بقلم:مشاري الذايدي
لجنة في مجلس النواب الكويتي (مجلس الأمة) تشكّلت بعد الانتخابات الأخيرة تحت اسم «لجنة القيم ومعالجة الظواهر السلبية» ويختصرها الكويتيون بـ«لجنة القيم»، هي حديث الساعة اليوم في الكويت.
وما ذاك بسبب إنجاز استثنائي اجترحته هذه اللجنة لصالح المستقبل الكويتي، بل بسبب ضغطها على وزارة الداخلية من أجل «منع» مسابقة رياضية ترفيهية صحية هي مسابقة «الماراثون» برعاية أحد أكبر البنوك الكويتية.
عارضهم كثر منهم السيدة عالية الخالد من نواب مجلس الأمة، وأخبرتنا بأن الماراثون سيتم إطلاقه يوم السبت 10 ديسمبر (كانون الأول) في شارع الخليج، وذلك بعد موجة سخط عمّت وسائل التواصل الاجتماعي في الكويت، إثر الإعلان عن إلغاء هذه الفعالية التي يشارك فيها رجال ونساء ضمن رياضة الجري «الماراثون» استجابةُ لضغوط مارسها التيار الديني، حسبما جاء في تقرير لهذه الصحيفة أمس.
عالية الخالد، أضافت: «ممارسة الوصاية بحجة الدين عبارة عن استغلال سيئ له ولا يوجد له حجة دامغة، فالأخلاق نهج تربى عليه كل الكويتيين وهذا نهجهم ومسلكهم».
الكل يعلم أن التيار الأصولي السياسي، بطرفيه السني والشيعي، يشهد انتعاشاً في الفضاء الكويتي العام، عبّر عن ذلك وصول جملة منهم إلى مقاعد البرلمان، ولديهم أجندة صريحة في فرض رؤيتهم المتعلقة بالحياة والترفيه والمرأة والتعليم... كما في السياسة الخارجية.
في 4 فبراير (شباط) الماضي (2022)، منعت وزارة الداخلية الكويتية جلسة (يوغا) نسائية كان من المقرر تنظيمها في الصحراء، بعد مطالبة نائب بإلغائها بحجة أنها تمثل أمراً «خطيراً» على المجتمع الكويتي، كما قاوم هؤلاء قرار وزارة الدفاع الكويتية توظيف النساء في الشؤون الإدارية بالجيش، في يناير (كانون الثاني) الماضي.
هذه المجموعة أصدرت في سبتمبر (أيلول) الماضي، ما عُرفت بـ«وثيقة القيم»، حيث ظهر عدد من المرشحين لمجلس الأمة (البرلمان) وهم يلتزمون بمضامين هذه الوثيقة، ومن هذه المضامين: «رفض المهرجانات وحفلات الرقص المختلطة»... هذه الوثيقة وصفها وزير الإعلام الكويتي السابق سعد بن طفلة العجمي، بأنها «وثيقة داعشية».
المفارقة أن هذا «التزمّت» وضيق العطن الجاري من طرف «بعض» الفاعلين في الكويت، يتزامن مع انطلاقة واثقة وزخم حضاري انفتاحي في السعودية، ومع فعاليات كأس العالم لكرة القدم بقطر، والنتائج العربية اللامعة في المونديال، وآخر ذلك تصدر المغرب مجموعته وتأهله للدور الثاني من البطولة، والإمارات التي لها قدم سبق في مضمار الانفتاح والنمو الحضاري.
تزداد المفارقة سطوعاً مع تذكر أن الكويت كانت هي الأسبق من بين دول الخليج في النهضة الفنية والصحافية والرياضية والحضارية؛ كانت مصدر إلهام ومنارة تنوير في كل الخليج... وستعود لإشعاعها، فلا بدّ من الكويت وإن طال السفر.
هذه الأصوات المعاكسة لروح العصر من الأكيد أنها لا تعكس روح الكويت الحضارية الرائدة، وفي نهاية الأمر أحسب أن الدولة في الكويت تعي تماماً المصلحة العليا للدولة والشعب، لكنها كانت مفارقة تستحق التأمل فيها.