بقلم: مشاري الذايدي
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمته، السبت الماضي، على هامش الجلسة النقاشية «حقوق الإنسان.. الحاضر والمستقبل» وفي التفاتة مهمة، ركز على حقيقة أن جماعة «الإخوان» وعلى مدى 90 عاماً نخرت فِي المجتمع، وهي موجودة ولا تتوقف وشكلت ثقافة التشكيك وعدم الثقة.
يأتي ذلك فيما كشفت وزارة الداخلية المصرية من خلال قطاع الأمن الوطني، تمكنها من إجهاض مخطط جديد تورط فيه رجال أعمال مشهورون وغيرهم، يستهدف إعادة إحياء نشاط التنظيم، من خلال العمل على إيجاد مصادر تمويل لأنشطته الإرهابية.
الرئيس السيسي كان بُعيد تواتر العمليات الإرهابية عقب إسقاط حكم «الإخوان» قال في وصف دقيق، إن مصر تواجه «أخطر» تنظيم دولي في العالم.
الحال أن السيسي لم يبالغ في وصفه هذا، ومن يهوّن من خطر وتشعب وذكاء النشاط الإخواني على مدى يقارب القرن من الزمان، فهو إما متواطئ مع «الإخوان»، وإما جاهل بهم، ولا يريد أن يرفع غشاوة الجهل عن عينيه وعقله.
نعم استمر «الإخوان» في البقاء والتحايل على مدى قرنٍ من الزمان؛ حسن البنا ورفقته أسسوا الجماعة عام 1928 وفِي العهد الملكي المصري لم يكشفوا عن طبيعتهم السياسية الفاقعة إلا بعد حين من التخدير العام بغطاء الوعظ والإرشاد الديني البحت، وانطلى ذلك على بعض المصريين، حتى ولغوا في الدم المصري وخاضوا في صفقات السياسة ولوثاتها، إلى أن أعلن عن حل الجماعة رسمياً أخريات العهد الملكي. تعاونوا مع عبد الناصر وضباطه ثم انقلبوا عليهم، فبطش بهم ناصر، ثم استعان بهم السادات ثم تعامل معهم مبارك على طريقة: لا يقتل الذئب ولا تفنى الغنم.
لكن في نظري أخطر ما يمكن أن يمس العالم، عالمنا العربي خاصة، هو الجيل الجديد الثاني أو الثالث ربما، من أبناء المهاجرين للغرب، فهؤلاء هم من مواطني تلك الدول، المانيا وأميركا مثلاً، يخوضون الانتخابات المتعددة ويصلون لمناصب مختلفة، ومن يدري فقد نرى قريباً مسؤولاً سياسياً رفيعاً في واحدة من هذه الدول توكل إليه بعض قضايانا! وارد جداً. وهذا أمر يحتاج المزيد من بسط الكلام.
لكن يجب التوقف هنا والعودة إلى تنبيه الرئيس السيسي، من مصر، حيث ولدت حية «الإخوان»، فهناك البداية الكبرى، والدرس من هذا كله إيقاظ الغافين العالقين في شباك الوهم القائل بأن المواجهة مع «الإخوان» مرحلة وتنتهي وليست عملية مستمرة على الدوام.