توقيت القاهرة المحلي 10:30:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ألغاز حرب غزة!

  مصر اليوم -

ألغاز حرب غزة

بقلم - عبد المنعم سعيد

ينبغي الاعتراف بأن هناك حالة من الذهول والعجب تنتاب العالم والمنطقة منذ نشبت حرب غزة الخامسة التي بدأت على غير اتفاق ابتداءً من 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. المفاجأة التي جرت في ذلك اليوم تشكل سبباً بالتأكيد؛ وما شهده تطور الأحداث بعد ذلك من عنف وقسوة وحرب إبادة شنّتها إسرائيل على الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية يضيف إلى الدهشة. ولكن مع مسار الأحداث ظلَّلت مرور الزمن حفنة من الألغاز غير المفهومة وصعبة الحل حارَ بشأنها المراقبون والمحللون. توقيت بدء الحرب خلق تلك الازدواجية في تقديرها؛ إذ رأى الإسرائيليون أن ما حدث في ذلك اليوم في غلاف غزة هو بداية التاريخ الذي يستعيد ذكريات «المحرقة»؛ ومع انهيار الردع فإنه يدفع في اتجاه استعادته. على الجانب الآخر الفلسطيني فإن ما جرى في ذلك اليوم كان محصلة عقود طويلة من الاحتلال والاستيطان والعيش في سجن أقاليم مفتوحة ومعاملة بشر لهم درجات منخفضة في الترتيب الإنساني. ولكنَّ ذلك لا يخلق لغزاً وإنما يشير إلى حالة من التناقض الحاد والمصيري ما بين جماعتين حدث أن إحداهما تشكّل دولة مسلحة بأكثر الأسلحة تقدماً مع عون الدولة العظمى في العالم -الولايات المتحدة الأميركية- والشبق الأوروبي من أجل التخلص من عقدة ذنب «المسألة اليهودية الإسرائيلية». أما الأخرى فتمثل آخر شعوب العالم التي لم يتحقق لها وجود الدولة على مساحة يعيش فيها في الحاضر بين الضفة والقطاع، ولكن التاريخ يشهد على وجودٍ يعود إلى آلاف السنين.

اللغز الأول الذي ربما يفسر الكثير من المساحات الغامضة في الصراع الآن، يتعلق بالدور الإيراني في الأزمة كلها الذي يعود بها إلى آفاقها الدولية، حيث النزاع بين إيران من ناحية والولايات المتحدة وبقية دول العالم الكبرى حول امتلاك إيران السلاح النووي. قصة ذلك طويلة، ولكنها تراوحت بين الاتفاق النووي على مقايضة السلاح بإنهاء العقوبات على طهران في وقت أوباما، ثم فض الاتفاق في زمن ترمب، ومحاولة استئنافه في عصر بايدن. «أوركسترا» الحرب الجارية تشير إلى وجود «مايسترو» يدير المعارك على مسارح متنوعة، في القلب منها بالطبع مسرح عمليات غزة في مراحله المختلفة، ولكنَّ ذلك لا يمنع من أدوار أخرى يأتي عدد منها في شمال فلسطين، حيث المعارك اليومية منذ بداية حرب غزة بين «حزب الله» وإسرائيل؛ والغارات التي تُشنّها قوات «الحشد الشعبي» على القواعد الأميركية في سوريا والعراق والأردن؛ وليس بعيداً عن كل ذلك دخول جماعة الحوثيين اليمنية إلى الحرب من خلال قصف السفن التجارية في البحر الأحمر.

الدور الإيراني يعطي تفسيراً ليس فقط لبداية الحرب التي جاءت في توقيت دخول المنطقة مرحلة جديدة من التطبيع العربي مع إسرائيل مع وضع «القضية الفلسطينية» على طريق التسوية بحل الدولتين، بل أكثر من ذلك فإنه يفسر امتداد فترة الحرب مقارنةً بحروب سابقة، ورغم ضراوتها فإن الجبهات المختلفة لا يبدو عليها أن لديها نقصاً في السلاح ولا الذخائر ولا الصواريخ بعيارات وأنواع مختلفة.

اللغز الثاني يتمثل في العلاقات الأميركية - الإسرائيلية التي لا تبدو للكثيرين غير مفهومة؛ فبعد المشهد الأول المعبّر عن العلاقات الطبيعية بين الطرفين حينما قفز بايدن وأركان إدارته إلى إسرائيل فور هجمة 7 أكتوبر، مصطحبين اثنتين من حاملات الطائرات عالية القدرة وغواصة نووية وثلاثة آلاف من جنود البحرية، وفوق ذلك وعداً مباشراً بتقديم ما يزيد على 14 مليار دولار معونةً مباشرةً. بدا الأمر كأنه حالة طبيعية تشهد على القدرة التاريخية للوبي اليهودي في الولايات المتحدة؛ والعشق المألوف للنخبة الأميركية للدولة اليهودية. ولكن مع الوقت أصبحت العلاقة أكثر تعقيداً مما بدأت عليه، إذ عبَّرت الولايات المتحدة عن عدم رضاها عن الحملة العسكرية الإسرائيلية ومنافاتها القوانين الدولية الإنسانية. وتبع ذلك القفز مباشرةً إلى الحديث عن «اليوم التالي» بحيث يقوم على حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة. أصبح هناك فارق في اللغة والخطاب والأهداف رغم أن الأسلحة التي تقتل الفلسطينيين قد استمرت في التدفق، ومعها رصدت واشنطن 26 ملياراً إضافية؛ وفي جانب آخر قيَّدت شحنة من الذخيرة دقيقة الانفجار والإصابة للأهداف. وما بين تأييد الموقف الإسرائيلي في كل المحافل الدولية، والامتناع عن التصويت وتأكيد حق الفلسطينيين في دولة، يكاد يكون هناك إجماع إسرائيلي على رفضها، يوجد لغز في العلاقات خصوصاً بعد انفجار الجامعات الأميركية بالتأييد للفلسطينيين في وقت يقترب فيه موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.

اللغز الثالث يدور حول السؤال: ماذا سيفعل الفلسطينيون في غزة؟ ومصدر السؤال والحيرة فيه أن الحرب مع إسرائيل لا تلغي تاريخ ما جرى في السلطة السياسية الفلسطينية التي كانت فيها منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في المحافل الدولية، ولكن خلال عقدين تقريباً سيطرت وهيمنت «حماس» على القطاع ومنعت ممارسة ممثلي السلطة الوطنية الفلسطينية أعمالهم على غزة. فـ«حماس» مارست دور السلطة الفلسطينية في اتخاذ قرارات الحرب والسلام والعلاقات الخارجية مع إسرائيل وتركيا وإيران وقطر. وفي الحقيقة ولفترة غير قصيرة كانت «حماس» وما زالت هي القوة الوحيدة المسلحة في القطاع التي تقود حفنة من التنظيمات الأخرى التي يجمعها رفض الحلول السلمية، والعلاقات مع إيران، وكراهية السلطة في رام الله بالطبع. العالم حالياً يُلحُّ على السلطة الفلسطينية والدول العربية للبحث عن طريقة حكم لغزة إذا ما قُدِّر لوقف إطلاق النار أن يحدث ويصبح «اليوم التالي» هو «اليوم الحالي»، وإلا فإن الحل الإسرائيلي القائم على استدامة الاحتلال سيظل قائماً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ألغاز حرب غزة ألغاز حرب غزة



GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

GMT 22:47 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حرب القرن

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:01 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024
  مصر اليوم - ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام
  مصر اليوم - البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 09:49 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل
  مصر اليوم - طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل

GMT 09:41 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

رسالة أصالة لجمهورها قبل حفلها في سلطنة عُمان
  مصر اليوم - رسالة أصالة لجمهورها قبل حفلها في سلطنة عُمان

GMT 07:26 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

بوريل يدعو لإجراء تحقيق شامل حول انتهاكات إنسانية في غزة
  مصر اليوم - بوريل يدعو لإجراء تحقيق شامل حول انتهاكات إنسانية في غزة

GMT 20:41 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الفيشاوي ينفي تغيير كلمات أغنية "نمبر 2"

GMT 18:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة جونيور أجاي فى نهاية تمرين الأهلي وفحص طبي غدًا

GMT 06:30 2020 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 26تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:09 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

محمد هنيدي يكشف حقيقة سخريته من الراقصة البرازيلية لورديانا

GMT 17:50 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أهم وأبرز إهتمامات الصحف الليبية الصادرة الثلاثاء

GMT 05:52 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

محمد حماقي ينعى الشيخ صالح كامل

GMT 23:14 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

أسعار الحديد في مصر اليوم السبت
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon