بقلم: مشاري الذايدي
في تطور مثير خسر الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة، حاكمية ولاية فيرجينيا المهمة، المجاورة لواشنطن، لصالح مرشح جمهوري هو رجل الأعمال غلين يونغكين، فيما وُصف بإشارة مهمة لتراجع شعبية الديمقراطيين ورئيسهم جو بايدن شخصياً، خصوصاً مع الدعم الذي أبداه أقطاب الأوبامية، وأوباما شخصياً، لصالح المرشح الديمقراطي المخضرم تيري مكوليف.
يونغكين الفائز عن الحزب الجمهوري في هذه الولاية قال لمؤيديه عند إعلان أولى النتائج إن الأمر «لم يعد منذ وقت طويل حملة انتخابية، بل بدأ يتحول إلى حركة تقودونها جميعكم».
لكن المثير في هذه «الحركة» الجديدة، كما وصفها المرشح الجمهوري، الذي أظهرته أصوات الناخبين في فيرجينيا، هو نقمة الأمهات والآباء على سياسة المدارس هناك، وشرارة الأمر بدأت مع احتجاج والد تلميذة تعرضت لاعتداء جنسي من زميل لها، طالب، لكنه متحوّل -ظاهرياً- لأنثى، وذلك في دورات المياه غير المصنفة جنسياً!
طالب الأب بسياسة واضحة لعدم الخلط بين الإناث والذكور في دورات المياه، لكن المدرسة رفضت هذا الصوت، في سياسة عامة متّبعة بين المدارس بضغط ليبرالي مهووس بتطبيع المثلية والشذوذ وخلط الأجناس.
تحول الأمر لاحقاً إلى موجة احتجاج عامة بين أولياء أمور الطلبة والطالبات، وصعد المرشح الجمهوري على هذه الموجة، وتبنّاها، فيما تجاهلها المرشح الديمقراطي، انسجاماً مع الطرح الليبرالي العام.
محاولات تطبيع وشرعنة الشذوذ الجنسي قائمة على قدم وساق من طرف العالم الغربي، خصوصاً أوروبا الغربية والشمالية والأحزاب اليسارية الليبرالية في أميركا وكندا... إلخ.
ثمة سعي حثيث لجعل مواقف الدول من الشذوذ، رفضاً أو قبولاً، معياراً من المعايير المتّبعة لجعل هذه الدولة شرعية أو خارج الشرعية الدولية.
من أبرز المواقف الرافضة لهذا الوضع الموقف الروسي، فقد قال الرئيس فلاديمير بوتين، سابقاً إن روسيا لن تشرّع زواج المثليين ما دام أنه يوجد في الكرملين. وفي أثناء دورة الألعاب الأولمبية في سوتشي الروسية عام 2014 ثار الجدل حول موقف الدولة الروسية من تشريع المثلية الجنسية. حينها حاول بوتين تلطيف موقفه الصارم ضد المثلية، فيما كان بعض رؤساء الدول الغربية قد أعلنوا أنهم لن يحضروا دورة الألعاب، وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد أعلن أن الوفد الأميركي المشارك في الأولمبياد سيضم شخصيات رياضية شهيرة معروفة بمثليتها، وكان الرئيس الروسي بوتين قد وقّع قانوناً في عام 2013 يحظر الدعاية للمثليين بين الأطفال.
لكنّ المماحكات الأميركية لم تتوقف ضد روسيا في هذا الصدد، ومن مظاهرها رفع السفارة الأميركية في موسكو، في نهاية شهر يونيو (حزيران) 2020 علم قوس قزح الذي يرمز إلى مجتمع المثليين.
الواقع أن الموجة التي خلقها الناخبون في فيرجينيا قد تكون مقدمة لحركة أكبر تتطور لاحقاً لرفض هذه الاستبدادية الليبرالية في فرض قيمها على العالم... قد تكون.