توقيت القاهرة المحلي 13:30:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الموسوس السياسي... وعلاج ابن خلدون

  مصر اليوم -

الموسوس السياسي وعلاج ابن خلدون

بقلم:مشاري الذايدي

حدّثني رجل أمنٍ في دولة عربية عن أن القبض على مدّعي الهويّات الغيبية، مثل المهدي أو المسيح أو صاحب الزمان أو حتى الدابّة التي تخرج آخر الزمان، كان يتمُّ بمعدّلٍ شبه شهري، أو أقلّ في بعض الأحيان، ثم تحوّل التعامل مع هذا الصنف من الناس، من الجانب الأمني إلى الجانب الصحّي؛ بمعنى: التعامل مع هؤلاء على أنهم بحاجة إلى رعاية نفسية وعلاج خاص.

من يقرأ في كتب التراث العربي عن حكايات مدعّي النبوة والمهدوية، بخاصة في العصر العباسي، يجد بعض الحكايات المضحكة، للدرجة التي صارت هذه القصص تُدرج ضمن كتب أخبار الحمقى والمغفّلين، مثل ذلك المدّعي للنبوة الذي جلبوه للخليفة العباسي، فقال له الخليفة: كانت معجزة موسى شقّ البحر بعصاه، وعيسى كان يشفي الأعمى والأبرص، ومحمد معجزته القرآن، فما هي معجزتك؟

فردّ عليه مدّعي النبوة: وهل تركني جنودك حتى أجلب معجزتي؟ ادّعيتُ النبّوة في الصباح وقبضتم عليّ في المساء!

غير أن الأمر لا يقف عند هذا الحدّ الظريف، فهو يتحّول أحياناً إلى قضية خطيرة وجادّة، كل الجدّ، من طرف هذا النفر من الناس؛ لأن قسماً من هؤلاء ينجح في تحشيد الأتباع، وتكوين القوة، بل الإخلال بالأمن، بل الوصول إلى السلطة فعلاً، وربما إشعال الحروب الكبرى.

قِس على مدّعي النبوة والمهدوية، مدّعي «الخلافة» في هذا العصر، أو أنه السلطان «الفاتح»، وغير ذلك من الألقاب المتكئة على خلفيات غيبية، لإضفاء هالة خاصة من الجاذبية الاستثنائية عند الجمهور.

وأجدُ أن من أحسن الحلول، غير الحلّ الأمني والقانوني والفكري، هو سلاح السخرية والهزل.

هنا أجد هذا التعليق لابن خلدون مناسباً في هذا السياق، وقد اقتبستُه من الباحث السعودي الرصين، ناصر الحزيمي، يقول ابن خلدون: «والّذي يُحتاج إليه في أمر هؤلاء؛ إما المداواة إن كانوا من أهل الجنون، وإما التّنكيل بالقتل أو الضّرب إن أحدثوا هرجاً، وإمّا إذاعة السّخرية منهم وعدّهم من جملة الصّفّاعين، وقد ينتسب بعضهم إلى الفاطميّ المُنتظر؛ إمّا بأنّه هو وإما بأنّه داعٍ له، وليس مع ذلك على علمٍ من أمر الفاطميّ ولا منْ هو، وأكثر المنتحلين لمثل هذا تجدهم موسوسين أو مجانين أو ملبّسين يطلبون بمثل هذه الدّعوة رئاسة امتلأت بها جوانحهم وعجزوا عن التّوصّل إليها بشيء من أسبابها العاديّة، فيحسبون أن هذا من الأسباب البالغة بهم إلى ما يؤمّلونه من ذلك، ولا يحسبون ما ينالهم فيه من الهلكة، فيسرع إليهم القتل بما يحدثونه من الفتنة وتسوء عاقبة مكرهم».

رحمك الله يا ابن خلدون، ليتك ترى التطّور النوعي بعدك، في أساليب وحِيل هؤلاء الذين حقّهم أن يُسخر منهم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الموسوس السياسي وعلاج ابن خلدون الموسوس السياسي وعلاج ابن خلدون



GMT 08:16 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

انتخابات النمسا وأوروبا الشعبوية

GMT 08:14 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

معضلة الدستور في سوريا

GMT 08:11 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تقاتلوا

GMT 08:10 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

سوريا بعد الأسد واستقبال الجديد

GMT 08:07 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تسييس الجوع والغذاء

GMT 08:05 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ترمب وماسك... مشعلا الحرائق

GMT 08:04 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

إيران: مواءمة قطع الأحجية الخاطئة الراهنة

GMT 08:03 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

لبنان بين إعادتين: تعويم أو تركيب السلطة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

أفضل ماركات العطور النسائية للخريف

GMT 01:24 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تذبذب أسعار الدواجن في الأسواق المصريةالخميس

GMT 21:46 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

تعرَف على جمال مدينة "دهب" جنوب سيناء

GMT 18:21 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

أهمية تناول المكملات الغذائية يومياً

GMT 10:03 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

أفكار تنسيق موديلات عبايات أسود وذهبي للمناسبات

GMT 00:30 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عطل في تطبيق جيميل Gmail والمستخدمون يلجأون لتويتر

GMT 09:01 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

ليلى طاهر تعلن اعتزالها التمثيل دون رجعة

GMT 21:32 2021 السبت ,04 أيلول / سبتمبر

أفكار لتنسيق السروال الأبيض في موسم الشتاء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon