد أشارت إليها مؤسسة «الدفاع عن الديمقراطيات» في واشنطن (The Foundation for Defense of Democracies)، وتتمثل في حصيلة مالية تصل بعد نحو سبع سنوات، أي في 2030، إلى ما يتجاوز 1.3 تريليون دولار، موزعة كالتالي:
131 مليار دولار أرصدة خارجية محتجزة.
507 مليارات دولار عوائد نفطية.
365 مليار دولار عوائد غير نفطية.
72 مليار دولار تخفيضاً في تكاليف الاستيراد.
يتساءل أي مراقب حصيف عما يمكن لإيران أن تفعله حال توافر مثل تلك الأموال الطائلة لديها، والتأثير المباشر وغير المباشر على خططها العسكرية في الداخل، وعلى دعمها للميليشيات التابعة لها في المحيط الخارجي، وما إذا كانت تلك الوفرة المالية تغريها لتحقيق حلمها المتواري خلف شعارات دوغمائية مغشوشة، كالقول بعدم جواز حيازة أسلحة نووية كفتوى للخميني، أم لا؟
إيران لن تتنازل عن حلمها، وقد قطعت شوطاً طويلاً، واقتربت من خط السباق النهائي، ومراوغتها حاضرة عبر الزمان والمكان، وعلى غير المصدِّق مراجعة تصريحات رئيس «منظمة الطاقة الذرية الإيرانية»، محمد إسلامي، الذي رفض فكرة امتداد عملية تفتيش خبراء «وكالة الطاقة الذرية» إلى مواقع ومواضع تتجاوز ما كان منصوصاً عليه في اتفاق 2015، بقوله: «نحن ملتزمون بالقيود النووية التي قبلناها في الماضي... لا كلمة أكثر ولا كلمة أقل».
إسلامي يعرف جيداً أنه ليس الأميركيون فحسب هم الذين لديهم هواجس وشكوك تصل إلى حد اليقين، لجهة وجود مواقع نووية إيرانية غير مُعلَن عنها، بل إن مفتشي «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» هم من يطالبون إيران بتقديم تفسيرات وأجوبة مقنعة لوجود آثار لليورانيوم المخصب في ثلاثة مواقع غير معلن عنها، فيما تطالب إيران بأن يتوقف التحقيق في هذا الشأن، ما يؤكد أن ما يقال في غرف مفاوضات فيينا شيء، وواقع الحال في الجبال والمغائر وشقوق الأرض الإيرانية، شيء آخر مخالف تماماً.
إدارة الرئيس بايدن تحاول خلق صورة في عيون الأميركيين مفادها أن عودة إيران للاتفاق النووي ستجعلها تحت السيطرة، لا سيما بعد سحب كميات اليورانيوم المخصب، التي تتجاوز 300 كيلوغرام، ناهيك من القبول بعدم تجاوز التخصيب 3.67 في المائة، وهي التي أعلنت رسمياً عن بلوغها عتبة الستين في المائة، وليس مستبعداً الاقتراب من التسعين.
واشنطن تبدو في موقف الضعيف والمأزوم، خصوصاً في ضوء انتفاء الخيار المسلح في هذا التوقيت على الأقل، وليس أدل على ذلك من رفض إيران تضمين ملفات البرنامج الصاروخي، وملف المسيّرات، في الاتفاق الجديد.
وفي كل الأحوال تبقى النيات الإيرانية لا تتغير مع اتفاق أو من دونه، وعلى دول الإقليم تقييم الموقف بما يناسب مقدرات الأمن القومي لها مجتمعة، إن لم تحدث القارعة من طرف ثالث، وغداً لناظره قريب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القول المكين في اتفاق أميركا والإيرانيين القول المكين في اتفاق أميركا والإيرانيين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon