توقيت القاهرة المحلي 20:34:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التنمية تحت نار الأزمات!

  مصر اليوم -

التنمية تحت نار الأزمات

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

السرد السريع لتاريخ التنمية المصرية المعاصرة يبدأ مع ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، التى بعدها مباشرة بدأ المشروع الوطنى بعام تحقيق الاستقرار السياسى من خلال خريطة الطريق مع هزيمة تنظيم الإخوان، وتلتها مرحلة أخرى من ثورة تنموية قادتها رؤية تفصيلية، ممثلة فى «مصر ٢٠٣٠». وعلى مدى سبع سنوات، والسنة الثامنة الحالية، خاضت مصر من ناحية حربًا ضد الإرهاب، وسلاسل من الأزمات الإقليمية والعالمية تُوِّجت بأزمة «كوفيد- ١٩»، وحاليًا أُضيفت إليها أزمة دولية كبرى تمثلت فى الغزو الروسى لأوكرانيا وما تلاه من تبعات دولية وعالمية. جرَت التنمية المصرية تحت نار أزمات ترتبت عليها درجات كبيرة من عدم اليقين، واختُبرت فيها الإرادة المصرية وخرجت منها مرفوعة الرأس باقتحام مشكلات ومعضلات لم تُقتحم من قبل، وتحقيق معدلات نمو إيجابية، حتى فى وقت احتدام الأزمات، وفى كل الأحوال فإن التقدم المصرى بات مبشرًا أنه مع عام ٢٠٣٠ سوف تكون مصر دولة غير الدولة التى عرفتها الأجيال السابقة فى مصر. تفاصيل ذلك ليس مكانها هنا، ولكن مشاهده حاضرة وظاهرة فى كافة أركان المعمور المصرى متزايد الاتساع، وفى مجموعها تثبت قدرة مصرية على التعامل مع مواقف صعبة، ومنها تلك التى نواجهها الآن فى الأزمة الحالية النابعة من موقف دولى متأزم؛ والاستعداد المصرى لاتخاذ قرارات شجاعة مالية ونقدية واقتصادية فى العموم إذا ما حتّمتها أقدار لحظة عالمية لا توجد معظم خيوطها فى أيادينا.
كل ذلك يُحتِّم أولًا: التعلم من دروس المرحلة السابقة، التى يثبت فيها أنه لا يمكن مغالبة قوانين العرض والطلب أو الالتفاف حولها بإجراءات تكسب بعض الزمن، ولكنها لا تمنع لحظة المفاجأة الآتية مع أزمة دولية ليس لنا فيها ناقة ولا جمل. ثبات سعر الجنيه المصرى بالطريقة التى كان عليها قبل التصحيحات الأخيرة، التى عادت بالسوق إلى منابعها الاقتصادية الأصلية، لم يكن متطابقًا مع الواقع الاقتصادى، ولا متمتعًا بالمرونة التى تجعل السعر أكثر قدرة على التكيف والتغيير بمقادير تستطيع السوق الاقتصادية أن تستوعبها وتعتاد عليها. وثانيًا: أصبح باديًا ومُلِحًّا أنه بعد الثورات الكبرى فى إنشاء البنية الأساسية والمدن الجديدة وتحضير أقاليم مصر المختلفة؛ آن الأوان لتحقيق التراكم الرأسمالى للدولة من خلال استثمارات منتجة للدولار. وللحق، فإن لدينا بعض البشرى فيما حدث من قفزة فى الصادرات المصرية غير البترول والغاز، وارتفاع ثقة المصريين العاملين فى الخارج فى الاقتصاد المصرى، إلى درجة تحويل أكثر من ٣١ مليار دولار خلال العام الماضى؛ ولكن ذلك مع الظروف الدولية يُحتم تحقيق ما هو أكثر، ممثلًا فى الإسراع بتحقيق هدف ١٠٠ مليار دولار صادرات. مثل ذلك لا يتأتى إلا من خلال المزيد من المشروعات الاستثمارية، التى ترفع من سقف الاستفادة المثلى للمشروعات التى جرى إنشاؤها بالفعل، ولكنها تحتاج إلى خلق أسواق ورفع القدرة على التسويق، وكلاهما يفرض الاستعانة بالخبرة الدولية فى هذا المجال.

حجر الزاوية فى كل ما تقدم هو أن مصر لديها بالفعل ثروات طائلة يزيد من قيمتها ما تحقق من بنية أساسية كبيرة وواسعة وشاملة لكل أرجاء المعمور المصرى؛ وربما يكون أهم ثرواتها سوقها الواسعة، ممثلة فى ١٠٣ ملايين نسمة، فضلًا عن السوق الإقليمية، التى لا تقل اتساعًا، وخاصة فى دول الجوار القريب. لقد كان تخطيط الحدود البحرية بين مصر وكل من قبرص واليونان سببًا فى إنشاء قاعدة للتعاون الإقليمى، تمثل فيها مصر مركزًا للطاقة، وخاصة الغاز، وهذا أسهم فى تخفيف آثار الأزمة الراهنة بما نُصدره من غاز عبر أنابيب وعبر الموانئ المصرية بعد التسييل. ولكن نتائج تخطيط الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية لم تأتِ بعد فى إنشاء إطار للتعاون الإقليمى فى شمال البحر الأحمر مماثلًا لمنتدى شرق البحر المتوسط. توسيع الإطار الإقليمى لا يوسع السوق أمام المنتجات المصرية فقط، وإنما أكثر من ذلك يمكنه أن يحل معضلات قطاعات قوية فى الاقتصاد المصرى، ممثلة فى السياحة، التى ما إن تخرج من أزمة عالمية أو دولية حتى تقع فى أخرى. ورغم الحساسية الكبيرة لهذا القطاع للتطورات الدولية والإقليمية، فإنه من ناحية أخرى مُولِّد سريع للعملات الصعبة، التى ينفقها السائحون فور تقديم الخدمة السياحية. وباختصار، فإن الموقع «الجيو اقتصادى» لمصر يعطيها الكثير، فى إطار الإقليم والعالم أيضًا، خاصة بما فيها من شواطئ، وما جاءها من منح أجدادنا العظام بإطلالهم علينا من معابد ومقابر فى قلب القرن الواحد والعشرين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التنمية تحت نار الأزمات التنمية تحت نار الأزمات



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 19:23 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
  مصر اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 10:53 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مدبولي يترأس اجتماع المجموعة الوزارية الاقتصادية

GMT 00:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الأمير ويليام يكشف عن أسوأ هدية اشتراها لكيت ميدلتون

GMT 13:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

شام الذهبي تعبر عن فخرها بوالدتها ومواقفها الوطنية

GMT 01:05 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النيابة العامة تُغلق ملف وفاة أحمد رفعت وتوضح أسباب الحادث

GMT 15:39 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

"المركزي المصري" يتيح التحويل اللحظي للمصريين بالخارج

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الزمالك يتأهل لربع نهائي دوري مرتبط السلة علي حساب الزهور

GMT 10:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز اتجاهات الديكور التي ستكون رائجة في عام 2025

GMT 22:30 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

5 قواعد لإتيكيت الخطوبة

GMT 14:43 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

أحمد مالك وطه دسوقي يجتمعان في "ولاد الشمس" رمضان 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon