بقلم - مشاري الذايدي
سنوات مرّت كأنها لحظات على انتفاضة الشعب المصرى بقيادة القوات المسلحة المصرية ونخب أخرى على حكم جماعة «الإخوان».
فى مثل هذا الشهر، فى يوم الثلاثين منه، كانت ثورة 30 يونيو (حزيران)، قبل 9 سنوات، هناك من يرفض حتى اليوم وصفها بحركة مصرية شعبية، وأنها مجرد انقلاب عسكرى، لكن من عاش تلك الأيام بمصر، فى القاهرة تحديدًا، وأنا شخصيًا كنت كثير الزيارة للقاهرة حينها، يرى عيانًا عمق الغضب الشعبى العام على حكم «الإخوان»، ويشعر بحرارة النار المتقدة تحت الرماد مؤذنة ببركان قريب.. وقد كان ذلك.
نعم، الجيش المصرى والمشير السيسى كانا هما الأساس فى ترجمة هذا الغضب إلى برنامج عمل جديد للحكم، لكنه كان يستند إلى رغبة مصرية عامة، أو كما قال السيسى وقتها: «تفويض» شعبى.
بالأمس، تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى عن هذه المناسبة، واصفًا لحظة 30 يونيو بأنها اللحظة التى اختار فيها المصريون المستقبل الذى يرتضونه لأبنائهم وأحفادهم.
وأضاف عن تلك الساعات الحافلات من 30 يونيو: «أصبح يومًا نتذكر فيه كيف يكون الألم عندما تأتى الخيانة من بنى وطنك، أصبح يومًا بمثابة عيد ميلاد للجمهورية الجديدة».
السؤال هو: هل تم تمحيص وتقليب أوراق تلك الأشهر العجاف من يناير (كانون الثانى) 2011 إلى يونيو 2013؟
من أوصل جماعة «الإخوان» لعرش مصر؟ من تحالف معهم من القوى «العلمانية»، ومن ساندهم من الخارج؟ والأهم ما هو برنامج الحكم الحقيقى لـ«الإخوان»، داخليًا وخارجيًا، وما هى درجة نفعه أو ضرره بمصر وبالعرب، ومنهم السعودية؟
تخيّل لو أن هبّة 30 يونيو لم تنجح، واستمر خيرت الشاطر ومحمد بديع ومحمود عزّت وغيرهم (لاحظ لم نذكر محمد مرسى) من تلاميذ سيد قطب ومصطفى مشهور، يحكمون مصر لليوم؟!.. مصر كنانة العرب، مصر بعدد سكانها الذى جاوز الـ100 مليون بملايين أخرى؟ مصر التى تحكم قناة السويس؟ مصر الأزهر ومصر التاريخ ومصر البحرين الأحمر والأبيض؟!.
لذلك، حسنًا فعلت قناة «العربية» بعمل وثائقى يبث اليوم الجمعة تحت عنوان «الصدام الأخير» لرصد العام الذى حكم فيه «الإخوان» مصر، وتقديم شهادات داخلية لقيادات مصرية فى تلك المرحلة، وتذكير الناسين أو المتناسين بمواقف عجيبة خرجت للعلن، ومنها تصريح حازم أبوإسماعيل على شاشة «العربية» نفسها حين قال: «نحن نتدرب على الذبح»، كان ذلك فى 7 أبريل (نيسان) 2013 حين حاصرت ميليشيا «حازمون» المدينة الإعلامية مهددة الإعلاميين داخلها.
نتذكر كما يقول الوزير المصرى منير فخرى عبدالنور حينها، كيف أن الاتحاد الأوروبى وأمريكا ضغطا بشراسة على القوى المدنية من أجل التعاون مع جماعة «الإخوان» خلال الشهر الأخير من حكمِ مصر. لقد نجت مصر من مكر الليل والنهار وتحالف دولى رهيب كان يريد إهداء مصر لجماعة «الإخوان» ومن يستخدم هذه الجماعة لحاجة فى نفس يعقوب، ورأينا كيف سلموا أفغانستان بالمفتاح لطالبان بكل قلب بارد!.
لكن مصر كان لها رأى مختلف.. لذلك من المهم إغناء الذاكرة وإنعاشها كل حين حتى لا يخرج لنا من يعيد الكَرّة.. بشعار جديد.