بقلم: مشاري الذايدي
الفوضى العارمة التي خلقتها إدارة بايدن خلفها في أفغانستان، وآثارها الخطيرة التي بدا بعضها لنا وسيبدو أكثرها لاحقاً، سياسياً وأمنياً علينا نحن العرب بوجه خاص، هذه الفوضى واللامسؤولية نهجٌ عامٌ وليست حالة خاصة في بلاد الأفغان، التي تم تسليمها لـ«طالبان» وحلفائها.
إذا ذكرنا نظام «طالبان» حالياً لا بد لنا من الالتفات إلى سابقتها ونظيرتها في البنية العقائدية والتشكيل السياسي، وإن اختلف المذهب، أعني النظام الإيراني.
كيف تتعامل إدارة بايدن مع الخطر الإيراني إذن؟
يقال اختيارات الإنسان تدلّ على عقله، ومن هذا المنطلق نرصد تعيين بايدن لروبرت مالي أو «روب» مالي مسؤولاً عن الملف الإيراني، وهو رجل متحمس للغاية للاتفاق مع إيران، ويبدو فريقه أيضاً على هذه الشاكلة.
الأخبار تكشف لنا عن تعيين دانييل شابيرو، وهو أحد المقربين من جو بايدن، مستشاراً أعلى لروب مالي في الملف الإيراني، وهذا الرجل سبق تعيينه سفيراً للولايات المتحدة في تل أبيب عام 2011 في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، وظل في منصبه حتى أوائل عام 2017.
إحدى المهام الرئيسية لشابيرو كمستشار لمالي، كما يقول الخبر، ستكون المشاركة في محادثات مع مكتب رئيس الوزراء ووزارتي الخارجية والدفاع في إسرائيل، بغية تعزيز التنسيق وخلق إمكانية إجراء حوار «أكثر ودية» بين الجانبين حول إيران. حسب موقع «أكسيوس».
لاحظ المهمة الخطيرة الموكلة لهذا الدبلوماسي الأميركي، وهي تلطيف الأجواء بين رجال الخمينية في طهران وتل أبيب!
شابيرو كان سبق أن علّق على الشروط التي حددها وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو لإيران عندما انسحبت الولايات المتحدة من النووي قائلاً إنها «غير قابلة للتحقيق، لأنه إذا تم تنفيذها، فسوف يعني ذلك حدوث تغييب جوهري في النظام الإيراني».
واليوم يطرح في جولات المفاوضات بين فريق روب مالي والفريق الإيراني، بعيداً عن التعنت الإيراني أصلاً في ترتيبات المسألة النووية وضوابطها، موضوع آخر، وهو الذي يهمنا كثيراً نحن جيران إيران، ألا وهو برنامج الصواريخ الباليستية وملف السياسة الإقليمية العدوانية لطهران، من المواضيع الخلافية التي ترفض إيران التفاوض حولها.
ماذا بقي إذن؟
يقول شابيرو إن تجاوب طهران مع هذه الطلبات يعني تغييراً جوهرياً أو عميقاً في بنية النظام... وكأنه يستكثر هذا الأمر!
إذا كانت بنية وهوية النظام قائمة - من دون نووي - على تصدير الثورة والفوضى والتلاعب بنسيج المجتمعات العربية من خلال الاختراقات الطائفية والسياسية، كما جرى ويجري في بلدان عربية... فهل مطلوب من العرب التعايش مع الشر الإيراني، وما يهم الغرب فقط هي المسألة النووية؟!
اختيارات الرجال تدلّ على عقولهم... ونواياهم.