توقيت القاهرة المحلي 08:18:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التنمية تحت نار الأزمات!

  مصر اليوم -

التنمية تحت نار الأزمات

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

السرد السريع لتاريخ التنمية المصرية المعاصرة يبدأ مع ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، التى بعدها مباشرة بدأ المشروع الوطنى بعام تحقيق الاستقرار السياسى من خلال خريطة الطريق مع هزيمة تنظيم الإخوان، وتلتها مرحلة أخرى من ثورة تنموية قادتها رؤية تفصيلية، ممثلة فى «مصر ٢٠٣٠». وعلى مدى سبع سنوات، والسنة الثامنة الحالية، خاضت مصر من ناحية حربًا ضد الإرهاب، وسلاسل من الأزمات الإقليمية والعالمية تُوِّجت بأزمة «كوفيد- ١٩»، وحاليًا أُضيفت إليها أزمة دولية كبرى تمثلت فى الغزو الروسى لأوكرانيا وما تلاه من تبعات دولية وعالمية. جرَت التنمية المصرية تحت نار أزمات ترتبت عليها درجات كبيرة من عدم اليقين، واختُبرت فيها الإرادة المصرية وخرجت منها مرفوعة الرأس باقتحام مشكلات ومعضلات لم تُقتحم من قبل، وتحقيق معدلات نمو إيجابية، حتى فى وقت احتدام الأزمات، وفى كل الأحوال فإن التقدم المصرى بات مبشرًا أنه مع عام ٢٠٣٠ سوف تكون مصر دولة غير الدولة التى عرفتها الأجيال السابقة فى مصر. تفاصيل ذلك ليس مكانها هنا، ولكن مشاهده حاضرة وظاهرة فى كافة أركان المعمور المصرى متزايد الاتساع، وفى مجموعها تثبت قدرة مصرية على التعامل مع مواقف صعبة، ومنها تلك التى نواجهها الآن فى الأزمة الحالية النابعة من موقف دولى متأزم؛ والاستعداد المصرى لاتخاذ قرارات شجاعة مالية ونقدية واقتصادية فى العموم إذا ما حتّمتها أقدار لحظة عالمية لا توجد معظم خيوطها فى أيادينا.
كل ذلك يُحتِّم أولًا: التعلم من دروس المرحلة السابقة، التى يثبت فيها أنه لا يمكن مغالبة قوانين العرض والطلب أو الالتفاف حولها بإجراءات تكسب بعض الزمن، ولكنها لا تمنع لحظة المفاجأة الآتية مع أزمة دولية ليس لنا فيها ناقة ولا جمل. ثبات سعر الجنيه المصرى بالطريقة التى كان عليها قبل التصحيحات الأخيرة، التى عادت بالسوق إلى منابعها الاقتصادية الأصلية، لم يكن متطابقًا مع الواقع الاقتصادى، ولا متمتعًا بالمرونة التى تجعل السعر أكثر قدرة على التكيف والتغيير بمقادير تستطيع السوق الاقتصادية أن تستوعبها وتعتاد عليها. وثانيًا: أصبح باديًا ومُلِحًّا أنه بعد الثورات الكبرى فى إنشاء البنية الأساسية والمدن الجديدة وتحضير أقاليم مصر المختلفة؛ آن الأوان لتحقيق التراكم الرأسمالى للدولة من خلال استثمارات منتجة للدولار. وللحق، فإن لدينا بعض البشرى فيما حدث من قفزة فى الصادرات المصرية غير البترول والغاز، وارتفاع ثقة المصريين العاملين فى الخارج فى الاقتصاد المصرى، إلى درجة تحويل أكثر من ٣١ مليار دولار خلال العام الماضى؛ ولكن ذلك مع الظروف الدولية يُحتم تحقيق ما هو أكثر، ممثلًا فى الإسراع بتحقيق هدف ١٠٠ مليار دولار صادرات. مثل ذلك لا يتأتى إلا من خلال المزيد من المشروعات الاستثمارية، التى ترفع من سقف الاستفادة المثلى للمشروعات التى جرى إنشاؤها بالفعل، ولكنها تحتاج إلى خلق أسواق ورفع القدرة على التسويق، وكلاهما يفرض الاستعانة بالخبرة الدولية فى هذا المجال.

حجر الزاوية فى كل ما تقدم هو أن مصر لديها بالفعل ثروات طائلة يزيد من قيمتها ما تحقق من بنية أساسية كبيرة وواسعة وشاملة لكل أرجاء المعمور المصرى؛ وربما يكون أهم ثرواتها سوقها الواسعة، ممثلة فى ١٠٣ ملايين نسمة، فضلًا عن السوق الإقليمية، التى لا تقل اتساعًا، وخاصة فى دول الجوار القريب. لقد كان تخطيط الحدود البحرية بين مصر وكل من قبرص واليونان سببًا فى إنشاء قاعدة للتعاون الإقليمى، تمثل فيها مصر مركزًا للطاقة، وخاصة الغاز، وهذا أسهم فى تخفيف آثار الأزمة الراهنة بما نُصدره من غاز عبر أنابيب وعبر الموانئ المصرية بعد التسييل. ولكن نتائج تخطيط الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية لم تأتِ بعد فى إنشاء إطار للتعاون الإقليمى فى شمال البحر الأحمر مماثلًا لمنتدى شرق البحر المتوسط. توسيع الإطار الإقليمى لا يوسع السوق أمام المنتجات المصرية فقط، وإنما أكثر من ذلك يمكنه أن يحل معضلات قطاعات قوية فى الاقتصاد المصرى، ممثلة فى السياحة، التى ما إن تخرج من أزمة عالمية أو دولية حتى تقع فى أخرى. ورغم الحساسية الكبيرة لهذا القطاع للتطورات الدولية والإقليمية، فإنه من ناحية أخرى مُولِّد سريع للعملات الصعبة، التى ينفقها السائحون فور تقديم الخدمة السياحية. وباختصار، فإن الموقع «الجيو اقتصادى» لمصر يعطيها الكثير، فى إطار الإقليم والعالم أيضًا، خاصة بما فيها من شواطئ، وما جاءها من منح أجدادنا العظام بإطلالهم علينا من معابد ومقابر فى قلب القرن الواحد والعشرين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التنمية تحت نار الأزمات التنمية تحت نار الأزمات



GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

GMT 22:47 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حرب القرن

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:01 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024
  مصر اليوم - ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام
  مصر اليوم - البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 09:49 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل
  مصر اليوم - طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل
  مصر اليوم - بدء اختبار أول لقاح في العالم ضد عدوى نوروفيروس بتقنية mRNA

GMT 22:40 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

روبي و نيللي كريم معًا في رمضان 2025 بـ«ناقص ضلع»
  مصر اليوم - روبي و نيللي كريم معًا في رمضان 2025 بـ«ناقص ضلع»

GMT 07:26 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

بوريل يدعو لإجراء تحقيق شامل حول انتهاكات إنسانية في غزة
  مصر اليوم - بوريل يدعو لإجراء تحقيق شامل حول انتهاكات إنسانية في غزة

GMT 20:41 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الفيشاوي ينفي تغيير كلمات أغنية "نمبر 2"

GMT 18:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة جونيور أجاي فى نهاية تمرين الأهلي وفحص طبي غدًا

GMT 06:30 2020 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 26تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:09 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

محمد هنيدي يكشف حقيقة سخريته من الراقصة البرازيلية لورديانا

GMT 17:50 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أهم وأبرز إهتمامات الصحف الليبية الصادرة الثلاثاء

GMT 05:52 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

محمد حماقي ينعى الشيخ صالح كامل

GMT 23:14 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

أسعار الحديد في مصر اليوم السبت
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon