بقلم: مشاري الذايدي
«سنسعى لحاضرنا ومستقبلنا، مستلهمين ذلك من تضحيات الآباء والأجداد، من أجل رفعة الوطن وشعبِه».
كان هذا نصَّ كلمةِ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، على منصة «تويتر»، بمناسبة الاحتفالات السعودية الضخمة بالأعياد الوطنية لتأسيس المملكة العربية السعودية في العيد الـ91.
إذا رجعنا للماضي بعض الشيء نجد أنَّ تعيين اليوم 23 سبتمبر من كل شهر ليكون يوماً للاحتفال بالعيد الوطني، أو اليوم الوطني كما يرى آخرون، كان بأمر من الراحل الملك فيصل بن عبد العزيز، كما جاء في نصّ منشور بجريدة أم القرى، الجريدة الرسمية للدولة عام 1965، ومما جاء في شرح الخبر أنَّ هذا الاحتفال لتحديد: «يوم وطني يحتفي به أبناؤها ويفاخرون بإنجازاتها.. ويتذكرون فيه أمجاد البطولات التي بذلت لتوحيد أرجاء هذه البلاد».
هذا إذا جعلنا الاحتفال رقم 91 هو بمناسبة التأسيس الرسمي للدولة باسمها الحديث: المملكة العربية السعودية عام 1932، لكن الواقع أن رحلة تأسيس الكيان السعودي الكبير، مع الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود، سبقت هذا التاريخ بكثير، منذ استعاد عاصمة الدولة السعودية الثانية، الرياض في 1902، يعني قبل إعلان المملكة العربية السعودية بثلاثين عاماً تقريباً.
وإذا شئنا العودة أكثر للتاريخ فلنا أن نعود قبل إعلان 1932 قرنين من الزمان للخلف، مع انطلاقة التأسيس الكبير مع الدولة السعودية الأولى التي بلغت أوجَ مجدِها واتساعها في عهد الحاكم الثالث للدولة الأولى، الإمام سعود بن عبد العزيز الكبير، أو سعود العظيم كما يوصف في المصادر الغربية، الذي توفي عام 1814م.
الركيزة التاريخية للدولة السعودية مهمة جداً، يجب استحضارها بصور متعددة، بصيغ فنية متنوعة، كما في محتوى تربوي تعليمي وفي النهاية «خطاب» ثقافي عام يندرج تحته كثير من المنتجات ويضع لنفسه الوفير من المستهدفات.
من أهم المعاني التي يتعيّن توكيدها في هذه المناسبة، هي الإشارة الفاضلة التي اتجه لها بنان الملك سلمان بتغريدته الملكية، حول استحضار تضحيات الأجيال السعودية السابقة في بناء الوطن.
نعم، كل أبناء الأرض السعودية لهم سهم وافر في سقاية الحلم الكبير حتى أينع واستوى على سوقِه، من أخاديد نجران وقمم السروات وسهول تهامة ورمال الربع الخالي، مروراً ببطائح مكة وسواحل ورواشين جدة ومغاني الطائف الخضراء، وربوع نجد الغربية وقلب العارض وواحات الخرج والحوطة والحريق ووادي الدواسر لعيون الأحساء وشواطئ الدمام ونخيل القطيف ومفالي الشمال، و«خبوب» القصيم وجبال حائل الشماء وواحات الجوف لتبوك والوجه وضبا وينبع والعلا والمدينة المنورة.
كل الأهالي من كل المشارب هم الأجيال التي شادت سواعدها تحت قيادة الرجل الحلم عبد العزيز... البناء.
التنوع السعودي البهيّ، هو سر من أسرار قوتها في الماضي، وفي الحاضر هو من أهم مزايا السعودية التي رسمت مسارها المستقبلي المنفتح على كل العالم، ناسج الحلم، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.