بقلم - مشاري الذايدي
من كان يتخّيل أن يرى الصورة اللافتة فى مؤتمر النقب الأخير بإسرائيل؟.
وزراء خارجية مصر سامح شكرى، والإمارات عبدالله بن زايد، والمغرب ناصر بوريطة، والبحرين عبداللطيف الزيانى، فى مشهد واحد وتنسيق مشترك تجاه خطر واحد.
قبل ذلك نذكّر، رغم مشاركة وزير خارجية أمريكا، أنتونى بلينكن، فى هذه المناسبة، لكن نحن إزاء تيه أمريكى مخيف، إن لم يكن الأمر يتجاوز التيه إلى ما هو أخطر وأكثر باطنية سياسية، تجاه الدور الإيرانى فى الشرق الأوسط، وتراخٍ أو ما هو أقبح منه، فى منح إيران، ذات النظام الدينى الطائفى الثورى، دورا شرعيا فى المنطقة والعالم أجمع.
الدول العربية، خاصة السعودية ومصر والإمارات والبحرين والمغرب، وغيرها، حاولت مرارا تنوير واشنطن بحقيقة الخطر الإيرانى، لكن لا حياة لمن تنادى، وأن خطر هذا النظام الظلامى ليس محصورا بامتلاك السلاح النووى كما تصرّ مقاربة أمريكا ومن معها، بل فى الدور الإقليمى الخبيث داخل دول الشرق الأوسط.
«منتدى النقب» أقرّ، باستضافة خارجية إسرائيل، مع وزراء خارجية الإمارات ومصر والمغرب والبحرين، خطة للتعاون المشترك فى مواجهة الأخطار والتهديدات المشتركة، خصوصا التصدى للصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، التى تطلقها إيران وأذرعها باتجاه دول المنطقة.
افتتح المؤتمر الصحفى وزير الخارجية المضيف يائير لبيد، فقال: «عدونا المشترك هو إيران ومن هم وكلاء لها، ما نقوم به هنا هو صنع التاريخ وبناء أسس إقليمية تستند إلى التعاون المشترك وهندسة هيكلية جديدة لهذا التعاون تردع إيران وأذرعها عن غيّها».
أما وزير الخارجية المصرى، سامح شكرى، فقال: «نؤمن بأنه يتحتم علينا نحن فى الدول العربية، ذات الأغلبية الإسلامية، أن نقف فى مواجهة الإرهاب الذى ينفذونه باسم الدين، وعلينا معالجة السردية الدينية المشوهة للدين».
فى حين كانت الكلمة الاستثنائية بقائلها ومن يمثل وتوقيتها ومكانها، كلمة وزير الخارجية الإماراتى، الشيخ عبدالله بن زايد، حين قال: «هذه لحظة تاريخية. ما نحاول فعله هو تغيير السردية وبناء مستقبل مختلف تكون فيه إسرائيل جزءا طبيعيا من دول المنطقة ونقيم معها علاقات تعاون كاملة»، مذكّرا بأن مصر هى من افتتحت هذا الطريق قبل 43 عاما، شاكرا هذه الريادة المصرية البصيرة.
السياسة الرشيدة هى السياسة الواقعية التى تنطلق من الأرض وليس من الفضاء الفارغ، ولغة السياسة الواقعية تقول إن العدو الخطير الذى نرى خطره من صواريخ «الحرس الثورى» عبر عميله الحوثى تنهال من اليمن على محطات المياه والكهرباء والمشتقات النفطية فى السعودية والإمارات، ونرى ماذا تفعل خلايا إيران فى العراق وسوريا ولبنان والبحرين والكويت.
هذا هو العدو الذى نعرفه، وحين تريد ردع عدو هاجمك بكل صراحة ووقاحة فأنت تتحالف مع كل من يشاطرك العداء لهذا العدو.. أياً كانت دوافعه، وإسرائيل اليوم تعلن أنها ضد النظام الإيرانى.. إذن فهى حليف موضوعى بحكم الواقع والضرورة.. تلك هى الحقيقة الجرداء.. دون تزويق ولا تزييف ولا تلميح.