بقلم - مشاري الذايدي
حادثة المجنّد المصري الشاب (محمد صلاح - 22 عاماً) التي أسفرت عن مقتله بعد قتله 3 جنود إسرائيليين على الحدود المصرية بعدما عبر الحدّ الآخر... أثارت كثيرا من المشاعر والجدل والتأويلات.
بالنسبة للجانب المصري الرسمي، فهو - حتى الآن - جندي قام بمطاردة عصابة مخدرات، توغلت داخل حدود إسرائيل، وعن طريق الخطأ جرى إطلاق النار على حرس الحدود الإسرائيلي.
بالنسبة لإسرائيل ثمّة تلميحات بأنَّ الشاب صلاح فعل فعلته عن عمد وسابق تخطيط، هناك تعهد من نتنياهو، رئيس الحكومة، بمتابعة التحقيق «لآخر الطريق».
بالنسبة لأصدقاء الشاب صلاح، فهو مجرّد شاب مصري عادي بسيط، غير مسيَّس ولا منتم لتيار حزبي، والأمر بالنسبة لهم كما قالت الرواية الرسمية الأولية.
أما بالنسبة لقطاع عريض من النشطاء المصريين و«المناضلين» العرب - عن بعد - فهو بطل مصري عظيم وأيقونة من أيقونات الصمود والتصدّي، فهو (سليمان خاطر) جديد، و(ناصر إبراهيم) جديد، الأول عنصر من الأمن المركزي المصري قتل مجموعة مع الإسرائيليين، بينهم أطفال، وضابط مصري، في أكتوبر (تشرين الأول) 1985، فيما عرف بحادثة رأس برقة بنويبع... والثاني مجنّد أردني قتل إسرائيليين في ديسمبر (كانون الأول) 2012.
الجندي المصري (خاطر) وزميله الأردني تحوَّلا، خاصة خاطر، إلى «شهداء» أبطال، يجب على بقية حرس الحدود وكل العسكر في مصر والأردن (لم يأت ذكر سوريا وهي حدودية أيضاً) الاقتداء بهم.
بالعودة إلى القصة الجديدة، قصة المجند المصري الشاب صلاح، ابن محافظة القليوبية، فإن محمود رضا، أحد جيران المجند، بمنطقة عين شمس البسيطة في القاهرة، قال لـ«الشرق الأوسط»، إنَّه التقى المجند محمد صلاح منذ فترة قريبة خلال إجازته الأخيرة، مؤكداً أنَّه كان طبيعياً للغاية، لافتاً إلى أنَّ جاره كان متخوفاً في بداية خدمته من الموت بحكم طبيعة المنطقة الحدودية.
أمَّا محمد عبده، وهو أحد أصدقاء المجند وزميل دراسته، فأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أنَّ صلاح بعيد عن أي ادعاءات إسرائيلية بالتشدد، وليس له أي انتماءات دينية أو سياسية.
لا ندري عن الرواية النهائية، من الوارد أن يكون الشاب الصغير جرى تجنيده عن بعد لتنفيذ العملية، ومن الوارد أنَّه فعلاً مجرد «حادث غير متعمّد»، لكن الشاهد هنا هو التحّفز من وسائل إعلام عربية، تملكها دول تدّعي أنَّها من أنصار حل السلام مع إسرائيل، بل ولها علاقات «مبكّرة» مع إسرائيل، وفي الوقت نفسه تدفع دفعاً باتجاه إثارة حرب، أو على الأقل توتر عسكري بين مصر وإسرائيل، وهم يتفرّجون عن بعد على نتائج هذا التحريض.
هل تريدون الحرب مع إسرائيل «المحتلة الغازية الظالمة»؟ أقصد المحرّضين داخل وخارج مصر، لا تطلبوا إذن اقتصاداً وتنمية ورخاءً. اطلبوا العرق والدموع والدماء... فقط.