توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحمق والحمقى والحق في التحامق!

  مصر اليوم -

الحمق والحمقى والحق في التحامق

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

في مؤتمر انتخابي، قاطع رجل خطبةَ الرئيس الأميركي جو بايدن، قبل أيام، معترضاً عليه، فما كان من الرئيس بايدن إلا أن طلب من أنصاره والمنظمين عدم الإمساك بالرجل، وتركه يذهب لحال سبيله، مردّداً، عدّة مرّات، كلمة لا لا لا، ثم ختم تعليقه بجملة أعتبرها - أنا - من نوادر القول، التي أتت عفو الخاطر، حين قال: لكل شخص الحق في أن يكون أحمق! لا رغبة لي في الحديث عن الراهن السياسي الغثّ، لكن لفتتني هذه الإشارة اللطيفة للحق في الحمق، فتذكرت بعض اللطائف الرائقة في تراثنا العربي حول الحمق والحمقى، فأحببت إتحافكم بها.

عن الإمام الأوزاعي قال: بلغني أنه قيل لعيسى بن مريم عليه السلام: يا روح الله إنك تحيي الموتى؟ قال: نعم بإذن الله. قيل وتبرئ الأكمه؟ قال: نعم بإذن الله. قيل: فما دواء الحمق؟ قال: هذا الذي أعياني. جاء في كتب التراث العربي أيضاً، حكاية أكثر دلالة على شيوع الحمق، وهي: أوحى الله عز وجل إلى موسى عليه السلام بـ«ألا تغضب على الحمقى فيكثر غمّك». أما الأعمش، وهو من كبار العلماء والمحدّثين القدماء، فقد كان حادّاً في موقفه من الأحمق الكبير: إذا رأيت الشيخ ليس عنده شيء من العلم أحببت أن أصفعه!

قيل لإبراهيم النظام، وهو من مشاهير أئمة المعتزلة: ما حدّ الحمق؟ فقال: سألتني عما ليس له حدّ. قال اللغوي القديم ابن الأعرابي: الحماقة مأخوذة من حمقت السوق إذا كسدت، فكأنه كاسد العقل والرأي فلا يشاور ولا يلتفت إليه في أمر حرب. أيضاً قال ابن الأعرابي: وبها سمّي الرجل أحمق، لأنه لا يميّز كلامه من رعونته!

لكن أكثر جملة مؤلمة وصادقة قيلت عن الحمق والحمقى ما ورد عن شعبة بن الحجّاج، وهو عالم شهير من الصدر الأول للعصور الإسلامية قال: عقولنا قليلة فإذا جلسنا مع من هو أقلّ عقلاً منّا ذهب ذلك القليل، فإني لأرى الرجل يجلس مع من هو أقلّ عقلاً منه فأمقته! ويحمل ديوان الشعر العربي غرراً وحكماً وصوراً فريدة عن «أدب الحمق والحمقى»، بالمناسبة لقد ألّف العالم الحنبلي العباسي ابن الجوزي كتاباً خاصاً بعنوان «أخبار الحمقى والمغفّلين» لكن نعود للشعر. قال الشاعر الوطواط، كارهاً عقله ومادحاً فوائد الحمق:
لقد تعاقَلْتُ دهراً لا أرى فَرَجَا
ومُذْ تحامَقتُ صارَ الناسُ يُدْنُونِي
وقريب منه قال أبو العِجْل:
أيَا عاذلي في الحمقِ دعني من العَذْلِ
فإني رخيُّ البـالِ من كثرةِ الشُّغلِ
فأصبحتُ في الحمقى أميـراً مُؤمَّراً
ومَا أحـدٌ في الناس يمكنُه عزلِي
لكن الشاعر و«الشيخ» أحمد بن مشرّف في أرجوزته الشهيرة له رأي مختلف:
لا تصحبنّ الأحمقا... المائق الشمقمقَا
يضحك من غير سبب... يعجب من غير عجب!
وبعد... فيبدو أنَّ الحمق أصبح سلعة عالمية رائجة، ومربحة ليس في سوق السوشيال ميديا وجموع مشاهير الحمقى، بل حتى في سوق السياسة... أصبح للحمقى حظّ كبير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحمق والحمقى والحق في التحامق الحمق والحمقى والحق في التحامق



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon