توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فتاة ألاباما السمينة

  مصر اليوم -

فتاة ألاباما السمينة

بقلم - مشاري الذايدي

قال القدماء حكمة ما زالت فعالة اليوم، وهي: إذا زاد الشيء عن حده انقلبَ ضده.

لعلَّه يحسن استحضار هذه الحكمة ونحن نراقب هذا الهيجان المستمر منذ سنوات، هيجان آتٍ من قلاع الغرب الليبرالي، المتطرف في أفكار المساواة الجامحة، لدرجة تصل أحياناً للاعتساف والشطط الفج.

قبل أيام، تصدرت صور سارة ميليكين، عارضة الأزياء ذات الحجم الزائد، عناوين الأخبار ومواقع التواصل على السواء.

تُوّجت تلك الشابة الأميركية، البالغة من العمر 23 عاماً، والتي تعاني من السمنة المفرطة، ملكة جمال لولاية ألاباما الأميركية. من الطبيعي أن يثير الأمر الضجة؛ لأنَّه دخل على مسابقة مصممة لانتخاب أجمل فتاة، وفق معايير معينة اتفق عليها غالب الناس، والأكيد أنَّ السمنة «المفرطة» ليست من هذه المعايير.

شنَّ العديد من معلّقي الإنترنت موجة سخرية من الفتاة واللجنة والحادثة كلها، انتقد الكثيرون على مواقع التواصل لجنة التحكيم التي انتخبتها؛ ظناً منها أنَّها تشجّع على الاختلاف والتنوع، وليس تنميط الجمال.

اعتبر الناقدون، حسب خبر «العربية»، أنَّ هذا الانتخاب لصبية بهذا الحجم يرسل رسالة خاطئة إلى العديد من الشابات المراهقات، مفادها أنَّ السمنة المفرطة أمرٌ جيد يجب الترحيب به. المشكلة، كما لاحظ البعض، أنَّ هذا الاختيارَ من اللجنة «يطبع» وضعاً خاطئاً، ويروّج ثقافة ضارة صحياً، وهي السمنة المفرطة «اختيارياً» بسبب سلوكيات نابعة من الإنسان، وليست نتاج وضع مرَضيّ قاهر، خاصة في الولايات المتحدة التي تبلغ فيها معدلات عالية عالمياً، ففيها وحدها، ارتفع المعدل العالمي للسمنة بين النساء من 8.8 إلى 18.5 في المائة، وتضاعف ثلاث مرات تقريباً بين الرجال من 4.8 في المائة إلى 14.0 في المائة، بين عامي 1990 و2022، وفقاً لبحث مستمد من أكثر من 3600 دراسة.

عالمياً، ووفقاً لتقرير «العربية» السالف، هناك دراسة جديدة نُشرت في مجلة «لانسيت» العلمية المرموقة، تذكر أنَّ أكثرَ من مليار شخص في جميع أنحاء العالم يعانون من السمنة، ما يزيد من خطر الأسباب الرئيسية للوفاة، والأمراض مثل ارتفاع ضغط الدم والسرطان والسكري. ربما تكون هناك رسالة لطيفة عاطفياً وراء هذا الاختيار، لكن خلفها أيضاً آيديولوجيا عليلة أيضاً؛ وهي ضرب المعايير، بل حقائق التاريخ، مثل إقحام شخصيات من أصحاب البشرة السوداء والسمراء في قصص تاريخيّة من قلب أوروبا في القرون الوسطى وما بعدها، في زمن لم تعرف فيه أوروبا عامة الاختلاط بقوم من هؤلاء.

ومثل ذلك «فرض» حضور الشخصيات الآسيوية من الصين أو كوريا واليابان مثلاً في مثل ذلك، والآن شخصيات من الشرق الأوسط؛ هرباً من تهمة الإسلاموفوبيا. نحن هنا أمام تصرفات تبشيرية وعظية عقائدية لا علاقة لها بالفن والتاريخ والجمال.

«القبيح» في ذلك أنَّ هذا الاندفاع الأهوج يضرُّ من يريد الدفاع عنهم من حيث أراد نفعهم، إن صدَّقنا حسن نيات الفاعلين في هذه الميادين.

حين تضفي دوراً مكذوباً، أو تمنح صفة مغلوطة، لطرف معين، فإنَّك «أوتوماتيكياً» تستفز كل حجج التكذيب والتفنيد لدى الطرف الذي تريد إقناعه «بالعافية» برسالتك هذه، ومن ذلك الهجوم الشرس الذي تعرضت له الفتاة الأميركية «الغلبانة» من ولاية ألاباما!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فتاة ألاباما السمينة فتاة ألاباما السمينة



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon